يخوض المسرحي عبد اللطيف الصافي تجربة مسرحية جديدة مع فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم، واختار هذه المرة إعداد عرض مسرحي عن نص “خمسة أشهر لدى البيظان” لكاميل دولز. فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم، والتي انبثقت فكرة تأسيسها، بتاريخ 05 يوليوز 2010، على إثر تنظيم دورة تكوينية في المسرح، استفاد منها مجموعة من المجازات والمجازين العاملين بقطاع التعليم، والذين استقر رأيهم على خلق إطار تنظيمي لتعميق خبراتهم في أفق تأسيس حركة مسرحية بالمدينة. من هذا المنطلق، ظل طموح المشروع المسرحي الذي تبنته جمعية أدوار للمسرح الحر بكلميم، السعي إلى تأهيل الممارسة الفنية والثقافية بالمدينة والجهة، وبناء حركة مسرحية بكلميم باعتماد نهج تشاركي منفتح على مختلف الفعاليات المحلية والوطنية وتركيز الاهتمام على تأهيل العنصر البشري في مجالات التمثيل والجوانب التقنية والتدبير الإداري والمادي والمالي ومختلف التقنيات المرتبطة بالمنتوج الإبداعي المسرحي والمساهمة في تحقيق الإشعاع المطلوب لمدينة كلميم عبر استضافة مبدعين ومهتمين من داخل الوطن وخارجه. وفي غياب الدعم، ونظرا للوضع الذي تعرفه المدينة والجهة، والذي أثر بشكل كبير على الحركة الثقافية والفنية بكلميم. راهنت فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم على إمكانياتها الذاتية، وظلت طيلة مسارها الذي وصل الى 19 سنة من الحراك الفني والثقافي، تواصل تأسيس مشروعها الفني في اعتماد كلي على تأهيل العنصر البشري، وتمنية مهارات الطاقات الشابة التي تزخر بها المنطقة. وتوسيع قاعدة الفاعلين أنفسهم في المجال الثقافي والفني بالجهات الجنوبية، وتمكين الفئات الشابة من آليات الاشتغال الاحترافية في مجال المسرح واكتشاف قدرات المشاركين وتنميتها واختبارها من خلال التعبير الجسدي. مسرحية «نصراني في تراب البيضان»، إنتاج 2019، والتي تراهن على اللغة الحسانية والعربية، قام بإعدادها وإخراجها الفنان عبد اللطيف الصافي والفنان عبدالعزيز نافع مساعدا للمخرج، فيما سهرت على إعداد سينوغرافيتها الفنانة أسماء هموش، ويشرف على إدارة الخشبة عبد العزيز منتوك، المحافظة العامة شفيق طويلي، إنارة و موسيقى ابراهيم عجاج، فيما يدير الإنتاج حسن لحمادي. المسرحية، والتي قدمت العديد من العروض بمدينة كلميم والنواحي، في اعتماد كلي على إمكانيات الفرقة، يقوم بتشخيص أدوارها، ثلة من الفنانين الشباب، تألقوا في العديد من العروض المسرحية وتوجوا بالعديد من الجوائز، وهم على التوالي: أيوب بوشان، مصطفى اكادر، حمادة أملوكو، إبراهيم بنرايس، ويشاركهم الفنان عبداللطيف الصافي في التشخيص. وتحكي المسرحية عن كاميل دولز والذي “لم يأبه لتحذيرات كل من التقاهم في لانزاروطي، فعقد العزم على تحقيق حلم طالما راوده و هو النزول بسواحل الصحراء متخفيا في هيئة مسلم. لكن قدره، بعد أن وطأت قدماه أرض الصحراء وأصبح وحيدا في عالم تطوقه مجموعة من الاساطير و التراجيديات، استحال الى تجربة مريرة اثر سقوطه بين يدي مجموعة من “البيظان” الذين سلبوه كل ما يملك وعذبوه واقترب من الموت مرات عديدة..”. وانطلقت رغبة المخرج عبداللطيف الصافي، أولا في الإعداد للنص الدرامي، على الاشتغال على النص الأدبي “خمسة أشهر لدى البيظان” في المقام الأول من قوة كاتبه في التحدث عن مغامرته وعن مجتمع الرحل في أرض “البيظان” الذي يستكشفه بإصرار تتوزعه الرغبة و الرهبة. ان كاميل دولز كباحث انتروبولوجي ومغامر، اهتم بكشف الجوانب الخفية في حياة الرحل بالصحراء المغربية أواخر القرن التاسع عشر، لهذا فان احداث مسرحية ” نصراني ف أرض البيظان” ليست فقط أحداثا حقيقية بل هي ولادة جديدة ومتجددة للذاكرة تدعونا الى استحضار مفهوم ” الهوية” و استعادة نبض الحياة في الصحراء على خشبة المسرح و ترتيب العلاقات الاجتماعية و الإنسانية انطلاقا من جدلية الانا و الآخر ومن ثنائيات الرفض والقبول و الموت و الحياة و الاستقرار و الترحال و الحقد و الحب.