شارك عبد الفتاح الحجمري مدير مكتب تنسيق التعريب ( ألكسو) بالرباط في احتفالية إطلاق المجلدات السبعة عشر الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية في إنجاز ثقافي وحضاري يؤرّخُ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر سبعة عشر قرنا؛ كما تمّ بالمناسبة إطلاق الموقع الرسمي للمعجم ليكون متاحاً أمام الباحثين والمهتمين من أجل تصفح المجلدات المنجزة والبحث عن الجذور والمداخل، بالإضافة إلى إمكانية تصفح المدونة وما تحويه من كتب وعناوين تم الاعتماد عليها لإعداد الأجزاء الأولى من هذا المعجم : www.almojam.org . وتغطي مجلدات المعجم الأولى الأحرف الخمسة الأولى: الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم، حيث تقدّم تاريخ المفردات في السياق الذي وردت فيه في عصر ما قبل الإسلام، على ألسنة الشعراء الجاهليين، مرورًا بالعصر الإسلامي، وتتبع اللّفظ في النص القرآني، والحديث النّبويّ الشريف، مرورًا بالشعر الأموي، فالعباسي إلى العصر الحديث، وترصد حركة الألفاظ. وفي تصريح لعبد الفتاح الحجمري مدير مكتب تنسيق التعريب أفاد فيه أن إنجاز هذا المعجم الذي يشرف عليه اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة يعرف أيضا مشاركة عشرة مجامع عربية ويتولى مجمع اللغة العربية بالشارقة إدارة لجنته التنفيذية، يستند في إنجازه على قاعدة بيانات تم جمعها ورقمنتها وتضم اليوم حواليْ 20 ألف مؤلف ومصدر ووثيقة تاريخيّة باللغة العربية، منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام. ويشكل المعجم، إلى جانب أنه يبحث ويوثّق لمفردات اللغة العربية، مكتبة رقمية ضخمة مكوّنة من أمّهات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة تمكّن الباحثين والقرّاء بعد الانتهاء من مراحل إعداده كاملة، الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق يُعرض بعضها رقميا لأول مرة في تاريخ المحتوى المعرفي العربي. كما يقدّم هذا المعجم مقارنات بين الألفاظ في اللغة العربية وبين ما انحدر منها في اللغة العبرية والأكّادية والسّريانية والحبشية وغيرها، وفي هذا المجال تمّ تكليف لجنة متخصّصة برصد أوجه الشّبه والاختلاف بين الألفاظ العربية وما يقابلها في تلك اللغات، وذكر الشواهد الحيّة التي تدلّ على ذلك مع توثيقٍ للمصادر والكتب التي أُخِذت منها. وختم عبد الفتاح الحجمري تصريحه بالقول إن الحاجة ضرورية اليوم لمواصلة إعداد المعجم التاريخي للغة العربية ذلك أننا ورثنا لغة ذات تاريخ طويل وعلينا أن نسير بها نحو مستقبل يطرقُ أبواب حضارة مُعاصرة دينامية متَجددة على الدوام. بإنجاز المعجم التاريخي للغة العربية يكون هذا العمل الضّخم المصدر الأغنى لهذه اللغة يستفيدُ منه المثقفون والطلابُ والأكاديميّون، والشعراءُ والأدباءُ والمفكرون، ويحفظ الذّاكرة اللغوية العربيّة بتوثيق مُحكم للنُّصوص والأشعار والشواهد الدالة، المُستمدة من مُدونة لغوية تضمّ أمَّهات المصادر والمراجع، ومِنْه يُمكن استخلاص المرجع الميسِّر لقواعد العربية ونحْوها وصرفها وبَلاغتها ومُجمل عُلومها وحُقولها المَعرفيّة.