للمبدعين والمبدعات طقوس خاصة تقتضيها عوالم الكتابة والقراءة، وكذا التفاعل مع المكان والزمان، إنهم ذوات حساسة تعكس رهافة الشعور وعمق المعنى ولطافة الصورة ودقة الفكرة...، إنهم الوجه الحقيقي للإنسانية إذ ينصتون للكون ويذكروننا بمعنانا ويقرعون أجراس المحبة والتواصل، ويزرعون بذور الأمل وشتائل المعنى.. والمبدعون والمبدعات المغاربة، رغم ما يقف في سبيلهم من هموم وعوائق لا زالوا يرسمون أقواس قزح وضحكات الصبيان، لا زالوا يغازلون الرياح ويحدثون البحر عن الذاكرة والألم، لعلنا نشفى قليلا من خيبة الغياب وأمراض زمن الرماد، لا زالوا يصرون على محاورة الكلمة والريشة وارتكاب الجَمال.. في هذا الشهر الفضيل كان لنا لقاء مع بعضهم، حملنا لهم سؤالين لا أكثر: 1- ماذا يمثل لك رمضان؟ 2- هل لكم برنامج خاص في هذا الشهر بخصوص القراءة والكتابة؟ اعتذر بعضهم مفضلا الحفاظ على خصوصيته الرمضانية بلطف، بينما استجاب آخرون مشكورين.. القاص والروائي مصطفى لغتيري: من مواليد 1965 ب الدارالبيضاء، مؤسس ورئيس سابق للصالون الأدبي المغربي، وعضو اتحاد كتاب المغرب، من إصداراته: "هواجس امرأة- قصص"، " شيء من الوجل- قصص"، "مظلة في قبر- قصص"، "رجال وكلاب- رواية"، "تسونامي، قصص قصيرة جدا"، "عائشة القديسة- رواية"، "ليلة إفريقية- رواية"، "رقصة العنكبوت- رواية"، "ابن السماء- رواية"، "على ضفاف البحيرة- رواية"، "أسلاك شائكة- رواية"، " تراتيل أمازيغية – رواية"، "زخات حارقة - قصص قصيرة جدا"، "امرأة تخشى الحب- رواية"، " ربيع تونس6 رحلة الإنسان والأدب- رحلة"، "تأملات في حرفة الأدب – مقالات أدبية ". حاصل على: • جائزة النعمان الأدبية من لبنان • تكريم الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب • جائزة ثقافة بلاحدود من سوريا • تنويه جائزة دار الحرف للرواية. "يمثل رمضان بالنسبة للمغاربة شعيرة دينية و عادة اجتماعية و معضلة اقتصادية، فأغلب الأسر تعاني الأمرين من أجل توفير نفقات هذا الشهر التي تتضاعف، وتصبح ثقلا على كاهل المواطن، سواء ذلك الذي ينتمي للطبقة المسحوقة أو الطبقة المتوسطة، كما أن البعض يوظفه سياسيا من خلال توزيع بعض "الصدقات" التي يجني نتائجها أضعافا مضاعفة في رصيده السياسي أو في الانتخابات، أما بالنسبة لي، فرمضان يمثل لي فرصة للتأمل في كل ما سبق وتحدثت عنه ، و استخلاص بعض النتائج، التي يمكن الاستفادة منها مستقبلا في الكتابة. بصراحة أجد خلال شهر رمضان صعوبة في التكيّف مع أجوائه المختلفة عن الأجواء العادية ، فلا أستطيع نتيجة لذلك الالتزام ببرنامج محدد في القراءة و الكتابة، لذا أحاول أن أملأ وقتي بأمور " تكتيكية" غير ملزمة كقراءة قصيدة هنا أو مقال هناك أو الانشغال بشيء معين ..