تم اختيار الفنان حسن بديدة لتكريمه على مجمل أعماله في افتتاح الدورة الخامسة للملتقى الوطني لسينما الهامش ، التي ستحتضنها مدينة جرسيف من 21 إلى 23 أبريل الجاري ، وذلك إلى جانب الممثلة القديرة سعاد صابر والجمعوي المحلي علي تابوعلالت . ومعروف عند المتتبعين أن حسن بديدة من الممثلين القلائل المتمكنين من أدوات التعبير بحركات جسمهم وتقاسيم وجههم وصمتهم وكلامهم ... وأرى فيه شخصيا امتدادا نوعيا للممثل القدير الراحل محمد الحبشي ، فهو يشبهه في كثير من الأشياء شكلا ومحتوى . عشق خشبة المسرح ولا يزال ومنها انطلق نحو السينما والتلفزيون ، حيث كثر الإقبال على خدماته في العديد من الأفلام السينمائية المغربية ، خصوصا بعد دوره المتميز والتلقائي في فيلم " هم الكلاب " (2013) للمخرج الشاب هشام العسري ، وهو الدور الذي نال عنه جائزة أحسن تشخيص داخل المغرب وخارجه . من أفلامه الطويلة الجديدة ، التي شخص فيها أدوارا متفاوتة القيمة ، نذكر " حياة " (2017) لرؤوف الصباحي و " أدور " لأحمد بايدو (2017) ، بالإضافة إلى دور البطولة في الفيلم القصير " الطريق إلى الديدان " (2017) للمخرج الشاب الغالي كريميش وأدوار أخرى في أفلام لم تعرض بعد من قبيل " ولولة الروح " لعبد الإله الجوهري و" دوار البوم " لعز العرب العلوي ... حسن بديدة من مواليد 1960 بالدار البيضاء ، عاش مراحل الطفولة بين دروب وأزقة مراكش ، وعندما بلغ 18 سنة من عمره انتقلت أسرته الى أكادير ، وبها يقيم حاليا . بداياته الفنية انطلقت إذن بمراكش (دار الشباب عرصة الحامض) مع جمعية الوعي للثقافة والفن . وفي أكادير التحق بجمعية أنوار سوس للثقافة والفن ، وفي هذه المرحلة تعلم أبجديات الفعل المسرحي ، وتدرج بعد ذلك في العديد من الجمعيات المسرحية الأخرى بالمدينة الى حدود 1990 ، وهي السنة التي أسس فيها فرقة المسرح الطلائعي ، التي شكلت محطة أساسية في مشواره الفني من خلال مجموعة من الأعمال المسرحية التي ظلت راسخة في مخيلة الفاعلين والمهتمين بالشأن المسرحي بالجهة . قبل انفتاحه على السينما والتلفزيون كانت له تجارب عدة في الإخراج والتشخيص المسرحيين . ولا يزال لحد الآن محافظا على حضوره في المسرح إلى جانب الإشتغال في بعض الأعمال التلفزيونية (فيلمي " الرقاص " لعز العرب العلوي و " الذئاب لا تنام " لهشام الجباري وسلسلة " كنزة فالدوار " لهشام العسري كنماذج) والسينمائية (" ميلوديا المورفين " لهشام أمل و " أندرومان ... من دم وفحم " لعز العرب العلوي نموذجين). يعتز بديدة بتجربته في المسرح الطلائعي لأنها التجربة الأم في مشواره الفني ، فقد تعدت كونها فرقة مسرحية إلى تجربة رائدة ومؤسسة للتكوين المسرحي . توقفت الفرقة مرحليا بحكم انخراط أعضائها في تجارب إبداعية أخرى أو بسبب ارتباطات مهنية ، وعاودت الظهور بنفس جديد وبرؤية فنية جديدة . تعتبر مسرحية " البركاصة " من أكثر أعمال حسن بديدة المسرحية ، كمخرج ، شهرة ونجاحا لأنها شكلت محطة مهمة من حيث التجريب المسرحي ، كتابة وإخراجا ، ونالت استحسان النقاد وقدمت منها عروض عدة على الصعيد الوطني بثلاث لغات : العربية والأمازيغية والحسانية. اشتهر بديدة بمساعدته مجانا للمخرجين الشباب في بداياتهم الفنية ، حيث قام بتأطيرهم مسرحيا وإرشادهم وإعداد الممثلين ، كما وضع تجربته الخاصة في الميدان رهن إشارتهم من منطلق أنه تعلم بدوره الكثير من أسرار الفن المسرحي على يد رواد آخرين كعبد القادر عبابو وبدور حسان وغيرهما. والمعروف عنه أيضا ارتباطه الوثيق بالمخرج المتميز هشام العسري ، حيث شارك في العديد من أفلامه القصيرة والطويلة : تيفناغ ، عظم الحديد ، شعب المكانة ، النهاية ، هم الكلاب ، البحر من ورائكم ... إن تكريمه بالملتقى الوطني الخامس لسينما الهامش بجرسيف هو تكريم لممثل عصامي فذ ومعطاء وخدوم ، ظل بتواضعه الملحوظ بعيدا عن الأضواء كغيره من كبار الفنانين ، ولتجربة فنية في المسرح والسينما جديرة بالإحترام .