مها منقبة في الثلاثين من عمرها، تتلقى راتباً شهرياً قدره 500 شيكل، أي ما يعادل 120 دولاراً أمريكياً عن عملها في قسم النظافة في إحدى المؤسسات العامة في قطاع غزة، متزوجة من ابن عمها، لهما ستة أبناء، بنتان وأربعة صبيان، اثنان منهما في الثانوية العامة. مها مسؤولة عن شؤون البيت المالية وعن الأبناء، زوجها إلى فترة قصيرة كان لا يعمل، ويتعاطى الحبوب المخدرة، ويعاملها بقسوة تصل إلى حد الاعتداء عليها بالضرب المبرح، وممنوع عليها أن تشتكي. أشقاؤها لا يستمعون إلى شكواها، ترددت كثيرا في التوجه إلى الشرطة لتقديم شكوى ضده، لأن أشقاءها هددوها بالضرب والتخلي عنها في حال تقدمت بشكوى ضده لأنه ابن عمها، ولا يجوز مخالفة أوامره وعليها طاعته. استطاعت مها أن توفر لزوجها فرصة عمل في المؤسسة التي تعمل بها، وفي القسم ذاته. هو على حد تعبيرها لديه القدرة على التعبير عن ذاته وإقناع المسؤولين، واستطاع أن يعمل في اليوم ورديتين ويتقاضى راتباً شهرياً قدره 1000 شيكل عن عمله في النهار والليل، وما زالت هي من يتحمل تربية الأبناء ومصروف البيت من راتبها. هو أصبح يبيت في مكان العمل ويحصل على إجازة أسبوعية يوم واحد في الأسبوع، ومع ذلك لم يتغير وظلت معاملته قاسية ويعتدي عليها بالضرب، ولا يزال يتعاطى الحبوب المخدرة، ويطالبها بممارسة حقوقه الزوجية. هي ترفض لأنه لا يتحمل مسؤولياته العائلية، وما زال يتعاطى الحبوب المخدرة، ويعتدي عليها بالضرب ويعاملها معاملة قاسية ومهينة، وتمتنع عن معاشرته بسبب سلوكه وتعاطيه الحبوب المخدرة، ومع ذلك عندما ترفض طلبه يعتدي عليها بالضرب المبرح مرات ومرات. مها لا تزال على ذمته ولم تستطع التقدم بشكوى ضده، ولم تنصفها عائلتها، وتصر على عدم الاستمرار في حياتها الزوجية مع زوج يعتدي عليها بالضرب ويهينها، ولا يتحمل أدنى مسؤولياته تجاهها وتجاه أبنائه. مها لا تزال حائرة لا تملك سوى البكاء، وطلب المساعدة وهي بحاجة إلى وضع حد لظلم واضطهاد زوجها، هي لم تستطيع التقرير في وضعها ومتمسكة بأولادها، وغير قادرة على الانفصال، وغير مستعدة للعيش معه في بيت واحد، لكنها قررت البقاء مع أولادها، بسبب عدم وجود مكان آخر تعيش فيه. منى تبلغ من العمر 24عاماً، ترتدي نقاباً منذ كانت في السادسة عشرة، تدرس الماجستير في إحدى الجامعات في غزة، تزوجت وهي في العشرين من عمرها أكملت دراستها الجامعية وهي على ذمة زوجها، جمعتها علاقة حب قوية مع زوجها بعد الزواج استمرت عاماً واحداً فقط. بعد عامين من الزواج تغيرت أحواله وأصبح لا يطيق لها كلمة، ويوجه لها الإهانات والألفاظ البذيئة، احتملت كل ذلك من أجل الحفاظ على زواجها وأسرتها، إلا انه تمادى في ممارساته والاعتداء عليها وأهانتها. غفرت له كذبه عليها عندما تقدم لخطبتها عندما اخبرها انه يحمل شهادة الثانوية العامة ويرغب في تكملة تعليمه، مع انه كان لا يملك مؤهلاً علميا سوى شهادة الإعدادية، استمر الزواج عامين وهي الآن منفصلة عنه، وتعمل على الحصول على الطلاق منه. لم تنجب منه وهذا كان سبباً من أسباب الانفصال وتدخل عائلته في حياتهما وحياتها الشخصية، هي حصلت على قرار حكم من المحكمة الشرعية على بدل نفقة بمبلغ قدره 50 ديناراً أردنياً، وعلى قسط شهري بدل عفش بيت 60 ديناراً أردنياً، هو يستمتع بعفشها بعد زواجه من امرأة أخرى. هي مصممة على الطلاق لكنها لم تستسلم وتعتبر النفقة وقسط العفش، بالإضافة إلى دعم ومساهمة والدها وعملها من خلال الدروس الخصوصية للطالبات في مادة اللغة الانجليزية، وسيلة للتخفيف من تكاليف الدراسة الجامعية العليا، وهي مصرة على إكمال دراستها العليا وإثبات ذاتها والاستمرار في حياتها على رغم ظلم زوجها لها. مها بقيت حالها سيئة تعاني الظلم والاضطهاد، واستسلمت للظروف، وهي لا تمتلك القدرة والقوة والأدوات التي تمكنها من الحصول على عمل مناسب تعتمد من خلاله على نفسها وتتحدي ظروفها والتمرد عليها. منى تملك الوعي والثقة بالنفس والإرادة، ووجدت من يقف إلى جانبها ويساندها ويمد يد العون لها، واستغلت ذلك من أجل الاستمرار في شق طريقها واثبات ذاتها، والحصول على حقوقها. قصتا مها ومنى تظهران حجم العنف الممارس ضد المرأة الفلسطينية الذي لا يطاق وتزداد حدته في المجتمع بإشكال مختلفة، في ظل صمت مطبق من الجميع. ويمارس العنف كذلك في ظل أوضاع اقتصادية مزرية وتفاقم حدة البطالة والفقر في المجتمع خاصة في قطاع غزة، فحقوق المرأة هي جزء أصيل من حقوق الإنسان، التي تعتبر المرأة إنسانا له إرادة أخلاقية وكرامة وشخصية مستقلة. فالاعتراف بحقوق المرأة ومنحها الثقة الكاملة واحترامها، حق طبيعي وأصيل لها وليس منحة من احد، وإعطائها الفرصة الكاملة فى التعليم والعمل والمساواة في جميع الحقوق، هي من الحقوق الأساسية للإنسان، وعلى المرأة أن تناضل من اجل انتزاعها.