هذه السنة ركزت على مختارات في القصة القصيرة جدا التي أطلقتها في صفحتي محاولا من خلالها تقديم نماذج من هذا الفن القصصي الجميل معتمدا على ذائقتي الأدبية و بعض المعايير الموضوعية غير المتشددة، فأعود بسبب ذلك إلى ما راكمته سابقا من نصوص مختارة، و أضيف إليه نصوصا جديدة من المجاميع القصصية المتوفرة لدي". القاصة والإعلامية: فاطمة الزهراء المرابط فاطمة الزهراء المرابط، قاصة، صحفية، فاعلة جمعوية من مدينة أصيلة، رئيسة الراصد الوطني للنشر والقراءة، مسؤولة عن الصفحة الثقافية بجريدة طنجة كازيت، نشرت عدة نصوص قصصية ومقالات وحوارات بعدة منابر وطنية وعربية، ورقية وإلكترونية، شاركت في عدة مهرجانات وملتقيات شعرية وقصصية، وساهمت في تنظيم عدة تظاهرات أدبية، سيصدر لها قريبا مجموعة قصصية بعنوان: "ماذا تحكي أيها البحر؟؟". "عندما أتحدث عن رمضان، أتحدث عن شهر مختلف بتقاليده وعاداته وظواهره الاجتماعية والدينية التي تميزه عن باقي الشهور الأخرى، هو شهر أخصصه للقراءة وإنهاء مشاريع إبداعية وثقافية مؤجلة، خاصة في غياب مرافق اجتماعية مفتوحة في وجه العموم خلال فترة الصيام، مما يفرض علي الانزواء في غرفتي رفقة الكتب المتراكمة التي تغريني بالغوص بين صفحاتها والأوراق التي تدعوني لتلوين بياضها. هناك من يعتبر شهر رمضان شهر الخمول والكسل الإبداعي، لكني أراه الشهر المناسب للإنتاج الأدبي والثقافي، خاصة وأنه يتزامن خلال هذه السنة مع العطلة الصيفية، لذلك أحرص خلال النهار على قراءة مختارات من الكتب الجديدة التي تتوفر عليها مكتبتي الشخصية، وساعات الليل لكتابة وتنقيح نصوص قصصية وإنهاء مقالات وتحقيقات أدبية واجتماعية، وكذا برمجة مشاريع إبداعية وجمعوية للموسم الثقافي القادم". الشاعر والناقد الطيب هلو: شاعر وباحث، من مواليد 1970 بوجدة. صدر له في الشعر:"قمر العتاب"، "لسيدة الشبق أعترف"، "هبيني وردا للنسيان". وفي النقد: "بلاغة الإيقاع في قصيدة النثر". كما صدرت له بالاشتراك مجموعة من الكتب من بينها: "قراءات نقدية في القصة التسعينية بالمغرب"، و"القصة القصيرة بالمغرب: دراسات في المنجز النصي"، و"تحولات القصة الحديثة بالمغرب"، و"الشعر المغربي وآليات الاشتغال عليه" ، و"متوّجاً بالفرادة يأتي" (قراءات في شعر أحمد بلحاج لآية وارهام). "رمضان هو فرصة لتأمل الذات وكسر العادات المستحكمة وفرصة لمراجعة مسار عام كامل. هو فرصة تصحيح العلاقة مع الله ومع الناس والذات وفرصة ذهبية للاحتفاء بالعلاقات العامة في المسجد (رؤية الجيران والأصدقاء). في رمضان لي برنامج للقراءة والكتابة مكثف. ففي الصباح قراءة الكتب الفكرية والنقدية ثم كتابة مقالات نقدية وإتمامها أما لبلا فهي فرصة لقراءة الإبداع خاصة الرواية وأنا هذه الأيام أقرأ الرواية الثانية خلال هذا الشهر فبعد أن أتممت قراءة " مطبخ الحب: لعبد العزيز الراشدي بدأت رواية "هذا الأندلسي" لبنسالم حميش. اما الكتب النقدية فأنا أقرأ كتبا حول الشعر الحديث. ولا أنسى الورد القرآني اليومي طبعا والذي هو مزوزع على اوقات متفرقة من اليوم. القاصة فاطمة الزهراء الصمدي: قاصة مغربية من مواليد مدينة طنجة