يحكى أن هارون الرشيد كان يحج فجاءه رجل واخذ يصرخ عليه وينتقد طريقة حكمه بفظاظة فما كان من الخليفة إلا أن رد عليه حسبك يا هذا فما أنت بخير من موسى ولا إنا شر من فرعون, وموسى عليه السلام عندما دخل على الفرعون تكلم معه بكل أدب واحترام . نأتي إلى بيت القصيد وهو أن من حق كل من يقرا أن ينقد وينتقد ما يقراه لان ذلك هو جوهر الكتابة والقراءة فليس هناك من أدب وإبداع فوق مستوى النقد وليس هناك من قارئ دون مستوى النقد وعلى كل من ينشر كتاباته أن يتقبل النقد عليها من أي كان وإلا فليحتفظ بها كمذكرات شخصية ولا ينشرها للملا حتى لا ينقدها احد , ولكن هناك نقطة مهمة جدا وهي أن النقد له أيضا شروط ومستلزمات يجب رعايتها وأهمها : - أن يكون النقد الأدبي موجها للنص نفسه وليس لكاتبه أي أن الناقد لا يحق له التعرض إلى شخص كاتب النص و أهانته بأي شكل من الإشكال لان النص لم يعجبه .ولا إعطائه نصائح تربوية أو أخلاقية ومحاولة تأديبه فالناقد ليس معلما في مدرسة ابتدائية بل محترف ومهني يواجه محترفا أخر وليس طفلا . - أن يقرا النص كاملا وليس مقاطع منه كما يفعل البعض عندما يكتفي بقراءة العنوان أو بضع جمل ويكون رأيا على أساسها , وفي حال وجود نقاط أبهام في جملة أو فصل أو مقطع أن يستفسر من الكاتب عن معناه ويشرح له ما استنبطه من العبارة , فربما كانت المسالة اختلاف في الفهم لا أكثر - أن يكون النقد بناء وليس استفزازيا وهداما ومهينا وبعبارات مهينة مثل سخيف, تافه , و ما شابه ذلك ويجب على الناقد أن يذكر بالتفصيل الجمل والعبارات التي لم تعجبه والسبب سواء كان إملاء أو إنشاء أو قواعد لغة أو مغالطات تاريخية أو نفس عنصري أو إهانة لفئة أو شخص معين . - مراعاة أن أنواع الأدب تختلف مع بعضها في أسلوب المعالجة فللشاعر أسلوب غير القاص والكاتب الساخر له اسلوب غير هذا وذاك فيجب أن يحرص الناقد أن يكون مستوعبا بالكامل لما يقرا وإلا كان له رأي مجانب للحقيقة والواقع - عدم محاولة تطبيق النصوص الإبداعية على شخصيات معينة فالنصوص الإبداعية هي خيال وليست سردا لوقائع حصلت , فالشاعر عندما يكتب قصيدة غرامية ويتغنى بالمعشوق أو المعشوقة ليس بالضرورة يتحدث عن تجربة ذاتية حصلت معه وهو بالتأكيد لا يعني المخاطب الذي يقرا ولا يتغزل به , وكذلك في الأدب الساخر فان الكاتب عندما ينتقد ظاهرة معينة أو يروي حادثة بعينها ليس بالضرورة أن هذه الحادثة حصلت معه أو مع أي شخص أخر . سبب كتابتي هذه الكلمات هو النقد الذي أراه في بعض الأحيان لكتاباتي أو كتابات الآخرين حيث يأتي بعض هذا النقد مهينا واستفزازيا ولا يهدف سوى إلى جر الكاتب إلى مهاترات كلامية مع الناقد، إن النقد يجب أن يكون مكملا لنتاج الكاتب الأدبي ومصححا له عبر تبادل الخبرات مثلما يفعل بعض الأساتذة الكرام الذين يصححون لي في كثير من الأحيان عبارات أو جمل في قصصي التي انشرها و أنا ممتن لهم ولتكرمهم بإبداء نقدهم حتى لو كان مخالفا لمضمون القصة والآراء الواردة فيها , إما من يكون نقده عبارة عن إهانة صريحة للكاتب أو محاولة لإلقاء محاضرة في الأدب والأخلاق أو محاولة تحليل نفسية الكاتب , فهذا مرفوض جملة وتفصيلا وليس بنقد بل اهانة صريحة ومن حق الكاتب ان يردها بمثلها أو شر منها . إن تطور المدونات والنشر الالكتروني يستوجب تطوير أسلوب النقد الالكتروني بحيث يفيد الناقد ويستفيد من نقده في عملية تكاملية تحقق أفضل النتائج الإبداعية بما يغني الثقافة العربية