احتضنت فضاء المعرض الجهوي للكتب المستعملة في الدارالبيضاء، يومه الأربعاء 12 أبريل2017، حفل توقيع ديوان الشاعر علي أزحاف (تحت جلدي مقبرة) الحفل الذي عرف حضورا جماهريا ملفتا، شارك فيه كل من القاص والناقد أنيس الرافعي، والناقد عبد الواحد مفتاح، والشاعر محمد اللغافي، وقد تخلله قراءات شعرية للشاعر، والذي افتتح اللقاء بإلقاء ورقة تعريفية بمشروعه الشعري، قبل أن يأخذ مسير الحفل أنيس الرافعي الكلمة، التي فصل فيها بدورة مراحل تطور التجربة الشعرية لعلي أزحاف، وحلل مضامين أساسية في منجزه في ورقة نقدية تحليلية، قبل أن يعطي الكلمة للناقد عبد الواحد مفتاح، الذي جاء في ورقته البيانية حول تجربة الشاعر :ما يشدني في الحديث عن تجربة علي أزحاف وديوانه الأساسي داخلها (تحت جلدي مقبرة)، هي تلك الرؤية الصافية، والقدرة الرائعة على التحكم باللغة التعبيرية دون الحاجة إلى ذلك المجاز المستهلك سلفا، في تناغم بين المدلول والإيقاع بكيمياء ترابطية غير مكرسة، ناهيك على أنها كتابة مصابة بدلال فادح، لا يشبع لمعانها أي صيغة من صيغ البلاغة الجاهزة، والعجيب داخله أنه مُصمِم دائما على أن يِصيبك بعدوى بياضه الدافئ كقبلة . إنني هنا أكتب دون أن يحالفني أي حظ في رسم بورتريه كاملة أو حتى نصف كاملة، لرجل أحدت أثرا واضحا إلى جانب سعد سرحان وعبد الرحيم الخصار وعبد الله زريقة، في قصيدة النثر، كأنه قادم من بلاد الأخيلة، علي أزحاف هو مهندس اللحظة الحارقة، في مشهدية عالية تؤثثها لغة طيّعَة حد المهارة. أما الشاعر محمد اللغافي فقد استهل كلمته التي تناولت المسيرة الكرونولوجية لتطور أسلوبية علي أزحاف على مدار ما راكم من أعمال شعرية، قبل أن يتطرق في بحر معاينته للغة الشاعر السلسلة على حد تعبيره، والتي وصفها أنها تنطلق من الحافات الصعبة للكتابة، وتجاوزها الإبلاغ المظهري للمجاز أو التشبيه كمُسبّبات لصورة شعرية وثيقة الصلة بالموروث الكلاسيكي، إلى الكتابة بضوء المعنى وبياضه، وهي كتابة ليس شرطًا أن تحقق لي - كقارئ- ابدالات قرائية لتلتف على توليدات اِلتقاطية لها تمامًا، كما يجنح كثيرون في انتخابٍ للغموض والاصطفاف وراءه طلبًا لعمق مُبْهم وفي غالب الأحيان يكون معدمًا...أما بالنسبة للمميز في هذا الديوان الذي جاء كانعطاف مفصلي في تجربة الشاعر، فهو ارتكازه على حس شعري مغاير، وطريقة جديدة في ابتكار الصور الشعرية، ما أهله ليحوز كامل هذا الالتفاتة النقدية التي توج بها. أما الناقد أنيس الرافعي مسير الجلسة، قبل أن يعطي الشاعر الكلمة حتى يلقي بعد قصائد ديوانه الجديد، فقط استهل المناسبة لتسليط الضوء أيضا على جانب من لغته الشعرية ،حيت جاء في حديثة :علي أزحاف شاعر يكتب القصيدة بأدوات القصة، لهذا تجد أن سَرديته الشعربة مفتوحة الأبواب، وتتماها مع معطى النثر خاصتها، ما يهبها فتنة وبساطة حيت القصيدة لديه تتسمى بأسماء الدهشة، وهي إلى ذلك معطى شعري جد متفرد في الساحة الثقافية المغربية، لما تختزله من بساطة وقدرة فائقة عن التبليغ، بدون الحاجة لتلك البلاغة الجاهزة سلفا، وهذا يذكرنا بمنجز القصيدة الأمريكية، التي تجنح نحو السهل الممتنع في القول الشعري، والابتعاد ما أمكن عن الغموض، وكل ما من شأنه أن يشوش عن حياة القصيدة من رموز دلالية جوفاء، أو أسلوبية ادعائية فما يكتبه علي أزحاف هو ما يمكن أن نصطلح عليه بالشعر النادر.