سنة1985، درست الأدب العصري و الأدب الفرنسي و تكتب باللغتين، لها مجموعة قصصية عنوانها "في حياتي،أربعة جدران". "شهر رمضان بالنسبة لي فترة نقاهة فيه ابتعد عن كل القنوات التلفزيونية و الفضائية، اصب مجمل وقتي في قراءة الكتب و التأمل في القران الكريم، كما أحاول عدم الخروج من البيت إلا فيما ندر وللضرورة فقط، في رمضان الفائت أغلقت كل وسائل الاتصال(هاتف، كمبيوتر، تلفاز..) وعدت للقلم و الورقة فكتبت أفكارا، أحاول هذه السنة تطويرها. نعم لدي برنامج يومي أحاول فيه أن أنوع قراءاتي باللغتين العربية و الفرنسية و احرص على كتابة ملاحظات عن كل كتاب، فيما يخص التأليف ما زلت أدون رؤوس أقلام وأنتظر أن أجد الإلهام لأحولهم لقصة أو ربما خاطرة". الشاعر والتشكيلي نور الدين برحمة: له ديوان شعري بعنوان "لوحات بلون الحرف" شارك في العديد من المعارض التشكيلية مقيم بمدينة سوق أربعاء الغرب "شهر رمضان بالنسبة إلي هو عبارة عن علامة قف ...فهو فرصة لمراجعة الذات كما أنه يمثل لي لحظات إشراقية جميلة تغازل فيها الروح من أجل السمو بها عن كل الماديات التي تغتال عمقنا الروح....إنه شهر الإحساس بقوة الروح. أمارس يومي شبه عادي بين القراءة والتشكيل والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة بعض الأفلام التلفزيونية ...ثم الانترنيت...بالإضافة إلى جريدتي اليومية .... القاصة والإعلامية نادية الأزمي: قاصة، صحفية وفاعلة جمعوية، عضو المكتب الوطني لرونق المغرب، بدأت النشر منذ سنة 1999 في جرائد وطنية وعربية، كما نشرت عدة نصوص قصصية ومقالات ببعض المنابر الالكترونية، شاركت في العديد من الملتقيات القصصية واللقاءات الأدبية "رمضان شهر الفضيلة و فرصة تتاح للإنسان في السنة مرة فيها يتحقق للفرد المسلم تجديد إيمانه و صفاء نفسه مع التدرب على الصبر و قوة العزيمة . عنِّي أغير بعض عاداتي لِتُلائم روحانية هذا الشهر العظيم فأحاول استغلال أوقات رمضان أحسن استغلال بما يعود على نفسي بالسكينة و الاطمئنان و أعتبره فرصة للتجدد حيث الروحانيات تعيد للنفس توازنها .. على مستوى العلاقات الإنسانية تضحى أكثر ترابطا خاصة و أن الزيارات العائلية تكثر خلال هذا الشهر إضافة إلى التكافل الاجتماعي فرمضان يقدم لنا دروسا لتصحيح مسار الحياة المادي ... أكيد أن التغيير العام الذي يحدث في عاداتنا اليومية بدخول شهر الصيام يتيح للمرء فرصة لممارسة هواياته. حيث اخصص وقتا للقراءة .. أيضا أحاول التركيز على بعض السلوكيات التي تَجِدُّ في هذه الفترة. عين الكاتب تتقن التقاط أي شاردة قد تمر عليها لتعكسها من خلال فعل الكتابة ،.. و شهر رمضان برغم مدته المحددة إلا أنه يشكل مادة دسمة للكتابة ، من خلال سلوكيات الأفراد، البرامج المقدمة في التلفزيون و التي تحمل الغث و السمين ، الأسواق التي تكتظ بالسلع و تجلب إليها أنظار الصائم .. كلها و غيرها يستحيل مادة مهمة تُزكي فعل الكتابة و تحرض على الإبداع".