مهندسون يضربون ويحتجون أمام البرلمان    حقوق العرب والأمازيغ من الموريسكيّين المبعدين قهرا وقسرا من إسبانيا    المنتدى العالمي العاشر للماء ببالي.. تسليم النسخة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء لمنظمة الأغذية والزراعة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    أسعار النفط ترتفع بعد تأكيد وفاة الرئيس الإيراني    الذهب يقفز إلى ذروة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 11 عاما    بعد وفاة رئيسي.. هكذا ستتم إدارة الحكم في إيران بعد موافقة المرشد الأعلى    "عدم جدية" الزلزولي تجر عليه سخط بيليغريني    نجم الزمالك يعترف بعدم حيادية مخرج مباراة نهضة بركان    تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي    جثة متحللة تستنفر أمن البيضاء    أين اختفت المروحية الطبية الخاصة بنقل المرضى نحو المستشفيات بحهة الشمال؟    كيف دمرت السطحية المشهد الموسيقي؟    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستحوذ على قناة "ميدي1تي في"    لجنة ال24.. سانت فنسنت وجزر غرينادين: الحكم الذاتي هو الحل الوحيد لقضية الصحراء المغربية    المغرب يُسلم النسخة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء لمنظمة "فاو"    طلبة الطب يقررون اللجوء للقضاء ويتهمون ميراوي بجرهم لسنة بيضاء    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    إميل حبيبي    مات المؤلف... عاش الراوي    الدرهم يتراجع ب 0,39 في المائة مقابل الأورو    طقس الإثنين ممطر في هذه المناطق    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    أنّك هنا… في الرباط    ربط تطوان وطنجة بالقطار عبر المدينة الجديدة الشرافات    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    وفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم مروحية كانت تقله    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    الصين: سفارة المغرب ببكين تضع رقم هاتفي رهن إشارة الجالية المغربية    الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في تحطم مروحية (فيديو)    مسيرة حاشدة في الدار البيضاء شارك فيها آلاف المغاربة نصرة لغزة وتنديدا بالتطبيع (فيديو وصور)    الحكومة تعلن الزيادة في سعر "البوطا"    من سيخلف رئيس الجمهورية في إيران بعد مصرعه في حادث مروحية؟    مبادرة لانقاذ السنة الجامعية الطبية.. مناظرة وطنية وأجندة للحوار واستئناف فوري للدراسة    مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    إعلان وفاة الرئيس الإيراني بشكل رسمي في حادث تحطم طائرة    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    ردود أفعال متباينة حول اتفاق حمدوك مع فصيلين مسلحين على تقرير المصير وعلمانية الدولة    ماكرون يرمم شعبيته في فرنسا    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    أزيد من 310 ألف شخص زاروا المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى (العصبة الماسية): العداء المغربي سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 م موانع    نهضة بركان يفشل في التتويج بكأس ال "كاف"    مانشستر سيتي يحرز لقب الدوري الإنجليزي للعام الرابع على التوالي في إنجاز غير مسبوق    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    أخبار الساحة    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان من أجل الضحك
نشر في طنجة الأدبية يوم 06 - 10 - 2009

لقد أصبح الضحك بمثابة "الطابو" الذي لم تجرؤ على كسره إلا القلة من الكتّاب، رغم أن الكثير منهم تفنن في تكسير ما يسمى بالثالوث المقدس (الدين، والسياسة والجنس)، فلماذا يبقى كتّابنا عند وقارهم الزائف ولا يزيدوننا إلا نكدا على النكد الذي نعيشه في حياتنا اليومية؟
الكثير من الكتابات العالمية المرجعية، ليست حزينة بالضرورة، فرواية "الحمار الذهبي" ل"جدنا الأول لوكيوس أبوليوس (أول روائي في التاريخ) ساخرة وتدعو إلى الضحك، وأول رواية بمقاييس العصر الحديث "دون كيشوت" لميغيل دي سرفانتس مليئة بالسخرية والضحك، فالأدب ليس مرادفا للتجهم والنكد بالضرورة.
معلقات الشعر الجاهلي، التي قيل بأنها سبعة وقيل عشرة، مازالت تشكل مرجعا أساسيا في ثقافتنا. يقولون بأنها كتبت بماء الذهب وعلقت على أستار الكعبة، وربما لهذا السبب مازالت تكتسي تلك القدسية، ويحفظها الكثير عن ظهر قلب كما تحفظ النصوص المقدسة، رغم أن ألفاظها في الغالب حوشية ومواضيعها عادة لا تمت لحياتنا المعصرة بصلة.
تلك القصائد تستهل بالبكاء على الأطلال، وعنترة يقول: هل غادر الشعراء من متردم- أم هل عرفت الديار بعد توهم. ويصل البكاء حده عند امرئ القيس، الذي أعلنها صراحة في مطلع معلقته: "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل".
