يبدو أن مسلسل شركة "نيتفليكس" حطم كل الأرقام القياسية و فتح العديد من النقاشات عبر الإنترنت حول الوقاية من الانتحار والتحرش. وتدور أحداث المسلسل حول هانا بيكر تلميذة بإحدى المدارس الأمريكية، تنتحر دون أن تترك رسالة ولكن قبل وفاتها سجلت هذه الشابة سبعة أشرطة سمعية كل واحدة منها تكشف سبب انتحارها، والموجهة للشخص الذي تعتبره سبب تعاستها ووفاتها. ''13 ريزنس واي'' مقتبس من رواية تحمل نفس الإسم للكاتب الأمريكي جاي أشر صدرت سنة 2009 ، وترجمت إلى الفرنسية تحت عنوان ''ثلاثة عشر سبب'' ( Treize raisons) وقد أثار المسلسل ضجة بدءا من إطلاقه في 31 مارس ؛ محققا بذلك نجاحا رائعا في غضون أسبوعين. لا تكشف "نيتفليكس" عن عدد مرات مشاهدة المسلسل ، لكن ''13 ريزنس واي'' يحطم أرقاما قياسية على الشبكات الاجتماعية وعلى الإنترنت. حيث يكشف محرك البحث جوجل (بأرقامه التقريبية) تجاوز المسلسل لمسلسلات كلاسيكية مثل ''هانكر جيمز'' وفقط فئة قليلة من المسلسلات في فن التشويق ("الإثارة")، من بينها كيم أوف ترونز و ذ وولكين ديد ، من حطمت أرقاما قياسية في تاريخ جوجل - وذلك بعد عدة مواسم من عرضها. تم نشر ما يقرب من 8 مليون رسالة على تويتر، متجاوزا بذلك باقي المسلسلات الأخرى ل"نيتفليكس " ولا يزال العدد في تصاعد" وفقا لمواقع التواصل الإجتماعي ، كما يتلقى الممثلان الرئيسيين للمسلسل كاثرين انجفورد (هانا بيكر) وديلان مينيت (كلاي جنسن) العديد من المتتبعين بمعدل 100000 حتي 300000 يوميا على الإنستغرام منذ 31 مارس. بغض النظرعن أبعاد هذا المسلسل فما ميزه هو حجم النقاش والجدل الذي أثاره، فالعديد من الناس عبروا عن اندهاشهم و مناقشتهم للمسلسل عبر الإنترنت و ما يجعله قويا أيضا هو إثارته لمعظم الانتقادات: فيرى بعض المعلقين على أنه شكل من أشكال "تمجيد الانتحار"، أو طريقة غير صحيحة وخطيرة لوصف العملية التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك. فكرة أن يفسر المنتحر ب "13 سبب" يعطي نظرة تبسيطية للمشكلة، ويعتقد بعض النقاد أن موقف الانتقام للبطلة يشكل خللا، بينما يذهب آخرون إلى أن المسلسل يمكن "أن يرسخ فكرة أن أهل وأصدقاء المنتحرين كان بإمكانهم فعل الكثير، فهو سوء فهم لكيفية عمل المرض، الاكتئاب، الانتحار والحزن " حسب صحيفة ذ ديلي بيست. أفادت جمعيات في بعض البلدان، مثل البرازيل التي تساعد الأشخاص المعرضين للانتحار، أن اتصالات طلب المساعدة تضاعفت منذ بدء بث هذا المسلسل، وتلقوا رسائل تفيد بأن السبب الذي دفعهم لذلك هو المسلسل. كما انتقدت الجمعيات والخبراء في مجال مكا فحة الانتحار المشهد العنيف جدا، والذي يبين وفاة هانا بتصوير صريح للغاية. و هي ممارسة لا تنصح بها المؤسسة الأمريكية لمنع الانتحار التي تحذر من إظهار كيف ينتحر الشخص. وكان قد رد جاي أشر مؤلف الرواية على هذه الانتقادات مطولا في مقابلة له مع مجلة انترتينمنت ويكلي: "لا يمكنكم النظر لهذا المشهد ويظهر لكم بطريقة مبهرة، فمن البديهي أن يبدو مؤلما، وعندما يكتشف والداها الأمر ، يدمرهم هذا بشكل كامل " كما يوضح الكاتب بريان يوركي أن الفريق اختار أن تظهر بهذه الطريقة المأساوية "لأننا لا نريد أن تكون هذه اللحظة مجانية ، بل يصعب مشاهدتها، لأننا أردنا أن نكون واضحين حول حقيقة أنه لا يوجد أي شيء مثير في الانتحار". ويقول الدكتور مارك فيلاتر نائب رئيس الاتحاد الوطني للوقاية من الانتحار، الذي يجمع حوالي أربعين جمعية فرنسية في تصريح لجريدة لموند أن: " هناك عامل مهم جدا، وهو الوضع الشخصي للمتفرج: هل يشعر بالوحدة ؟ ما نظامه البيئي ؟ فالمشكلة أوسع من ذلك بكثير: نحن بعيدون كل البعد في فرنسا، للقيام بكل ما يمكننا فعله لمنع الانتحار. فالأمر هنا لا يقف عند تشويه صورة المسلسل، وإنما التفكير في كيفية رعاية المراهقين ".