يفاجأنا مهرجان الفيلم الوثائقي (فيدادوك) باختلافه كل مرة عن أغلب المهرجانات السينمائية المغربية، فلا الافتتاح كباقي حفلات الافتتاح، ولا الرؤية المختلفة نجدها كثيرا في مهرجانات أخرى. في "فيدادوك" هناك افتتاح بطعم السينما، وليس بهرجة لا علاقة لها بالسينما، كما نشاهد في كثير من المرات بمهرجانات أخرى. أمس كان الافتتاح عبارة عن تقديم لمبادرة "طريق السينما كورة"، والذي قدمها مدير المهرجان هشام فلاح تلا ذلك عرض روبورطاج عن هذه المبادرة الجميلة. تكريم لحظة تكريم المخرجة الأمريكية كريستن جونسون تميزت بالكلمة العفوية التي ألقتها في حقها المخرجة المغربية أسماء المدير ، والتي حكت عن لحظة لقائها بها في مهرجان كان، وكيف تعاملت معها ونسجتا لحظة من الكلام الحميمي الجميل حتى قبل أن تعلم مخرجة الأفلام الوثائقية الأمريكية أن فيلم أسماء مشارك في مسابقة بإحدى فقرات كان، ثم كيف منحت وهي رئيسة للجنة التحكيم جائزة العين الذهبية مناصفة لفيلمها مع فيلم كوثر بن هنية، وبعد ذلك كيف لبت دعوتها حين عرض فيلمها بنويورك هي التي تتمتع بسمعة كبيرة وجيدة هناك والجمهور الذي حج لمشاهدة الفيلم فعل ذلك بسببها ولأنها موجودة. فيلم الإفتتاح استمرارا لفقرة سينما كورة،عرض فيلم " غراسيا، ميسي بانجي" للمخرجة ليلى نديي تيام من إفريقيا الوسطى، والتي تتبعت فيه مسار لاعبة كرة قدم شابة والصعوبات التي لاقتها لتثبت نفسها في لعبة لاتتمتع النساء فيها بتقدير واحترام كالذي يحضى به الرجال الذين يعتبرونها لعبتهم الخاصة. فيلم حميمي ولايسقط في النسوية الفجة رغم إغراء الموضوع المتناول بذلك، إذ كانت المخرجة الشابة متعاطفه مع بطلتها في حدود المشاكل التي تعاني منها بدون تأطير مبالغ فيه أو إسقاط لإيديولوجية خارجية، مع جهد مبذول في مدة تصوير الفيلم وفي تتبع الشخصية في تنقلاتها زمنيا في عدة أماكن حتى خارج البلدها. مخرجة هذا الفيلم سبق لها أن حضرت في "فيدادوك" بفيلم قصير ، وهاهي تعود بفيلمها المتوسط الطول هذا ( 50 دقيقة). تصر البطلة على الذهاب في حلمها بممارسة لعبة كرة القدم رغم أن أمها ما تفتأ تذكرها بضرورة الانتباه لدراستها، الأمر الذي تتجاهله لتأتي علاماتها باستمرار متدنية ودون المستوى المطلوب. فيلم تحضر في خلفية أحداثه ومسار بطلته هموم المجتمعات الإفريفية من فقر ومعاناة المرأة بالخصوص لتحقيق ذاتها وطموحاتها، و به جهد توثيقي محترم مع اشتغال على المونطاج بحيث يبدو أن المخرجة صورت عددا مهما من الساعات أخرجت منها الخمسين دقيقة التي تبلغها لحظات الفيلم.