اعتبر الشاعر والباحث أحمد عصيد أن الشعر “هو المدرسة الأولى للنزعة الإنسانية”، ويستمد شرعيته من الحرية. كما أن مفهوم الهوية يؤشر أن “ليس تمة خصائص ثابتة”. وأقر الباحث عصيد أن تجربته الشعرية انطلقت مع القصيدة العمودية، في بدايات انشغاله بالشعر وأسئلته. وتوقف الباحث عند مفهوم الهوية بين التحديد الأرسطي والتعريف الأنتروبولوجي الثقافي، ليؤكد أن ليس تم خصائص ثابتة، فالثقافة عموما صيرورة لا متناهية من التحولات، ولا يوجد تبات في التاريخ، كما أن دينامية الإبداع تقع في عمق الاختلاف، وكل شاعر ذات تثبت وجودها في الاختلاف. تلك بعض الخلاصات التي وصل إليها لقاء ماستر كلاس/ محاورات، والذي استضاف الشاعر والباحث أحمد عصيد وحاورته الكاتبة والقاصة لطيفة باقا الى جانب الجمهور الغفير الذي حضر للقاء، وأغناه من خلال مداخلاته وأسئلته. فقرة ماستر كلاس / محاورات، فقرة ضمن فقرات متعددة شهدتها تظاهرة “الشعر في الشواطئ والمخيمات” في دورتها الثانية، والتي تنظمها دار الشعر بمراكش، تحت إشراف وزارة الثقافة والاتصال. الدورة الاولى السنة الماضية، كان شاطئ سيدي افني فضاء الفعاليات، بينما اختارت الدورة الثانية، هذه السنة، الانفتاح على فضاء شاطئ أكادير. وحفلت التظاهرة بالعديد من الفقرات، من أماسي شعرية الى ورشات في الشعر الممسرح والالقاء الشعري في المخيمات والشواطئ، الى إنشاء المنحوتة الرملية وانتهاء بفقرة محاورات. هذه الفعاليات التي نظمتها دار الشعر بمراكش، بتعاون مع المجلس الجماعي لأكادير وبتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال قطاع الثقافة سوس ماسة، أيام: 6 – 7 – 8 غشت الجاري، تندرج هذه التظاهرة الشعرية ضمن انفتاح دار الشعر في مراكش على مختلف المدن والجهات المغربية، وأيضا من أجل المزيد من الانفتاح على فرص تداول الشعر بالفضاءات العمومية. وانطلقت هذه التظاهرة، يوم الثلاثاء 6 غشت، من خلال استقبال المكتبة الشاطئية لراودها، مكتبة “الديوان المغربي”، وهي مكتبة شاطئية خاصة بالكتب والاصدارات الشعرية ظلت مفتوحة للزوار كفضاء للقراءة طيلة 3 أيام، بوصفها فضاء للقراءة والمعرفة، بموازاة انطلاق ورشة الإلقاء الشعري بمخيم الانبعاث، والتي امتدت ليومين وخصصت لفئات الأطفال، ومن تأطير الأستاذين عبداللطيف الصافي وفمر أعراس، انتظام ورشات تختص في الكتابة الشعرية الممسرحة والتربية الموسيقية والتعبير الفني الى جانب مسابقة للإلقاء الشعري موجهة لأطفال المخيمات، من أجل التحسيس بإبداعات وفنون الأطفال واليافعين والشباب والنهوض بثقافة القراءة في مختلف المجالات التعبيرية، والاهتمام بجميع أشكال التعبير الخاصة بمختلف الفئات العمرية، بموازاة ذلك احتضن فضاء القراءة بممر توادا بشاطئ أكادير، ورشات “الشعر الممسرح”، افضت لاختيار الطفلة إكرام، أحد الإشراقات اللافتة والمدهشة في هذا التكوين، والتي قدمت لوحة قصيرة في اختتام الفعاليات الخميس8 غشت. كما شهدت التظاهرة تقديم فقرات موسيقية متنوعة، إذ سهر الفنان، عازف العود، خالد صبرهوم على تقديم مقاطع موسيقية تتناسب ولحظة مقام الشعر. فيما شكلت مشاركة الفرقة الموسيقية المرموقة لفرقة “إينوراز”، في حفل الاختتام، لحظة فنية راقية عبر ابحار الجمهور الغفير الذي توزع على جنبات الفضاء، للاستماع الى موسيقى “روحية” تخاطب الوجدان. وانطلقت أولى أماسي الشعر ، مساء الثلاثاء 6 غشت، ضمن فقرة “قصائد للبحر” وعرفت مشاركة الشعراء: الشاعرة والاعلامية خديجة أروهال، والتي اختارت من دواوينها الشعرية، نصوصا تبحر في البحر وفي ذاتها. في حين اتجهت الشاعرة والاعلامية عائشة بلحاج، الى ديوانها الأخير “قبلة الماء”، كي ترمي على الحضور بعضا من “نتف” الماء موغلة في أسئلة الذات وانجراحاتها. واختار الشاعر إدريس بلعطار، بعض من منجز الشعري القريب من وجدان الجمهور، ختمه بقصيدة “أم هاني”. وشهد اليوم الثاني، الأربعاء 7 غشت، من الفعاليات بشاطئ أكادير، تصميم وإنشاء “منحوتة الدار”: “قصيدة من رمال”، من تأطير الفنان عبدالغني العلوي، منحوتة بكل حمولتها الرمزية، أعطت ميسما خاصا لشاطئ أكادير في انفتاحه البليغ على الشعر. واختتمت فعاليات الدورة الثانية لتظاهرة “الشعر في الشواطئ والمخيمات”، الخميس 9 غشت، بتوقيع منحوتة “قصيدة من رمال” وهي الأثر الشعري البليغ الذي تتركه دار الشعر بمراكش شاهدا على رسالة الشعر وقيمه، وشكلت الأمسية الشعرية الثانية، “الشاعر وأثره”، في ليلة اختلط فيها الشعري بالموسيقي وبالأداء الممسرح، وشهدت مشاركة الشعراء: سعيد الباز، شاعر عابر للتفاصيل أحد رواد الحداثة الشعرية المغربية، وأحد أبرز شعراء قصيدة النثر بالمغرب، والذي اختار بعض شذرياته الدالة، من خلال تعريفات شعرية تقتنص اللحظي. واختار الشاعر محمد وكرار، قصائد قصيرة من تجربته الشعرية الأمازيغية، حيث النفس الموسيقي الحاضر بقوة. فيما أبحرت الشاعرة آمال هدازي، في أثر الشعر على الشاعر، من خلال نصوص متفرقة. ووقعت الطفلة إكرام، وأمام الحضور الجماهيري لحفل الاختتام، على لوحة شعرية ممسرحة “أغنية أثر الشاعر”، من إعداد الصافي وموسيقى أعراس. الطفلة إكرام التي كانت أحد إشراقات الورشات المنظمة خلال الفعاليات. حفل الاختتام الليلة الثالثة من “تجربة دار الشعر بمراكش”، في سفر الشعر الى جمهوره، والى فضاءاته. وأيضا من أجل المزيد من خلال فرص تداول الشعر وتنويع أكثر للفضاءات العمومية المستهدفة. كما تشكل، هذه الفقرة، تتويجا لمسار موسم بكامله، من أنشطة دار الشعر بمراكش، والتي أسهمت في إطلاق دينامية جديدة للمشهد الثقافي بالمغرب.