مرق كالسهم حتى إرتطم جسده الطري برتاج الثقب .. ارتمى بين قدمي رئيس الفئران وفجأة إنقذفت الكلمات كالحمم على عجل من فيهه الموشوروهويلهث : سيدي .. سيدي لقد عثرت على فروة أخينا بين سقط المتاع تحت الأدراج . فما من شك أن القط الوغد قد إلتهمه هذه الليلة !! إنتصب رئيس الفئران في غضب وحنق وثورة بادية ، شبك يديه خلف ظهره ، ثم راح يذرع الجحرجيئة وذهابا ثم جيئة وذهابا وكان بين الحين والآخريضرب بقبضة يده على الجدارمرة ومرة يدك بكعب حذائه بقوة على الأرض وفي لحظة بدا كأن فكرة ما تفتقت في ذهنه .. إلتفت إلى عساس الجحروقال له : لايمكن أن تستمرالمجزرة تلوالمجزرة .. إنني أرى المخالب تزحف يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة نحونا ولاشك أننا إذا ما إستمررنا بالوراثة كما آبائنا الأولون هكذا في النعي والبكاء والجنازات فقد أجد نفسي أنا كبيركم يوما ما بين فكي هذا القط الوغد ، إذن علينا باجتماع قمة طارئ لكل الفئران ... مرق الفأرالعساس مرة أخرى كالسهم يختلف من جحرإلى جحرومن غارإلى غارومن منفذ إلى منفذ ينبؤكل الفئران المقهورة بموضوع الإجتماع الطارئ . وما بين الخبروالإجتماع إندلعت الإشاعات والتكهنات والتخمينات ، فمن قائل أن الأمريتعلق بحفرنفق جديد للفرارإلى سراديب ودهاليزعلى شكل محميات آمنة .. ومن قائل أن الأمريتعلق بتقديم قربان كل يوم في حضرة القط المتسلط الظالم وهذه كما قال داهية الفئران أهون المساومات وأخفها ضررا بالرغم من أن الضحايا سيظلون يسقطون كل يوم غيرأن أعدادهم لن تؤثرعلى كثافة الفئران ، فالفأرة الواحدة باستطاعتها أن تلد كتيبة في العام الواحد ، فلامفرمن الضحايا إذن .. ومن قائل أن الأمريتعلق بأذكى وأنجع الحلول كلها وهوتلغيم كل المنافذ والشقوق ، لكن بقي السؤال دائما هوالسؤال : من أين تأتي الفئران بالألغام . وبعد برهة كانت كل الفئران متحلقة في حيرة حول رئيسها طرطر، وبنظرة شزروألم ملمحة عم الصمت الجحر. إلتفت طرطريمينا ثم يسارا وبعد أن تيقن من خلوالجمع من عيون القط وآذانه صرح : من المؤكد وبعد مقتل أخينا لم يتبق بيننا وبين وقت إبادتنا الجماعية مفرأوحماية ، إنني أرى مخالبه باتت تزحف يوما بعد يوم إلى مقرقيادتنا وقد أجد نفسي يوما ما أحصي أنفاسي بين فكي هذا القط الوغد الظالم المتسلط وإذا لم يكن هناك من بد لمواجهته فليكن ذلك الليلة قبل الغد ... وفي تلك اللحظة إلتفت طرطرإلى كاتبه شرشرآذنا له بقراءة بيان الدفاع الأخير. قال شرشر: سيدي رئيس الجمهورية الفأراوية ، لقد هدانا الله إلى فكرة عبقرية ، تاريخية وعظيمة ... إنها معجزة سوف تريحنا عاجلا من هذا القط الوغد لكن نحن سيدي الرئيس فقط بحاجة إلى فأرواحد ووحيد وأحد ، فأرمقدام وشجاع ومستعد لاسترخاص حياته في سبيل حياتنا ... إن الأمرشبيه إلى حد ما بعملية فدائية . فقاطعه الرئيس قائلا بالحزام الناسف !!! فرد شرشرعلى الفور لا.. لا..لا سيدي الرئيس بماذا إذن ؟؟ بجرس .. أجل جرس ياسيدي فانفجرالحضوركل الحضورضحكا وقهقهات وجلبة لم تتوقف إلابصيحة الرئيس : كفى لاوقت للهزل . وأردف ، أسرع وأوجزكيف ذلك ؟؟ ضرب شرشركفا بكف وإذا بأحد الفئران العسس يدخل المجلس وعلى ظهره جرس كان يدق ويدق بقوة مجلجلا في أرجاء الجحر. قال شرشر: سيدي الرئيس هذا جرس إنذارعلينا أن ندبرمكيدة ما كي نعلقه على عنق القط لحظة نومه حتى إذا ما تحركت آلته في إتجاهنا رن الجرس في عنقه فنكون قد أعددنا العدة والعتاد ووحدنا الصفوف . فقاطعه الرئيس مرة أخرى وقال : ماذا تقول وحدنا الصفوف للهجوم !؟ لاياسيدي نوحد الصفوف للفرار. جيد للفرار، ما أعظم وأسهل الفراربأقل الخسائر، وأردف في إستغراب وتعجب وهويفتل زغيبات شاربه . ومن سيعلق الجرس ياشرشر؟؟؟ إثرئذ حامت النظرات الوجلة يمنة ويسرة وكبت الرؤوس وتوارت بعضها خلف بعض من أثرالرعب وخشية إشارة طائشة من أصبع الرئيس . وفجأة ومن حيث لم يدركون قام فأرفي الصفوف الخلفية يدعى فرفروأطلقها مدوية : أنا .. أنا .. أجل أنا سيدي الرئيس !!! ولكم أيها السادة أن تتخيلوا دهشة الحضورإذ ان فرفرهذا لم يكن سوى فأرا كباقي الفئران رعديدا ، جبانا ، مختالا ، لايقوى حتى على التلصص من ثقب الجحرفكيف به أن يحمل الجرس من جهة ويعلقه على عنق القط الظالم من جهة ثانية . علت الهتافات والصياح والإكباروالإشادة بموقف فرفر، وفي صباح اليوم التالي كانت كل الجرائد والصحف في جمهورية الفئران تكتب بالبنط العريض : فرفريعلق الجرس وفي اليوم الثالث خرج فرفرإلى المعركة ولم يعثرالفئران سوى على فروته بين سقط المتاع ... فمن بعده سيعلق الجرس ؟؟؟