وتواردت فيّ الخواطر من جديد وسألت نفسي من أنا ؟ ما عدت أدري تاهت حروفي في غيابات الطريق أنا من أنا ..؟ أنا من جلست بجانب بغداد تحت الحصار وما عاد غيري وغير الغبار أسير مع أحقر الميتين... أنا من أنا ؟ أنا من تعبت ؟؟ بل أنا من تعبنا من الركض خلف كروش الزعامات أنا من أضاع المجاديف بعرض الفيافي وغارت أمانيه بين الرمال ... أنا من أضاع العمر في تيه من أضاع الحبر واستنزف الأوراق في قيلٍ وقال ... دسوا لقلمي السم في حبر الدواة فخرّ مغشياً عليه بين الحروف الأبجدية و الدخان .. أنا من أنا ؟ أنا من نسيت حصاني على باب غرناطة ٍ أيام صقر قريش أنا من نسيت امتشاق الحسام وعدت إلى الحرب بخُفي حنان أنا من أنا؟ أنا من يعود الآن دون حقيبةٍ.. دون مظلةٍ.. أنا رحلة ُضاقت بها كل الموانئ والمطارات عادت بغربتها مسافرةً من الوطن المضرج مذ ألف عامٍ بالغرابة والسؤال أنا من أنا ..؟ أنا من حرقت رسائلي وقصائدي ودفاتر الحب القديمة وكسرت أقلامي الرصاص وكتبتني لحنأً حزيناً بائساً فوق أهداب الطريق ... أنا من أنا؟ أنا من بكيت لأجلهم يوم الرحيل الضاعنين بدونما عنوان لي تركوه أو حتى سلام .. وركنت بين قوارب الأحزان يختي .. ومضيت روحي على كفيّ أحملها .. إلى أين ..؟ لا أدري ومن أين ..؟ لا أدري ولكني مضيت .... وما زلت أسأل أنا من أنا ..؟ أنا من جلست بجانب بغداد تحت الحصار وما عاد غيري وغير الغبار أسير مع أحقر الميتين ....