أيها البحر أيها البحر ضاع هزار الحياة مات قبطان النجاة فلتفكر كيف تحمي ما تبقى من رذاذ الحياة مركبي ماض يتكسر وأنا عبد ضعيف قد رماني موجك إلى صحراء كاسر أيها البحر كسرت جمجمة التاريخ فجرت أروقة الشمس بعثرت أوسمة الثلج مزقت أوردة السد وأنا أبكي تحت هزات الكراسي وهدير الملحدين أيها البحر صلبوا عقبه في غابة كسرى أيقظوا يوغرطه الكاهن في حلم الجنين احضروا ثورا رماديا ليقيموا زرده ليقيموا حضرة وطقوسا.. وصلاة.. وقراءات على نعش الحنين وأنا ابكي وأنا أجري... تائها..جائعا...خائفا في سراديب القبور احمل الجرحى ادفن القتلى بين صيحات الدراويش وصقيع "الباربول" سقط القصر..سقط الجسر سقط العمر ولم يبق سوى ظل السنين وأنا ابكي..وأنا اجري واجري جردوني من كتابي.. لست ادري جردوني من حروفي..لست ادري سلخوني من وصالي..لست ادري وانا أمشي وجسمي عوره وأنا أجري ونفسي ثوره..صاعدا.. هابطا بعد أن ضيعت أوراقي ونايي وغدي في زحمة الغرب اللعين أيها البحر جف ريقي.. جف بطني..جف حبي وانا اجري..وطني يجري وأبي يجري.. لماذا يجري؟ ..لست ادري أيها البحر قال لي الدكتور :هذا زمن الشعر قلت له: هذا زمن الجدب.. زمن الخنث زمن الكرسي..زمن الجنس زمن الظل ..زمن الحيض..زمن الجهض أيها البحر لم اعد أعرف جسمي لم اعد أعرف وجهي وانا اجري بلا عقل إذا شئت أكلت الآن جروي وانا اجري وخلفي وجع يمشي مدن تبكي وطن يغلي وطن يبحث عن نافذة في حانة الخمر وطن أعياه ترحال اليتامى ترحال الرصاص ترحال الدموع وبراكين الأسى والذعر