توطئة: شهدت مدينة الناظور(المغرب) بالمركب الثقافي ما بين15و16 غشت من عام 2009م المهرجان الثاني لمبدعي الأفلام القصيرة من صنف هواة ، وتشرف على هذا المهرجان " جمعية أكشان Action للسينما بالناظور" في شخص مؤسسها الفنان سعيد عابد المعروف بكتابة سيناريوهات الأفلام القصيرة الهاوية . هذا، وقد تبارت في هذا المهرجان الوطني عشرة أفلام قصيرة من فاس، وبني ملال، والناظور، وشفشاون، والدارالبيضاء، والصويرة، في حين تغيبت القنيطرة عن حضور المهرجان في آخر لحظة من انطلاقه. وكانت لجنة التحكيم تتكون من: الناقد الدكتور جميل حمداوي، والمبدع محمد بوزكو، والمسرحي أحمد زاهد، والمخرج فخرالدين العمراني، والصحفي طارق الشامي. وقد ترتب عن هذا المهرجان فوز فيلم " أنفاس" لمخرجه بوشتى المشروح القادم من فاس بالجائزة الكبرى للمهرجان. وسنحاول في هذه الورقة - قد رالإمكان - دراسة كل فيلم على حدة قصد استجماع مجموعة من المميزات والملاحظات والتعليقات التي رافقت مهرجان الفيلم القصير- هواة. 1- قراءة في الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان: فيلم" رداء الموت" للمخرج أنوار الحيرش: قدمت فاس فيلمها القصير الأول تحت عنوان" رداء الموت" من إخراج أنوار الحيرش، وهو فيلم من نوع الحركة Action يتخذ أبعادا تراجيدية مخيفة ؛ لكونه يعتمد على قسوة الحركة، ويرتكز على العنف والإرهاب الدموي. ومن المعلوم أن مدة الفيلم ربع ساعة، وقد استعملت آلة التصوير الرقمية Appareil numérique في تصوير المشاهد المتداخلة واللوحات الفيلمية. هذا، ويشغل الفيلم ممثلين أكفاء باعتماد لغة صامتة حركية توحي بعالم الجهل والقمع والاعتقال والتجبر في مقابل عالم العلم والحرية والاطمئنان والانعتاق. هذا، وقد أحسن المخرج توظيف المؤثرات الصوتية والحركات الكوريغرافية في تأزيم مشاهد الموت وتحبيك لحظات التوتر والتعذيب. ويتخذ الفيلم طابعا استرجاعيا عبر تسريع اللقطات وتكرارها في بعض الأحيان. لذلك، وجدنا المونتاج يعتمد على الفلاش باك واسترجاع الأحداث ضمن تركيب فيلمي دائري، يتسم بتداخل الجنيريك بأحداث الفيلم في بوتقة فنية هادفة وممتعة ومشوقة. ويلاحظ أن المخرج يبدأ فيلمه بأخذ لقطات قريبة، لينتقل بعد ذلك إلى تشغيل اللقطات العامة ، ليعود مرة أخرى إلى اللقطات القريبة والقريبة جدا لتجسيد ملامح الشخصيات المشخصة، وتحديد قسماتها الداخلية والخارجية، وإبراز أبعادها النفسية والفيزيولوجية والمرجعية. و على الرغم من إيجابيات هذا الفيلم القصير على مستوى تشغيل التقنيات السينمائية التي وظفها المخرج أنوار الحيرش، فإن الفيلم بقي وفيا لتقنيات وصفة الفيلم الأمريكي الكلاسيكي إخراجا ورؤية وتحبيكا. فيلم "دموع الشمس" للمخرج حميد سعيد: قدم المخرج حميد عزيزي القادم من مدينة بني ملال فيلمه القصير" دموع الشمس"، ويمكن القول بأنه الفيلم الأمازيغي الوحيد الذي شارك في هذا المهرجان السينمائي في نسخته الثانية. ويمتاز هذا الفيلم بكونه فيلما تجريبيا حداثيا ينزاح عن الفيلم الكلاسيكي الواقعي المباشر أو الفني. إذ صاغ المخرج فيلمه في قالب شاعري رمزي أو ضمن لوحة تشكيلية انطباعية تعبر عن مشاعر الشخصيات وأحاسيس الممثلين تجاه الطبيعة التي كانوا