يسجل المخرج الفلسطيني محمد الجبالي في فيلمه الحياة حلوة المشارك في المسابقة الرسمية للدورة 15 من مهرجان الفيلم الوثائقي بأكادير "فيدادوك" مسار انتقالاته بين غزة وشمال النرويج عند حدود القطب الشمالي، حيث يطمح في الإستمرار وممارسة مهنته كمخرج سينمائي، لكن الأمور لاتتيسر له سوى بعد عناء طويل، إذ أن عدم حصوله على دبلوم في الإخراج من معهد سينمائي يقف حجرة عثرة دون تجديد إقامته في النرويج عبر فيزا تمنح للفنانين لكن بشروط. تتخلل فيلم "الحياة حلوة" مشاهد من الأرشيف للحظات مراهقة المخرج وشبابه في غزة، إذ بدأ التصوير آنذاك بعد أن أهداه أبوه هاتفا محمولا بكاميرا، وقد استطاع المخرج دمج هاته المشاهد ذات الصورة المشوشة في السياق العام للسرد الفيلمي كذكريات ونولستالجا لبلده وأهله وهو يعاني في الغربة في صقيع شمال النرويج. يمكن اعتبار جزء من فيلم "الحياة حلوة" توثيقا للحياة في غزة التي تشهد الآن تدميرا كليا وإبادة جماعية للناس والمكان، فمن خلال تصويره لمساره الشخصي كان محمد الجبالي يصور أيضا مسارا موازيا للمكان وذاكرته التي سيطالها المحو والدمار، رغم أنه لم يكن يعلم أن حجم الدمار سيصل إلى حالته الحالية. يعطينا فيلم الحياة حلوة إحساسا بكون مخرجه لم تكن تفارقك الكاميرا أبدا لا في غزة ولا في النرويج وكأنها ملتصقة به ليل نهار، ويبدو أنه صور ساعات كثيرة استطاع في المونطاج أن يخرج منها 93 دقيقة مدة فيلمه.