في إطار فعاليات الدورة السابعة لربيع شفشاون، واحتفاء بمرور الذكرى 25 لتأسيس جمعية التواصل للثقافة والعلوم بشفشاون، تم تنظيم ندوة فكرية في موضوع: "اللغة العربية وسؤال الهوية"، بمشاركة الدكتور فؤاد بوعلي رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، والدكتور المعتمد الخراز رئيس جمعية أساتذة اللغة العربية بوزان، وذلك يوم السبت 16 أبريل 2016 بقاعة المحاضرات التابعة لمجمع محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة بشفشاون. افتتح الندوة الأستاذ عبد العزيز استيتو رئيس جمعية التواصل للثقافة والعلوم، بكلمة رحب فيها بالضيفين وبالحضور الكريم، ثم قدم نبذة مختصرة عن تاريخ الجمعية منذ تأسيسها سنة 1991، ثم تم عرض شريط مصور يعرض مسار الجمعية وذاكرتها. بعد أن وطأت مسيرة الجلسة الأستاذة نبيلة العكال للندوة، أخذ الكلمة الدكتور فؤاد بوعلي الذي استهل مداخلته بعدد من الأسئلة، من قبيل: هل يمكن الحديث عن وجود هوية؟ وهل هناك هوية مغربية؟ بعد ذلك تبنى الباحث التعريف الذي قدمه عبد الوهاب المسيري المتمثل في أن الهوية هي "دوائر انتماء"، وأن هذه الدوائر لا يمكن الفصل بينهما. بعد ذلك أثار فؤاد بوعلي قضية الكتاب العرب الذين يتخذون الفرنسية لغة للتعبير، وأكد أن هؤلاء يتسمون ب"هوية مشروخة". ثم أكد أن "الهوية هي منظومة قيم"، وأن محاربة اللغة العربية محاربة للقيم والمعارف والعناصر الثقافية، وأهم هذه المعتقدات العقيدة والدين. وأشار إلى أن رواد الحركة الوطنية التفتوا إلى هذه العلاقة، وهذا ما جعل خطابهم خطابا هوياتيا، من أمثال علال الفاسي ومحمد المختار السوسي. وميز المتدخل أن في المغرب اليوم مستويين من الخطاب اتجاه اللغة، مستوى الخطاب الرسمي، ومستوى الخطاب العام الشعبي. وعن علاقة اللغة العربية بباقي اللغات المتداولة في المجتمع المغربي أكد الباحث أننا نعيش في هذا المستوى "الاستثناء المغربي". أما الدكتور المعتمد الخراز فقد قدم مداخلة موسومة ب"اللغة العربية هوية جامعة"، أكد في مفتتحها أن قضية اللغة العربية تمثل قضية القضايا في المشروع النهضوي التحديثي، ثم طرح عددا من الأسئلة، مثل: عن أية هوية نتحدث؟ وهل نحن بصدد هوية ثابتة مكتملة أم هوية حركية متجددة؟ وعن علاقة اللغة العربية بالهوية؛ هل الأمر يتعلق بانتماء إلى هوية واحدة، أم هويات متعددة ومختلفة؟ ليقوم بعد ذلك بحفريات في مفهوم الهوية في الكتابات المعاصرة مع محمد عمارة ومحمد عابد الجابري وعبد السلام بنعبد العالي وغيرهم، ليؤكد أن مفهوم الهوية الرحب، الذي يستوعب الآخر ويحاوره، "له القدرة على استيعاب هويتنا اللغوية، عبر سيرورتها، الممتدة منذ ما قبل الإسلام، وإلى الآن، بما عرفته من حركية وتشكل وتجدد". بعد ذلك ركز الدكتور المعتمد الخراز على علاقة اللغة العربية بمكونين من مكونات الهوية، وهما: الدين والعرق. ومن خلال مقاربة علمية رصينة، تستند على نصوص القرآن والحديث والتراث النثري والشعري وما واكبها من قراءات معاصرة، قام المتدخل بالبحث عن مصدر قدسية اللغة العربية التي ضمنت لها البقاء والتطور والانتشار من جهة، وساهمت في جمودها من جهة أخرى. ولأن تاريخ اللغة العربية يمتد إلى مرحلة ما قبل الإسلام، قام الدكتور المعتمد بالكشف عن علاقة اللغة العربية بالنصرانية واليهودية، ليواصل بحثه في هذه العلاقة بعد الإسلام. أما فيما يخص علاقة العربية بالهوية العرقية، فقد انتهى الباحث في حفرياته، مستندا على آراء طه حسين ومحمد عبد الرحمان مرحبا وغيرهما من المفكرين، إلى أن اللغة العربية تتجاوز أفق العرق لتصير هوية جامعة. وبعد نقاش عميق للقضايا المطروحة في المداخلتين أثراه عدد من الحاضرين، سُلمت للمحاضرين شواهد تقديرية ودرع مدينة وزان من قبل الأستاذ عبد العزيز استيتو رئيس جمعية التواصل والأستاذ حسن دحمان نائب رئيس المجلس البلدي لمدينة وزان.