احتضنت مدينة تطوان، اليوم السبت، ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي احتفاء بالإبداع الثقافي العربي والمغاربي. ونظم الملتقى بمبادرة من دائرة الثقافة في حكومة الشارقة بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان، حيث شكل مناسبة للاحتفاء بالباحثة والمحققة المغربية حسناء داود، عرفانا بدورها ومساهمتها في التعريف بالتراث المغربي والعربي وإغنائها المكتبات العربية بعدد من البحوث والدراسات. وأشاد وزير الثقافة والشباب والرياضة، عثمان الفردوس، في كلمة تليت باسمه، بانعقاد هذا الملتقى في المملكة المغربية بمبادرة كريمة من سمو حاكم الشارقة الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، كتتويج لبرامج وعلاقات الشراكة المتواصلة بين الوزارة ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وأكد السيد الفردوس أن "الإعلان عن ملتقى التكريم الثقافي هو ترسيخ أصيل لثقافة الاعتراف بالمثقفات والمثقفين وبأدوارهم في بناء المجتمعات ونهضة الشعوب في ظرفية صعبة للغاية"، مبرزا الحاجة إلى مثل هذه الملتقيات للتخفيف من حدة الآثار السلبية لجائحة كوفيد 19 على المشهد الثقافي. وقال "إن كان اختيار تطوان اختيارا دالا ومعبرا، بالنظر إلى المكانة التاريخية والحضارية لهذه المدينة العريقة، فإن اختيار الأستاذة حسناء داود، كريمة مؤرخ تطوان محمد داود، لهذا التكريم اختيار موفق للغاية، حيث ينتصر فيه الملتقى للمرأة المغربية والعربية"، مشيرا إلى الأبحاث والدراسات الشهيرة التي قامت بها المحتفى بها إلى جانب العناية بتراث والدها ومواصلة عملها على إخراج ما تبقى من كنوزه وذخائره ومواصلة البحث في التراث المغربي العربي. وتابع الوزير أنه إلى جانب ذلك، فقد أسست حسناء داود مؤسسة بحثية وعلمية تحمل اسم "مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة"، وهي لا تزال تحافظ فيها على آلاف المخطوطات والوثائق وأرشيف الصحافتين العربية والإسبانية لتظل الخزانة الداودية شاهدة على ذاكرتنا الثقافية. وأعرب السيد الفردوس عن شكره لدائرة الثقافة في حكومة الشارقة على هذا التكريم والاختيار الحكيم، مجددا التأكيد على حرص الوزارة على إدامة علاقات الشراكة والتعاون بين الجانبين والرقي بها خدمة للثقافة العربية. من جانبه، أشار رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، عبد الله بن محمد العويس، أن هذه الملتقى الثقافي الجديد جاء بمبادرة من الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد وحاكم الشارقة، موضحا أنه يروم تعزيز واستكمال الأنشطة الثقافية العربية، وتكريم الشخصيات العربية التي أسهمت في خدمة الثقافة العربية المعاصرة وإبراز إسهاماتها. وبعد أن سجل أن هذه المبادرة لقيت ترحيبا وتجاوبا مثمرا من المملكة المغربية ووزارة الثقافة والشباب والرياضة لفتح مساحة أدبية جديدة، أشار السيد العويس الى أن الاحتفاء بالأستاذة حسناء داود جاء تقديرا لدورها الثقافي المهم، لافتا إلى أن هذا التكريم هو فاتحة لقاءات تكريمية قادمة للاحتفاء بشخصيات مغاربية. من جهتها، أعربت حسناء داود عن "سعادتها واعتزازها" بهذا التكريم الذي يدل على الاعتراف بالدور المهم الذي يطلع به المثقفون في النهوض بالمجتمعات والشعوب عموما، ومساهمتهم في إغناء الساحة الثقافية المغربية والعربية وتجديد الثقافة العربية ودعم إشعاعها الفريد. كما تقدمت بالشكر إلى إمارة الشارقة على هذه المبادرة المحمودة التي تروم ترسيخ ثقافة الاعتراف والإبداع والتميز في المجال الثقافي. وتخلل هذا الحفل، الذي تميز بمشاركة عدد من المسؤولين المغاربة والإماراتيين وشخصيات من عالم الثقافة والفن بتطوان، تقديم شهادات في حق المحتفى بها وصرامتها العلمية وتفانيها في خدمة المشهد الثقافي وذلك على طول مسارها المهني والعلمي المتميز. وتم على هامش اللقاء تنظيم زيارة إلى المكتبة الداودية بتطوان والتي تزخر بالآلاف من الوثائق والكتب والمخطوطات النادرة ونسخ من الصحف القديمة والصادرة بعدة بلدان عربية وأجنبية، وصور ومجموعات طوابع بريدية، وتشكل المكتبة محجا لعدد من الباحثين والمحققين من المغرب والخارج.