يتجاوبون معها بطريقة وجدانية انفعالية مبنية على التصوير الاستعاري الإحيائي والتجسيد التشكيلي المؤنسن. ومن هنا، يقدم الفيلم قضية الهوية الذاتية والمكانية من خلال تقديم طبيعة الأطلس ضمن رؤية سياحية إثنوغرافية. ومن ثم، فالفيلم يقدم مادته الفيلمية الدرامية بلغتين متقابلتين حضاريا وكينونيا ووجوديا، وهما : اللغة الفرنسية واللغة الأمازيغية. كما أن هذا الفيلم يجسد لنا حركية الذهاب والرجوع (المرتبطة بالسائحة الأجنبية) سينمائيا من خلال توظيف مونتاج متسارع. بيد أن المخرج حميد عزيزي شغل لقطات طويلة جدا في مسار قدوم السائحة الأجنبية لزيارة جبال الأطلس ، وكان من الأفضل أن يجيز هذه اللقطات، ويلتجىء إلى تقطيعها أو اختصارها وحذف البعض منها. لأن الفيلم القصير كما هو معلوم يرفض التطويل وتضييع الوقت هدرا . وفي نفس الوقت ، يتسم بالإيجاز والاختزال والاختصار والإضمار والتكثيف. ويمكن القول بأن فيلم" دموع الشمس" الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم عبارة عن لوحة تشكيلية انطباعية دالة ومعبرة وهادفة تثير إشكالية الأنا والآخر ، وتركز على التشبث بالأرض ، وتطرح ضرورة الدفاع عن خصوصية الذات و اللغة والهوية والمكان. فيلم" الميزان المقبول " لمخرجته سناء صلو: قدمت المخرجة سناء صلو فيلمها القصير الأول" الميزان المقبول" الذي يتسم بالواقعية الاجتماعية المباشرة والرمزية المبهمة. ويصور لنا الفيلم متسولا مدعيا يحظى بصدقات الناس عن طريق المكر والاحتيال ، ويدعو لهم بالخير والبركة والفلاح والتوفيق في الدنيا والآخرة. لكن مايلاحظ على هذا الفيلم الكلاسيكي المتسارع على مستوى المونطاج والأحداث واللقطات أنه ضعيف جدا وغامض ومبهم . ويعود هذا الضعف الفني والجمالي إلى أخطاء في التصوير، وأخطاء في ضبط مستويات التبئير والرصد واختيار محاور الالتقاط الفيلمي المناسبة. ومن أسباب الضعف أيضا عدم دراية المخرجة بطرائق التصوير والتحكم في تموقع الكاميرا، ناهيك عن الضعف في تشخيص الممثلين، والضعف في تركيب اللقطات وتقطيعها. لأن الممثلين في الحقيقة لادراية لهم لا من قريب ولا من بعيد بالتشخيص السينمائي، حيث يقدمون أدوارهم ببرودة وسطحية فجة تعبر عن مدى ضعف التكوين لدى المخرجة ، وعدم تأهلها لممارسة الإخراج السينمائي كما يعبر عنها فيلمها الهزيل تمثيلا وإخراجا وكتابة. فيلم" اغتصاب الصمت" لمخرجه محمد سطار: قدمت مدينة شفشاون فيلم" اغتصاب الصمت" للمخرج محمد سطار. والفيلم كما هو معروف حواري اللغة، ومن طينة الأفلام التربوية التوجيهية التحسيسية. ويتناول الفيلم قضية الطفولة المغتصبة ، وتصوير مجتمع الخادمات تصويرا مأساويا في قالب درامي كرونولوجي وإيقاعي متسارع . وهكذا، يصور الفيلم فتاة يتيمة وحيدة متعلقة أشد التعلق بدميتها ، سيتم اغتصابها بطريقة وحشية فظيعة حينما كانت تشتغل خادمة في بيوت أحد أغنياء المدينة. وبالتالي، ستطرد الفتاة طردا لا إنسانيا بعد أن عاملتها ربة البيت معاملة قاسية صارمة. ومن هنا، فالفيلم ذو بعد اجتماعي تربوي يعالج موضوع الطفولة المغتصبة، وذو بناء كلاسيكي ، ومتسارع الإيقاع، يتميز بطول اللقطات التي تتأرجح بين اللقطات العامة واللقطات الصدرية واللقطات القريبة. وقد