لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي ** وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه ** وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ عنترة وعبلة، قيس وليلى، جميل وبثينة، لا زمان معين للحب ولا حتى مكان. الحب يولد في كل الأوقات وعلى مر الأزمنة، منذ تلك العصور الغابرة وحتى عصرنا هذا والحب يتجدد وينمو عن الحب. أتكلم وليس عن تسلية المراهقين وإضاعة الوقت تحت شعار الحب، أعتقد بأن الحروب والمآسي التي يمر بها العالم في وقتنا الراهن، قد أبعدتنا قليلاً بل أنستنا أن نذكر جمال الحب أو أن نتكلم عنه بروح حرة ونفس مطمئنة. ذلك الشعور الرائع والإحساس المفعم بالحياة، لا شك أن هناك أولويات وحوادث ضخمة وكبيرة تجري في وقتنا هذا، ولكن لا بأس ببعض الحب لا بأس بالقليل من الحب، فهو مصدر الحياة أليس كذلك؟ عن ذلك الحب عندما يخفق فؤادك وأنت بجانب المحب.. عندما تمر دقائق الساعة بسرعة البرق وأنت مع من تحب.. عندما تضحك بوجهك الدنيا وتفتح لك كل أبواب السماء السبع، فيصبح المستحيل سهل والبعيد قريب والموج عالي، وتفرش الأرض ورود وتهطل السماء نيازك ونجوم.. عندما ترقص الفرشات على أثر خفقات القلب ويبتسم القمر فتتحول عتمة الليل إلى ساحات للسهر.. عندما تمسك يدك بيد من تحب فتزهر الصحراء وروداً وتتحول ذرات الرمال إلى حبق وزنبق، وتفوح راحة العشق في الأرجاء ويقف الكوكب ببطء عن الدوران.. عندما تتقابل العيون فيصمت المكان ويتجمد الوقت وتختبئ الحروف خلف قضبان الزمان ،هنا! لا حاجة للكلام والتبرير. عندما تروي العيون ألف قصة اشتياق وتشرح لمسة اليد كمية الحب والوفاء، وتكسر كل حواجز القلق والاستياء. من قال بأن العشاق يحتاجون للكلام؟! أوليس العشق بحد ذاته لغةً ابتدأت بتبادل النظرات. يكفي أن تلتقي عيونهم فتروي قصص وأحداث لا يفقه اللسان على ذكرها ولا حتى الأدباء. الحب لعنة يا عزيزي ولكنها من أرقى اللعنات! إن وقعت عليك هذه اللعنة فلا تحاول جاهداً الخلاص منها، فالحياة تهديك تجربة تذوق فيها طعم السعادة وربما المعناة من يدري؟! واطمئن لن تحولك هذه اللعنة إلى ضفدع قبيح كما حولت الساحرة الشريرة الأمير! ولكن إياك والبحث عن نهاية هذه اللعنة، يكفيك أن تعيشها أول بأول، لحظة بلحظة، أن تجرب مُرّها وحلاوتها! جمالها وقبحها. إياك إن تفوت لحظة منها، فهي ليست قابلة للتعويض ولا حتى للتكرار. وأن حدث وتكررت هذه التجربة، فسوف تكون تجربة مزيفة لا أقل ولا أكثر، وتخليك عنها سوف يكون أفضل بكثير من تمسكك والاحتفاظ بها. فاللّعنة الحقيقة لا تكرر! خُض، في تفاصيل الحب وأشرب من كأس عذابه وتلذذ في أوقات خصوماته، ولكن إياك والخضوع لعدوه الأكبر.. ! خض، وكأنك تخوض معركة شرسة. خض دون سؤال أو استفسار. لا تحاول ن تكون ذكياً هذه المرة، يكفي أن تكون مقاتلا شجاعا يستطيع الوقوف أمام عدوه لكي يدافع عن حبه من آلام الفراق. فإن كان الحب لعنة لطيفة، فالفراق ضربة قوية على الرأس قادرة بأن تسقطك أرضاً. ومن الطبيعي أن يغمى عليك لأيام بسببها وينتهي بك الحال في العزلة والصمت ورفض كل ما يحيط بك. وقد تصل إلى مرحلة تكره بها حتى أنفاسك التي أبقت عليك لحد الآن على قيد الحياة، يسود الكون في عيونك، وتفكر بالهروب ولكن إلى أين؟ لم يقوموا لحد الأن باختراع مراكز لجوء خاصة بالمفارقين، وإن حدث واخترعوه، فحتماً لن تتمكن من الوصول إلى هناك، ولن تتمكن من تقديم لجوء في مركز المفارقين لأحبتهم. كن أقوى من تلك الضربة انهض! دافع! لا تستسلم! لا تكون الضحية، حارب من أجل من تحب على شرط أن يكون ذلك الحب حقيقي وليس لهوا، وإن حدث وأوقعتك ضربة الفراق أرضاً، فتهيأ لمعناة لا نهاية لها، وتهيأ للدموع. وليكن الليل رفيقك من اليوم فصاعداً، أتمنى لو كان باستطاعتي أن أجمع كل عشاق الأرض، وأمسح بيدي دموع كل المفارقين. وأضمد جميع القلوب المحطمة، وأرسم الضحكة على وجوه العابرين. ولكن أنت وقدرك إما اللعنة، أو الضربة وما أجمل اللعنات إن كانت “كلعنة الحب”.