من بين الأفلام المغربية التي عرضت في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش خلال الأيام القليلة الماضية، "أزرق القفطان" لمريم التوزاني في المسابقة الرسمية و"أيام الصيف" لفوزي بن سعيدي في "بانوراما السينما المغربية. "أيام الصيف" الأخيرة رجع فوزي بن سعيدي في فيلمه "أيام الصيف" للمسرح حيث شب وترعرع ليزاوج بينه وبين السينما في أسلوب فني نشاهد فيه مرجعياته السينمائية الخاصة باستمرار وطيلة لحظات الفيلم، خصوصا فيلمه القصير "الحيط" الذي استعار أسلوبه في فيلمه الطويل هذا. ركز فوزي بن سعيدي في "أيام الصيف"، الذي كان عرضه العالمي الأول ضمن فقرة "بانوراما السينما المغربية" على الشخصيات من خلال لقطات ثابتة وكادرات يدخل فيها الممثلون ويخرجون منها كما يحدث على خشبة المسرح. اختيار فوزي كان مسرحيا وكنه حاول جذب المسرح للسينما كما كانت بداياتها، حيث الكاميرا لا تترك مكانها إلا قليلا لتدع للممثلين أن يبدعوا كما شاء لهم ذلك مع غياب كلي للقطات الكبيرة والمقربة لوجوه الممثلين. لكن فوزي لم ينس تلك التكوينات الهندسية التي تطبع أفلامه والتي وجدناها هنا في فيلمه هذا أيضا. وكأنه أراه فيلما للممثلين وتكريما لهم ومن أجل أداءهم ، وأيضا كتكريام للمسرح من خلال هذه القطعة للتشكوف التي أحبها ونقلها للسينما. يتناول فيلم "أيام الصيف" إندثار طبقة نبيلة ثرية ومثقفة وراعية للفن وإفلاسها بعد أن كانت في أوج تألقها وكيف أن زمنها حيث ازدهر الفن والثقافة بفضل رعايتها له وَلىَّ وانقضى ليعوضها أثرياء جاهلون وأغنياء الصدفة الفاقدون لأي ذوق والذين حلوا ليدمروا المعمار الفني مليء بالجمال ويعوضوه بالإسمنت البشع الخالي من أي ذوق جمالي. "أزرق القفطان" تكريم وجرأة بخصوص فيلم أزرق القفطان لمريم التوزاني فهو فيلم يعبق سينما، رغم أنه يزيغ عن الواقع المغربي ليُحلِّق بنا في خيالات المخرجة وفي رؤياها لواقع تتصوره أو تصورته ذات لحظة وأصبح خيالا حولته لفيلم جميل فنيا قد يتقبله الكثيرون في المهرجانات العالمية رغما عن أي تصور مغربي للسينما. فيلم مريم التوزاني هو بمثابة تكريم لمهنة انقرضت أو كادت هي مهنة "معلميا" الخياطة التقليدية ، لكنها ذهبت بعيدا من هذا لتتناول مفهوم الحرية في الحب وفي اختيار مانريده رغم أحكام المجتمع وضدها في نفس الآن. أجواء وفضاءات فيلم "أزرق القفطان" تتشابه مع فضاءات فيلم مريم التوزاني الأول "آدم"، إذ نحس ونحن نشاهد الفيلم الأول وكأننا ظللنا في نفس الحي الذي كانت تعيش فيه بطلتا "آدم" ولم تفعل المخرج سوى كونها أخرجتنا من منزل هذا الفيلم لتدخل بنا في المنزل المجاور له في "أزرق القفطان".