الحانة الصغيرة، أجل الحانة الصغيرة الضيقة بناصية الشارع العمومي … جميع شرائح المجتمع، موظفون، لصوص، سماسرة … ولما تعج الحانة الصغيرة الضيقة بزوارها … يضطر صاحبها إلى إخراج الأفواج الأولى وهكذا دواليك … وكل منتصف ليل يدخل الحانة رجل أكرش عجيب الحركات، يرقص ويغني ولا يشرب، ليس لأنه لا يملك مالا، بل بدعوى أنه لا يملك عقلا، ويمنع منعا كليا أن يسقيه أي زبون وإلا كنا ننتهز الفرصة ونسقيه خلسة فيزداد غناؤه ويشتد رقصه … السكارى يقهقهون، مومسات ابتسمن، وعلقن وسط طربوشه أوراقا نقدية زرقاء، حمراء، بنية … يأتي الحانة بنفسه: من ذا الذي سقاه؟ يأمر زبانيته بطرده، ويبدأ الفيلم ونحن نتفرج، يحاول النادل أن يمسكه من رقبته ثم كتفه فيصعد هو إلى أعلى ظهره ويصيح. إيه – إيا – إيه الكل يكركر بأصوات عالية إلا رب الحانة الذي انزوى ما بين حاجباه وانتصب بقامته كأحد مردة ألف ليلة وليلة ولم يضحك والأبله.