فاز الفيلم في المهرجان بجائزة التشخيص ، صنف الإناث، التي تعود إلى الممثلة فاطمة زيطان . كما ظفر الفيلم بجائزة التنويه لتوفره على الحبكة الفيلمية المتقنة، ومعالجته لموضوع اجتماعي حساس في المغرب ألا وهو موضوع الاغتصاب، وتشغيل تقنية الاسترجاع والرجوع إلى الوراء. بيد أن وجود الشرطة وحضورها غير اللائق في الفيلم بالطريقة العنيفة كما في بداية الفيلم ونهايته، أفسد الفيلم من وجهته الإنسانية والأخلاقية والدرامية؛ لأنه ليس من المعقول أن تسلم الطفلة للشرطة للنظر في شؤونها ، بل لابد أن تسلم لمراكز الرعاية النفسية والاجتماعية من أجل العناية بها رعاية وتوجيها وتأطيرا وتكوينا وتهذيبا. فيلم " من أجل أمي " لمخرجه رشيد أجرعام: قدمت الدارالبيضاء فيلمها القصير بعنوان" من أجل أمي" للمخرج رشيد أجرعام. وينطلق الفيلم من قصة واقعية حقيقية تتمثل في مقتل شاب في مقتبل العمر ، قد خرج إلى المدينة الكبرى متسولا للحصول على النقود من أجل شراء الدواء لأمه المريضة المصابة بداء السل. لكن الابن لم ينته من استجماع النقود إلا بعد أن أغلقت الصيدليات أبوابها في الليل. وبالتالي، سيتعرض للقتل البشع من قبل عصابة من اللصوص المجرمين الذين كانوا يمشطون دروب المدينة وأحياءها لتنفيذ جرائمهم المرعبة. وفي نفس الوقت، نلفي الأم المريضة قد فارقت الحياة بعد مضض وانتظار طويل . ومن المعروف أن فلسفة الفن قد سارت في منحيين متقابلين، فأفلاطون وأرسطو يؤكدان أهمية محاكاة الواقع محاكاة حرفية ومباشرة، بينما كانط وهيجل يريان العكس، فيعتبران أن الفن الحقيقي ليس هو الذي يعتمد على النقل والمحكاة الطبيعية للأحداث، بل لابد من التخييل والفن والإبداع والتجاوز في التعامل مع الأحداث المرصودة. ويعني هذا أن الفيلم " من أجل أمي" تعامل مع القصة الواقعية بنوع من الزهو والانتصار، لكن المخرج لم يستطع أن يضيف إليها نوعا من التخييل الفني والإبداع الذاتي؛ لأن الفيلم بقي حبيس النقل الفوتوغرافي وتقليد الأفلام الأمريكية والأفلام الإيطالية ذات البعد الحركي اللصوص والجرائمي. ثم، يلاحظ على هذا الفيلم الطابع الكلاسيكي، وكرونولوجية الإيقاع، واستعمال بعض المؤثرات الخاصة، وتناقض المحاور في تصوير المشاهد واللقطات، وغلبة الرؤية الواقعية الاجتماعية السطحية على الفيلم المعروض. q فيلم" أنفاس" لمخرجه بوشتى المشروح: يعد فيلم " أنفاس" لمخرجه بوشتى المشروح من أفضل أفلام المهرجان ، والدليل على ذلك أنه فاز بجائزة الإخراج والجائزة الكبرى. هذا، ويتخذ الفيلم طابعا تجريبيا حداثيا رمزيا من خلال التركيز على موضوع البيئة (الماء) في أبعاده التربوية التوجيهية، وتبئيرموضوع القمع والحرية في أبعاده السينماتوغرافية والسيميولوجية. ويعني هذا أن الفيلم موجه فنيا وجماليا ودلاليا ومرجعيا للصغار والكبار على حد سواء. زد على ذلك، فقد استعمل المخرج بوشتى المشروح تقنيات جديدة في التصوير، ثم اختار فضاءات بانورامية سياحية ممتعة ومشوقة فضائيا وديكوريا. كما وظف تقنية التوازي في تشغيل السيناريو والمونطاج، ولعب على اللقطات البلاغية المركبة من خلال استخدام صورة التماثل والتعادل والتوازي عبر المقابلة بين صورة الاخضرار وصورة الصحراء عبر استحضار وسيط