يتميز حفل افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان سبو للفيلم القصير ، الذي ستحتضنه قاعة الندوات ببلدية القنيطرة يوم الأربعاء 21 ماي 2014 ابتداء من الثامنة ليلا ، بتكريم جديد ينضاف الى العديد من التكريمات التي حظيت بها الممثلة القديرة نعيمة لمشرقي في مناسبات وتظاهرات فنية وثقافية مختلفة . فيما يلي ورقة تعرف بمسارها الفني الطويل :
الممثلة نعيمة لمشرقي : تاريخ فني حافل بالعطاء
تعتبر نعيمة لمشرقي واحدة من الممثلات المغربيات اللواتي ساهمن بقسط وافر في ترسيخ فن التشخيص على أسس متينة ببلادنا ، سواء على خشبات المسرح أو من خلال ميكروفون الاذاعة أو على شاشتي التلفزيون والسينما . فتجربتها التشخيصية تجاوزت نصف قرن من الزمان ا، حتكت عبر محطاتها المختلفة بمبدعين كبار من داخل المغرب وخارجه ، تأليفا واخراجا وتشخيصا . كانت الانطلاقة الأولى في خمسينيات القرن الماضي منذ مرحلة الطفولة عبر أنشطة مدرسية وغير مدرسية ، وتلاها انخراط في مسرح الهواة بمختلف تلويناته وصولا الى مرحلة الاحتراف وما يرتبط بها من نضج ملحوظ ودراية كافية بطبيعة العمل الفني وتمكن من أدوات التعبير بالصوت والجسد وتقاسيم الوجه ، على الركح وأمام الكاميرا والميكروفون . من الصعب الفصل في التجربة الفنية للأستاذة نعيمة لمشرقي بين الأبعاد المسرحية والسينمائية والاذاعية والتلفزيونية وغيرها ، وذلك لأن حضورها كان قويا في هذه المجالات كلها سواء كممثلة أو كصوت اشهاري أو كمقدمة ومنشطة لسهرات وبرامج اذاعية وتلفزيونية وغير ذلك ، زد على ذلك حضورها الوازن على الواجهة الاجتماعية كسفيرة للنوايا الحسنة (اليونيسكو) وعلى الواجهة النقابية كعضوة نشيطة داخل وخارج النقابة الوطنية لمحترفي المسرح وعلى الواجهة الجمعوية والثقافية والمهرجانية وغيرها كعضوة في لجن تحكيم المهرجانات المسرحية والسينمائية والتلفزيونية أو في الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ... لقد ارتبط اسمها بالتلفزيون منذ انطلاقته المحتشمة بالمغرب في الستينات من القرن الماضي حيث شاركت في بعض الأعمال الأولى نذكر منها بالأساس : فيلم " حديث الأجيال " (1964) من اخراج زوجها عبد الرحمان الخياط ومسلسل " التضحية " (30 حلقة) من اخراج جماعي (عبد الرحمان الخياط وعبد الله المصباحي والراحلين محمد الركاب وحسن الصقلي ) و مسلسل " المنحرف " (15 حلقة) من اخراج زوجها عبد الرحمان ومسلسل " الاعتراف " ومجموعة من المسرحيات المصورة وغيرها ... كما شاركت فيما بعد في أكثر من مائة عمل تلفزيوني لعل من أشهرها مسلسلات " أولاد الحلال " لمحمد حسن الجندي و " عز الخيل مرابطها " و " أولاد الناس " لفريدة بورقية و " عائلة رامدام " (مسلسل فرنسي) والسلسلة التربوية " ألف لام " والفيلمين التلفزيونيين " أكيم " لاسماعيل فروخي و " وتسقط الخيل تباعا " لمحمد الشريف الطريبق ... في السينما شاهدناها في الأفلام التالية : " عرس دم " (1977) لسهيل بن بركة و " 44 أو أسطورة الليل " (1981) لمومن السميحي و " أيام شهرزاد الجميلة " (1982) لمصطفى الدرقاوي و " بادس " (1988) لمحمد عبد الرحمان التازي و " حجر الصحراء الأزرق " (1992) لنبيل عيوش و " فرسان المجد " (1993) لسهيل بن بركة و " البحث عن زوج امراتي " (1993) لمحمد عبد الرحمان التازي و " البند الثاني " (1994) من انتاج محمد العسلي واخراج الايطالي موريسيو زاكارو و " للا حبي " (1996) لمحمد عبد الرحان التازي و " زنقة القاهرة " (1998) لمحمد عبد الكريم الدرقاوي و " فاتن " (1999) لمحمد فاخر و " خط الشتا " (2000) لفوزي بن السعيدي و " وبعد " (2001) لمحمد