نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية "مدى" بشراكة مع الجمعية المغربية للبحث في الإدارة المحلية والتنمية وكلية الحقوق سطات يوما دراسيا بقاعة الاجتماعات كلية الحقوق سطات الخميس 21 يناير2010 حول موضوع: " حقوق الإنسان وسؤل المواطنة "، وتطرق اللقاء إلى الإطار التاريخي والقانوني للمواطنة انطلاقا من علاقتها الوثيقة بمجموعة من المفاهيم: حقوق الإنسان - الشغل - التعليم - التنمية البشرية - الثقافة المحلية - المجتمع المدني- الديموقراطية - المؤسسات المالية - السياسات الاجتماعية ، وكذا الوسائل التي تستعمل لتحقيق الغايات المنشودة وذلك من خلال محوريين اثنين: المحور الأول: محاولة في التأصيل الفقهي والقانوني للمواطنة، والمحور الثاني: المواطنة وحقوق الإنسان. ومما جاء في الورقة التعريفية لموضوع اليوم الدراسي أن المواطنة أضحت اليوم كخطاب وممارسة تسترعي اهتمام الباحثين نظرا لما تشكله من مبادئ وقيم تساهم في تخليق الحياة العامة و لعلاقتها الوطيدة بمجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى كونها اليوم من مواضيع الساعة الواسعة التداول. إن مفهوم المواطنة ليس حديثا بل إنه قديم يرجع إلى عصور قديمة مثل اليونانية والرومانية، وقد تطور بشكل مستمر، إلا أنه تراجع بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، وفي فترة الإقطاع وحتى نهاية العصور الوسطى والتي امتدت مابين 300 حتى 1300 م ، وبعد ذلك تأثر بحدثين هامين هما إعلان استقلال الولاياتالمتحدة في عام 1786 ،والمبادئ التي جاءت بها الثورة الفرنسية في عام 1789 فكانا نقطة تحول تاريخية في مفهوم المواطنة . إذن فالمواطنة بشكل بسيط وبدون تعقيد هي انتماء الإنسان إلى بقعة أرض، يستقر بها بشكل ثابت داخل الدولة أو يحمل جنسيتها ويكون مشاركا في الحكم ويخضع للقوانين الصادرة عنها ويتمتع بشكل متساو مع بقية المواطنين بمجموعة من الحقوق ويلتزم بأداء جملة من الواجبات تجاه الدولة التي ينتمي لها . ولكن هل يولد الإنسان مواطنا؟ ومتى يصبح الفرد كذلك مواطنا حقيقيا؟ وهكذا فالعنصر الأساسي في مفهوم المواطنة هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون تربية مواطناتية، من هنا نستنتج بأنها روح الديمقراطية فقبل أن نتكلم عن هذه الأخيرة يجب أن نعي حقيقة المواطنة التي هي القلب النابض لمفهوم الديمقراطية، من هنا ضرورة التطرق إلى حقوق وواجبات المواطن في الدولة التي ينتمي إليها وأيضا المبادئ الأساسية لمفهوم المواطنة في دولة ديمقراطية. ومن هنا جاءت دراسة المواطنة كموضوع ليوم دراسي، هذا الذي يعتبر في حد ذاته حقلا معرفيا من خلال حضوره. كخلاصة تأمل ونقاش يمكن تجسيدها في العديد من الإشكالات والتساؤلات التي تم طرحها ومقاربتها بمختلف العلاقات الطردية والتوصيفية بإعتماد جملة من المفاهيم وكذا بتبني مناهج فلسفية وتاريخية واجتماعية فسؤال المواطنة هو سؤال النحن والآخر، سؤال الثقافة والانتماء، سؤال المواطنة والانتساب الثقافي وفق ماتنبني عليه العلاقة الطردية بين التفكير والوجود الديكارتي وإن كان هذا الأخير ينصص على وجوده بالتفكير ويلغيه في غيابه وإن كان أيضا يسعى في وقته إلى بناء عالم مثالي لا تنطبق عليه لا معطيات ولا خصائص هذا العصر، إذ التفكير في ارتباط بالهوية الثقافية لا يعني المواطن بشكل من الأشكال إن كان يرى من منظوره أن حقوقه مغيبة ومهضومة، ومن هنا يحق طرح السؤال فإلى أي مدى استطاعت الدولة بمؤسساتها وبرامجها أن تحمي الانتماء الثقافي في ظل غياب الأسس الطبيعية للإحساس بالمواطنة؟وهل يساهم المواطن من جانبه في حماية حقوقه وواجباته ؟ وكيف يحافظ المواطن على انتمائه الثقافي والحضاري في ظل وضع اجتماعي تختل معادلته؟ وكيف نفسر عزوف المواطن عن التصويت في الانتخابات؟ أسئلة وغيرها يطرحها واقع الحال كما يطرحها الانتماء إلى الوطن وضمان حق الوجود الفعلي فيه بكل ماتحمله الكلمة من معنى ، أسئلة كانت مدار بحث هذا اليوم الدراسي الذي سجل حضور جملة من الأساتذة والمتدخلين و ختم على إيقاع الإشكالات ليبقى سؤال المواطنة يطرح نفسه بإلحاح ويحتاج لمزيد من الندوات واللقاءات.لأن المواطنة ليست مفهوما مجردا بل هي مجموعة من الإواليات والمفاهيم التي يتم الإشتغال عليها على جميع الأصعدة والمجالات ووفق مختلف السياقات.