كم من عزيز قوم ذلّ .... وكم من ناسك في الحياة ملّ .... وكم من زاهد في الطريق ظلّ .... وكم من عاشق للحبيبة كلّ .... وكم من راهب فر كي لا يشلّ .... وكم من عابد صار ذليلا غفلّ ... وكم من كاذب مارق لف وحلّ .... كم منهم كثير شيء منذ الأزل .... ويبقى حثيثا لا ينتابه الخطب الجلّل ... بل لا تروقه الترهات أيما تهل .... لا تعنيه في شيء منذ الأزل .... هل نفق أم جفلّ ..... هذا الذي حطمته نكتة السعال .... من آخر الدنيا يرددون نفس الموال ..... يرسمون صورة قاتمة لما هو محال ..... وينسخون الأجنة حلما قد يستحال .... خرافة أجد لها يوما سعرا لا يغال .... أسطورة عصرا صارت تتغنى في جدال .... يرقص على الرقاب البريئة قضت نحبها دون سؤال .... بل تردت مطحونة قاصرة تشد الرحال .... من حال الى حال ..... لتتبذل بها الأحوال .... لتبكي الشعوب نهاية أجلها لعبة القاصر مع المحتال .... لتنعي القلوب قساوة الدرب كان ولا يزال .... حطاما تبعثر في نفس المكان .... بقايا لأنفس بشرية صارت تهان .... قلت لو لم يكن ما كان ..... ولو تبدلت الدنيا وهلّلت .... لو تغنت كل القرى وزغردت .... لو نصبت كل الخيام وتزردت .... لو طلت كل الصبايا وتزينت .... لو بانت كل القباب وأذنت .... لو تنحت هذه الوجوه ورحلت .... لو زالت كل الخبايا وزيفت .... لو جمعت كل الخيالّة وروضت .... لو سارت كل الأرامل وتوسلت .... لو صرخت الأم لفراق زوجها وترملت .... لو تباكت ليلها كلّه وأذرفت وأدمعت .... لو شكت للغريب شقاها وتنهدت وتضرعت .... لو جار الزمان عليها بما ألفت ثم عليه تعودت .... لو تبدلت هذه العوالم بما أتت واليه أزفت .... لو صاحت هذه الميادين وأعلنت .... لو صرخت هذه الساحات وقالوا أهدرت .... لو تلبدت غيوم السماء وبالبرد أمطرت .... لو شهق الطفل اليتيم وعيناه أدمعت .... لو عادت إليه أمه وبالكاد عثرت .... لأطراف مزقت .... لو تبدل الزمان غير الزمان .... وهان علينا كل ما هان .... وتشرد المكان .... وزال الغبن وأنتشر الهذيان .... تبلّد العقل وصار يصدق شعوذة الأنس والجان .... يترنح بين المطرقة والسندان .... يصلب لو مرة أو مرتان .... يهدر دمه بعبوة دون عنوان .... ونظل نسأل السؤال .... نقول .... لو لم يكن ما كان .... ماكتبت الخواطر لما جرى .... وما شطبت من أسطر قد سباها الهوى .... لم تزل تصرخ تسابق الصدى ..... تصارع الدنيا الذليلة لآجل الرؤى .... تقاوم الوقت السعيد وكأنها لا ترى ..... تجاذل الحق بالباطل حتى الفنا .... وتعاود الكرّة مرات عودة للغوى .... منها ولها تبدو السعادة بعيدة كطالب حق بكى .... ثم هجّ بعيدا حيث نعى ..... هذه الدنيا جميعا وبكل ما فيها عيون ترى .... صفحات آثمة دوما لشاهد قد طواه الثرى ....