اسماعيل و " جارات أبي موسى " (2003) لمحمد عبد الرحمان التازي و " الأهالي " (2006) للفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب و " الدار الكبيرة " (2009) للطيف لحلو و " دم وماء " (2014) لعبد الاله الجوهري . وفي المسرح استفادت نعيمة لمشرقي منذ سنة 1958 من التداريب التي نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة بمركزالفن الدرامي بالمعمورة لفائدة الهواة تحت ادارة الأستاذ بيير لوكا وشاركت في عدة مسرحيات من بينها " كاليكولا " للممثل والمخرج الراحل مصطفى التومي و" البغلة المسحورة " من اخراج شارل نوغيس وتشخيص فرقة المعمورة و" ألعاب الحب والصدفة " من اقتباس واخراج الطيب الصديقي . وابتداء من سنة 1962 قررت التفرغ للمسرح بشكل احترافي وانضمت الى فرقة المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط ، التي كان الرائد الطيب الصديقي مديرا تقنيا لها الى جانب مديرها العام الفرنسي السيد سيليريي . ومن الأعمال المسرحية التي شاركت فيها لمشرقي كممثلة محترفة ضمن فرقة الصديقي نذكر على سبيل المثال : " مومو بوخرصة " و " السيدة كوديفا " و " المغرب واحد " و " مولاي اسماعيل " و " سلطان الطلبة " و " سيدي ياسين في الطريق " و " ديوان سيدي عبد الرحمان المجدوب " و " مدينة النحاس " .. وكل هذه المسرحيات كانت من اخراج الفنان الكبيرالطيب الصديقي . كما شاركت مع فرقة المعمورة الوطنية في مسرحيتي " الفضوليات " من اخراج عبد الصمد دينيا و " جوج امطارق في الراس " من اخراج زوجها ، ومع فرقتي البساتين في مسرحية " درهم الحلال " و المسرح البلدي بالدارالبيضاء في مسرحية " بنت الخراز " وهما من اخراج زوجها عبد الرحمان الخياط . هذا بالاضافة الى مسرحية " الفروع المكسرة " التي أخرجها الفرنسي دومينيك تيريي انطلاقا من نصوص شعرية لابن زيدون وأدونيس في اطار فرقة فن وتجربة بمدينة روين الفرنسية ، ومسرحية " الخادمات " التي أخرجها زوجها سنة 2000 وغيرهما . واذا انتقلنا الى مساهمات الفنانة نعيمة لمشرقي الاذاعية نلاحظ أن صوتها كان أول صوت استمعنا اليه من باريس ابان انطلاق المحطة الاذاعية الجديدة المغربية الفرنسية " ميدي 1 " ، التي أنتجت لصالحها ونشطت طيلة ثلاث سنوات برامج مختلفة ومتنوعة زيادة على برنامجها اليومي " نعيمة " الذي كانت تستغرق مدة بثه آنذاك ساعتين كاملتين وكانت مواضيعه المختلفة تلقى تجاوبا كبيرا لدى المستمعين . أما بالنسبة للاذاعة الوطنية بالرباط فقد انضمت نعيمة الى فرقة التمثيل بها منذ سنة 1971 وشاركت في عدد كبير من البرامج المتنوعة والأعمال الدرامية والمسلسلات الاذاعية الى جانب عمالقة التشخيص بالمغرب آنذاك أمثال أمينة رشيد وحمادي التونسي ومحمد حسن الجندي والراحلون العربي الدغمي وحبيبة المذكوري ومحمد أحمد البصري ووفاء الهراوي وعبد الرزاق حكم وحماد الأزرق ... وقد تم تتويج مشاركاتها الاذاعية والتلفزيونية بحصولها على جائزة أحسن ممثلة سنتي 1998 (عن دورها في المسلسل الاذاعي " أمينة " من اخراج محمد حسن الجندي) و 1999 (عن دورها في المسلسل التلفزيوني " أولاد الناس " من اخراج فريدة بورقية) من المهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون بالقاهرة . لقد لعب الفنان والمثقف والمخرج السينمائي والتلفزيوني والمسرحي عبد الرحمان الخياط ، كزوج ومستشار فني ، دورا كبيرا في صقل موهبة زوجته الممثلة نعيمة لمشرقي والارتقاء بها الى مستوى عال من التميز والتألق . فتحية لهما بمناسبة هذا التكريم القنيطري ، الذي يتزامن مع مرور ما يقارب نصف قرن من الزواج في الفن والحياة ، ومزيدا من العطاء الفني .