كنا نقرأ تلك المعلقة ونتساءل: لماذا البكاء فقط وليس الضحك؟ لماذا لا يقول الشاعر مثلا: "قفا نضحك"، ليصبح الموضوع "الضحك على الأطلال" بدلا من البكاء عليها. لكن الواحد منا عندما يندمج في ثقافة مجتمعه ينسى ذلك السؤال الذي قد يبدو بعد ذلك ساذجا وغير مشروع.
وقد يكون هذا هو مصدر تلك الدموع المنهمرة بغزارة في تراثنا الأدبي، والتي تبلغ مداها ونحن نبكي جماعيا على "أطلال" الأندلس، مرددين بيتا منسوبا لأم أبي عبد الله الصغير، آخر ملوك بني الأحمر عندما سلّم غرناطة بدون قتال لجيش فرناندو وإيزابيلا: "ابك مثل النساء ملكا مضاعا.. لم تحافظ عليه مثل الرجال". فمن أين يأتي الضحك يا ترى؟
ولئن كان صورة أدبنا قديمه وحديثه حزينة دامعة، فإن هناك بعض الاستثناءات التي تؤكد القاعدة، مثل شعر ابن الرومي، الذي لم يلتفت إلى قيمته الأدبية إلا في العصر الحديث. ومثلما تقول القاعدة "إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده"، فقد جرؤ البعض على تكسير طابو الضحك، مثلما فعل الكاتب غالب هلسا في روايته المسماة "الضحك"، ويعود بنا الشاعر أحمد مطر إلى بكائية امرئ القيس لينسج على منوالها: "أيها الناس قفا نضحك على هذا المآل.. رأسنا ضاع ولم نحزن وحزنا عند فقد النعال". وفي محاولة منه لكسر هذا الطابو (اللامفكر فيه في الكثير من الأحيان)، سبق للكاتب الجزائري المغترب عمارة لخوص أن أبدى نيته في كتابة رواية تتمحور حول الفرح وهو من عائلة الضحك، وهو الأمر الذي أثار استغراب من استمع لتلك الفكرة.
والحديث عن الضحك يقود حتما إلى فن النكتة التي تختصر في موقف قد يكون طريفا وقد يكون عاديا وفي لحظة التأزم تأتي النهاية كاسرة لأفق الانتظار بتعبير المناهج النقدية الأدبية، ومن هذا المنظور فهي فن أدبي حقيقي يقترب كثيرا من القصة القصيرة بتعريفها الموباساني (نسبة إلى الكاتب الفرنسي موباسان)، وربما تتطابق مع فن القصة القصيرة جدا المعاصر.
والحديث عن علاقة الأدب الجزائري بالنكتة يقود حتما إلى الحديث عن صناعة النكتة في المجتمع الجزائري نفسه، ومعروف عن هذا المجتمع أنه أقل الشعوب صناعة للضحك ربما بسبب عوامل سوسيو تاريخية متشابكة أو بتأثير مناخ المنطقة كما أكد المؤرخ الفيلسوف عبد الرحمن بن خلدون قبل عدة قرون في مقدمته الشهيرة وهو يتكلم عن شعوب شمال إفريقيا على وجه العموم التي تشترك في صفات من هذا القبيل.
ومن هنا فإن النكتة الجزائرية لها خصائصها التي تفرقها عن نكت الشعوب الأخرى، فهي مركبة شيئا ما وتفتقر إلى المجازفة خوفا من أن يتحول صانعها إلى محور سخرية المتلقي، وهو السبب الذي ساهم في قلة إنتاجها. والنكتة كجنس أدبي لا يقتصر إنتاجه على فئة من الشعب دون غيرها، وإن اقتربت أكثر من فن القصة القصيرة، فهي متداخلة مع أجناس أدبية أخرى، فقد تأتي في بيت من الشعر كما تأتي في سياق روائي أو مشهد مسرحي أو غير ذلك، وهي أكثر حضورا في الأدب الساخر أكثر من غيره، ولعل أقدم رواية في تاريخ الإنسانية وهي "الحمار الذهبي" التي سبقت الإشارة إليها، كانت مليئة بالمواقف الساخرة وبالنكت أيضا، وفي العصر الحديث ظهر أحمد رضا حوحو الذي ارتبط بالحمار أيضا وكان ساخرا وصانع نكتة، كما عرف من صانعي النكت عندنا على قلتهم الشاعر الراحل محمد الأخضر السائحي صاحب برنامج "ألوان بلا تلوين" الإذاعي الشهير الذي حوله بعد ذلك إلى كتاب، والكاتب الساخر المعاصر عمار يزلي وغيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.