الماء الذي يتخذ في الفيلم أبعادا شاعرية وإيحاءات رمزية تحيلنا على شاعرية الماء ورمزيته عند غاستون باشلار Gaston Bachelard. ونلاحظ أن الفيلم فيه نوع من الإتقان المحكم، والتخطيط الجيد ، والعمل المكثف من أجل أن يخرج الفيلم إلى المتفرجين العموم في أحسن صورة إخراجية. q فيلم" سر الغابة" لمخرجه محمد حدودو: " سر الغابة" لمخرجه محمد حدودو من أفلام الحركة التي تلتقط مجموعة من مشاهد الرعب والعنف في الغابة، حيث يتقابل في هذا الفضاء عصابة المخدرات و جماعة الشرطة، فيحدث بينهما صراع باستخدام المسدسات المتطورة، فينتهي الفيلم باستيقاظ البطل على تمثيلية محبكة من قبل أصدقائه/ الأعداء. لكن فرجة الكاميرا المخفية ستتحول إلى حقيقة درامية فظيعة. فلم يكن البطل المطرود من قبل الآخرين سوى مجرم خطير خرج للتو من السجن، فأفرغ كل رصاصات مسدسه في جوف هؤلاء واحدا تلو الآخر. وعليه، فلقد كتب المخرج محمد حدودو السيناريو في فترة وجيزة جدا بدون مراعاة القواعد الفنية لكتابة السيناريو، كما صور الفيلم تصويرا مشوها في حيز زمني محدود. وبالتالي، فلقد استخدم كاميرا رقمية بسيطة (Digital ) وعادية في تصوير اللقطات والمشاهد الفيليمة؛ لذلك شاهدنا الممثلين على الشاشة بجثث ضخمة مشوهة كروتيسكيا. ويعود السبب في ذلك إلى سوء تشغيل الكاميرا، وعدم الدراية بتوظيفها سينمائيا. أضف إلى ذلك أن المخرج نقل مجموعة من المشاهد الحركية من الأفلام المعروفة في الساحة الفنية العالمية. ومن هنا، فالفيلم ضعيف جدا وهزيل على مستوى التشخيص والإخراج وكتابة السيناريو وتوظيف التقنيات السينمائية والفيلمية. q فيلم" صرفلو" لمخرجه نور الدين الشاوني: قدم المخرج نورالدين الشاوني فيلم" صرفلو" لالتقاط ظاهرة التسول في المجتمع المغربي من خلال تركيز عدسة الكاميرا على متسول عجوز معروف في المدينة بالاستغلال و الخداع والمكر والاحتيال. ولقد أحسن المخرج في تصوير فيلمه باستعمال اللقطات العامة واللقطات الصدرية لتصوير الشخصيات عن بعد، وتوظيف الاستشراف الإيحائي المتعلق بمصير المتسول عن طريق استعمال سيارة أوشكت أن تدوس هذا المتسول المحتال. ويعد الممثل دريس فيلالي شوكة من أحسن الممثلين في المهرجان؛ لأنه استطاع بمهارة وإتقان أن يشخص دور المتسول المحتال تشخيصا جيدا على مستوى الأداء السينمائي الخارجي. وبالتالي، فقد عبر هذا الممثل المحترف عن مشهد المكر بكل هستيرية وشذوذ للإحالة على عالم الاغتراب والاستلاب والتناقضات الجدلية والمفارقات الغريبة. ومن هنا، فالفيلم ذو طابع واقعي اجتماعي كوميدي هزلي يتميز بالباروديا والتهجين والكروتيسك والفكاهة . بيد أن تمثيل الولد المرافق للمتسول في الفيلم لم يكن أداؤه ناجحا على مستوى التشخيص؛ لأن ملامحه كانت باردة وجامدة ، ولم تعكس لنا حالة الخوف والقلق والاضطراب النفسي . q فيلم" سعيد " لمخرجه محمد أغروض: يعتبر فيلم" سعيد" لمخرجه الصويري محمد أغروض من الأفلام التربوية التحسيسية التوجيهية التي تصور الطفولة المغتصبة في مجتمع يعيش تفاوتا اجتماعيا وصراعا طبقيا. لذلك، نجد الطفل اليتيم سعيد منذ بداية الفيلم شخصية منحرفة تائهة تتعاطى المخدرات بسبب عدم تلقيه العناية اللائقة به والرعاية الأسرية الصحيحة ، ناهيك عن تعاطي الأم للدعارة من أجل الإثراء والاغتناء على حساب القيم الأصيلة وكرامة ابنها الوحيد. ومن ثم، ينتقل الطفل سعيد من مسح الأحذية إلى بيع السجائر ليمارس عليه الاغتصاب، فيضيع في الأخير بين تعاطي المخدرات والاستسلام للتيه والضلال. وينتهي الفيلم باقتراب سعيد من مدرسة المستقبل باعتبارها مؤشرا سيميائيا دالا يعبر عن الحل الحقيقي لمعالجة ظاهرة الاغتصاب الطفولي. وهكذا فقد كان الفيلم مفيدا وممتعا ومشوقا على مستوى الرؤية الإخراجية والتشخيص الفني . لذلك ، فاز الفيلم بجائزة السيناريو بسبب تماسك الفيلم اتساقا وانسجاما وحبكة وإيقاعا، كما نال الطفل نورالدين الشبلي جائزة التشخيص للذكور الصغار. 2- مميزات أفلام المهرجان: q المواضيع المتناولة: يلاحظ متتبع الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان أن المخرجين الهواة قد تعاملوا مع مواضيع فيلمية متنوعة، فهناك من اختار أفلام الحركة كفيلم " رداء الموت" وفيلم " سر الغابة"، وهناك من اختار الفيلم الواقعي التراجيدي كفيلم " من أجل أمي "، وهناك من فضل الفيلم الاجتماعي الكوميدي الهزلي كفيلم " صرفلو" وفيلم " الميزان المقبول"، وهناك من اشتغل على الفيلم التربوي التوجيهي التحسيسي كفيلم " اغتصاب الصمت"، وفيلم "سعيد"، وفيلم " أنفاس". ومن ثم، تحضر في هذه الأفلام القصيرة مجموعة من التيمات السينمائية كالطفولة والأمومة والإجرام والحرية والهوية والتسول، وهي نفس المواضيع والتيمات التي تناولتها الأفلام المغربية الطويلة من عيار 35 ملم . ويلاحظ أيضا أن أغلب هذه الأفلام القصيرة الهاوية أفلام هادفة ترمي إلى انتقاد المجتمع المغربي المليء بالتناقضات الجدلية ذات الطابع السياسي و الاجتماعي والطبقي والثقافي ، كما تنتقد مجموعة من الظواهر السلبية الطارئة على مجتمعنا المغربي الأصيل كالاغتصاب والشذوذ و التسول والإجرام . q أشكال الخطاب السينماتوغرافي: من يشاهد الأفلام التي شارك بها المخرجون الهواة في المهرجان الثاني لمبدعي الأفلام القصيرة / هواة بالناظور ، فإنه سيلاحظ بلاريب أنها أفلام قصيرة من حيث المدة الزمنية لاتتعدى ربع ساعة. وبالتالي، تمتاز هذه الأفلام المعروضة على شاشة المركب الثقافي بالتكثيف والاختزال والإيجاز والحذف وتسريع اللقطات. ومن ثم، فأفلام المهرجان تتأرجح بين ماهو كرونولوجي وماهو دائري يعتمد على الاسترجاع والفلاش باك. كما تعتمد هذه الأفلام على المونطاج المتسارع الإيقاع والمونطاج المتوازي. وهناك أفلام تعتمد على اللقطات الفيلمية البسيطة كما هو معظم أفلام المهرجان، وهناك أفلام ذات لقطات مركبة كفيلم " أنفاس" لبوشتى المشروح. وفيما يخص لغة الأفلام ، فهناك اللغة الصامتة، واللغة الحوارية، واللغة الحركية، واللغة الشاعرية. وترد ، من حيث الصياغة الفنية والجمالية، أفلام واقعية، وأفلام رمزية، وأفلام حكائية شاعرية، وأفلام حركية . 