استقبلت قاعة العروض بالمركب الثقافي بالناظور بتاريخ 27 أكتوبر 2007 عملا مسرحيا بالأمازيغية لجمعية ′′أسّام′′ للمسرح تحت عنوان ′′ ثازيري ثاميري′′ (القمر العاشق) لمخرجها فاروق أزنابط ومؤلفها بنعيسى المستيري وتشخيص كل من: فهد بوثكنتار وفاء مراس مصطفى الزروالي مريم السالمي الطيب المعاش ميمون بوقرصو بنعيسى المستيري ماسين أزنابط فاروق أزنابط.. وقد شاهد هذا العرض المدعم من قبل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ما يفوق 400 شخص ممثلة لمختلف الشرائح العمرية لساكنة المدينة التي أرسلت إشارة ثقافية قوية بحضورها الكثيف لأوّل عرض مسرحي يقام بالفضاء الثقافي/المسرحي الجديد للناظور. تدور أحداث مسرحية ′′ثازيري ثاميري′′ ضمن فضاء قروي ممثل للبيئة الريفية إبان الحرب الأهلية الإسبانية (17 يوليو 1936 حتى 1 أبريل 1939) متناولة قصّة عاشقين (مزيان وثرايثماس) قرّرا؛ بعد هيام كلّ واحد منهما بالأخر، عقد قرانهما، إلاّ أن القحط وانتشار الجوع دفع بالعاشق إلى التجنّد ضمن الجنود المتوجهين إلى الجبهة الإسبانية بهدف مقاتلة الجوع وجنود الفيالق الأخرى وتحصيل مال كفيل بضمان زواجه من محبوبته، وقد تمّ تأثيث الخشبة فيزيائيا بخلفية تشكيلية مثلت منظرا طبيعيا لمنطقة من الريف المغربي حيت تمّ تشكيل تلّتين على مستوى القطبين الأيسر والأيمن من الخلفية، و يخترق المساحة البينية لهما طريق معبّد و مسيّج بألواح خشبية فيما تمّ رسم أشجار على لتلّين، ومخزن تقليدي للتبن، وحجر موجود على المسلك الأيمن من بداية الطريق يتضمّن بلون أحمر قاني حرف ′′ياز′′ من تيفناغ (المقابل لحرف الزاي من اللغة العربية الفصحى) المتخذ كرمز للثقافة الأمازيغية!!! أما سطح الخشبة، فقد ضمّ مجسّم مخزن تبن ثقليدي، إضافة إلى فرن طيني يكسوه سواد دخان، ومجسم شجرة صبار وآخر لشجرة، في حين نصب منزلان يمين ويسار الخشبة؛ أحدهما وضع كاملا والآخر اكتُفي بإبراز سياجه الحجري الخارجي، وذلك في حشو مساحاتي لم يوفّر للّعب سوى مساحة صغيرة لا تسع عدد الممثلين. من الناحية الإخراجية كرّر المخرج فاروق أزنابط نفسه باعتماده على نفس المنظور الكلاسيكي الواقعي الذي ألف العمل به في كامل كمّ أعماله السالفة ، حيت اعتمد على نمط مسرح الصالون بتشكيله لمجلس أمام بيت الشيخ امحند إضافة إلى ارتكازه على التقاطعات المتكرّرة والمجانية للممثلين الذين كان ينبغي أيضا إعادة النظر في توزيع أدوارهم بمنح دور ثرايثماس إلى يافعة بدل الممثلة وفاء مراس نتيجة ظهور إمارات المجهود عليها وهي تحاول تصنع الخفة بجسدها الذي تثاقل وكذا البحث عمّن يؤدي دور علال لممثل غير المؤلف بنعيسى المستيري الذي عجز عن الإقناع.. ، ولا يتمثّل تكرار المخرج لنفسه في ذلك فقط بل يتعدّاه إلى كون التيمة المتناولة من خلال التركيب الوجداني التاريخي للعب المسرحي الحالي هما نفسهما التيمة والتركيب لمسرحية سابقة لنفس المخرج وهي ′′أرياز ن وارغ′′ (رجُل من ذهب) من ناحية بناء الشخصيات والعلاقات الرابطة بينهم (مثلا: مزيان/محبوبته = عمرو/محبوبته) وكذا جانب السينوغرافيا المادية حيث شكّل التأثيث الركحي نسخة من مسرحية (رجل من ذهب) الحاصلة (مناصفة) على الجائزة الوطنية للفنون صنف المسرح الأمازيغي برسم سنة 2004. ولم ينتبه المخرج ، في بادرة مشينة، إلى وقوعه في التناقضات المنطقية الكبرى، حيث اعتمد على محيلات على وفرة الخير (اخضرار خزين التبن اتساخ الفرن بسواد الدخان الطريّ..) في حين يتحدّث النصّ عن جفاف قاتل وانتشار مجاعة فاتكة، زيادة على توظيفه المجاني لشخصية طفل أبكم/أصمّ شرع في الرقص بسماعه للموسيقى وتوقف عن ذلك بتوقفها مع استحضار دفّ عصري بعلامة بارزة لشركة معروفة واستعمال شجرة غريبة عن فضاء منطقة الريف المغربي.. ، أضف إلى ما سبق غياب اعتبارات العامل الزمني عن العرض في إهمال سافر لأبسط القواعد الإخراجية، حيث نجد أن زمن الحكي في مسرحية ′′ ثازيري ثاميري′′ (القمر العاشق) يمتدّ على مدى سنوات محدودة من 1936 إلى 1939 في حين أن الملابس لم تتغير قطّ شأنها في ذلك شأن الخلفية الثابتة ومخزن التبن ومظهر الطفل الذي توقف نموّه.. فيبدو لك المخرج فاروق أزنابط وهو ينهي العرض بخطاب تمجيدي وأناني لمنجزاته غافلا عن أبسط المقوّمات الجمالية التي ينبغي أن تتوفّر في عرض مسرحي يحترم نفسه والجمهور حيث لم يدّخر وسعا في وأد مجهودات ممثلين أكفاء في عرض مسرحي قد يلاقي (بشكله الحالي) أيّ شيء إلاّ النجاح.