توفي أمس الأحد في العاصمة الجزائرية رئيس مجمع اللغة العربية الجزائري عبد الرحمان حاج صالح (تسعون عاما) الذي لقب ب"أبو اللسانيات والرائد في لغة الضاد"، حيث اشتهر بدفاعه عن أصالة النحو العربي، وإجرائه مقارنات علمية بين التراث اللغوي العربي ومختلف النظريات في هذا الموضوع. ولد صالح بمدنية وهران (غربي الجزائر) عام 1927، التي تلقى فيها تعليمه الأساسي على يد أساتذة من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، قبل أن يلتحق بالعمل الوطني في صفوف حزب الشعب الجزائري وعمره لا يتعدى 15 عاما. واضطر إثر ملاحقة شرطة الاستعمار الفرنسي للمناضلين الجزائريين للرحيل إلى مصر، حيث كان ينوي دراسة الطب، إلا أنه اكتشف من خلال تردده على كلية اللغة العربية بالأزهر ميله إلى تراث لغة الضاد, ومن هناك انتقل لفرنسا حيث حصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها وشهادات علمية أخرى. وانتقل بعد ذلك للمغرب حيث قام بتدريس اللسانيات في كلية الآداب بجامعة الرباط، وحصل على دبلوم العلوم السياسية من كلية الحقوق، كما درس الرياضيات في كلية العلوم بالرباط بالمغرب، وفي 1979 نال درجة دكتوراه الدولة في اللسانيات من جامعة باريس الرابعة (السوربون) بفرنسا. وفي عام 2000 عُيِّن رئيساً للمجمع الجزائري للغة العربية، إضافة إلى عمله أستاذاً وباحثاً في جامعة الجزائر، وقد تَخرَّج على يديه عدد كبير من الباحثين وطلاب الدراسات العليا. وتَعددت أنشطة الراحل واهتماماته العلمية والثقافية، وألَّف وشارك في تأليف عدّة كتب في علوم اللغة العربية واللسانيات العامة، منها معجم علوم اللسان، وبحوث ودراسات في علوم اللسان، والسماع اللغوي عند العرب ومفهوم الفصاحة، وعلم اللسان العربي وعلم اللسان العام (بالفرنسية في مجلّدين)، والنظرية الخليلية الحديثة - مفاهيمها الأساسية، ومنطق العرب في علوم اللسان. وبعث الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسالة تعزية لعائلة الراحل، جاء فيها إن "الفقيد عُرف بوطنيته وإخلاصه، وكان قامة في علوم اللغة واللسانيات، واجتهد حتى أصبح أحد أعمدتها وخبيراً دولياً في هذا المجال". من جهته، رأى الروائي الجزائري أمين الزاوي أنّ وفاة حاج صالح "خسارة كبيرة لميدان اللسانيات واللغويات في الجزائر"، وقال إن "الراحل يعد مؤسس الدرس اللساني في الجامعة الجزائرية، وصاحب مشروع الذخيرة اللغوية العربية".