3- مشاكل المخرجين الهواة: تعترض المخرجين الهواة مجموعة من المشاكل التي تعرقل عملهم الميزانسيني، وتحول دون تقديمهم لأفلام جيدة تكون في المستوى المطلوب. ومن بين هذه المشاكل والمثبطات التي تقف في وجه هؤلاء المبدعين الهواة نذكر على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر والتقييد: - نقص في الإمكانيات المادية المالية. - عدم الإلمام بتقنيات كتابة السيناريو. - عدم التمكن فنيا وجماليا بقواعد المونطاج (التركيب) والديكوباج(التقطيع). - ضعف في التمكن من تقنيات التصوير على مستوى استخدام الكاميرا وتبئيرها. - بساطة آليات التصوير وآليات الرصد والتأطير ( الكادراج) . - قلة الزاد المعرفي والثقافي لدى المخرجين الهواة بسبب غياب القراءة الجادة والهادفة ، وعدم الاطلاع على كتب الفلسفة والسينما والآداب والتشكيل من أجل تقوية الملكات الفكرية ودعم المخيال الفني والجمالي والتصوري . - الهزالة في توظيف المؤثرات الصوتية والمؤثرات السينمائية الخاصة. - ضعف في تأطير الممثلين لعدم دراية المخرجين بقواعد التشخيص المسرحي والسينمائي. - تأثير الظروف الجوية والزمنية على إنجاز الفيلم القصير في أحسن الصيغ الفنية والجمالية المقبولة. - صعوبة الحصول على ترخيص المركز السينمائي المغربي أو على ترخيص السلطات المحلية لإنجاز الأفلام في أحسن الظروف القانونية المتاحة. - عدم صقل الهواية بالتجربة المحكمة ، ودعمها بالممارسة التقنية الميدانية، وتهذيبها بالمعرفة الحقيقية المتعلقة بضرورة الإلمام بقواعد الفن السابع. - عدم حضور الكثير من المخرجين الهواة إلى الورشات التكوينية في مجال السينما لللاستزادة والاطلاع والتثقيف؛ - عدم مرافقة المخرجين الهواة للمخرجين المحترفين من أجل اكتساب ممارسة سينمائية علمية حقيقية ومضبوطة. خاتمة: وخلاصة القول: لايمكن أن ينجح الفيلم القصير الذي يبدعه المخرجون الهواة إلا بواسطة المهرجانات واللقاءات والورشات التكوينية التي تساهم في تكوين الممثلين والتقنيين والمخرجين صانعي الأفلام القصيرة وتأطيرهم تأطيرا جيدا في مجال التشخيص السينمائي، وكتابة السيناريو، وتملك تقنيات الإخراج على ضوء طرائق فلسفية وفنية وجمالية معاصرة. ولقد استعرضنا في هذه الدراسة مجموعة من المشاكل والعراقيل التي تقف حجرة عثرة أمام مجموعة من الأفلام القصيرة المغربية، ولايمكن تذليلها إلا بتوفير الإمكانيات المادية والمالية والبشرية، وتأهيل المخرجين والممثلين والتقنيين تأهيلا علميا دقيقا ومضبوطا، وصقل هواية المخرجين المبدعين بالمعرفة الفنية الشاملة ، والانفتاح على باقي المعارف والعلوم والآداب والفنون . وفي الأخير، نشكر كافة المخرجين الذين شاركوا في المهرجان الثاني لمبدعي الأفلام القصيرة ، صنف هواة ، ذكورا وإناثا على محاولاتهم الجادة لتقديم فرجات سينمائية هادفة وممتعة ومشوقة . وننصحهم أيضا بالمزيد من العمل الجاد في المهرجانات اللاحقة بشرط أن يتسلحوا بالأناة والروية والبحث والاجتهاد والإخلاص والصبر، مع التحلي بالإرادة والطموح من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، والظفربالمبتغى المطلوب. الدكتور جميل حمداوي - عضو الجمعية العربية لنقاد المسرح- ''الفوانيس السينمائية'' جائزة تشخيص صنف إناث لفاطمة زيطان
جائزة تنويه لفيلم" اغتصاب الصمت" لمخرجه محمد سطار جائزة السيناريو لفيلم "سعيد" لمخرجه محمد أغروض
الدكتور جميل حمداوي باعتباره ممثل لجنة التحكيم يقدم تقويما شاملا لأفلام المهرجان صورة جماعية للحاضرين في المهرجان السينمائي في نسخته الثانية