إن معجزة الإسراء والمعراج معجزة ربانية شملت وجمعت بين طلاقة المشيئة الالهية وعظمة القدرة الربانية حيث تجلت المشيئة الإلهية في إرادة الله واصداره تبارك وتعالي الأمر الي الروح الأمين جبريل عليه السلام ليصعد بالنبي الي السموات العلا، وتبلورت القدرة الربانية في تنفيذ وتحقيق هذا الأمر الإلهي ليصبح أمرا واقعا حيث أسري بالرسول الكريم من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي وصعد به الي السموات السبع حتي وصل الي سدرة المنتهي حيث الحضرة الإلهية وسجود النبي الكريم لرب الكون والعالمين رب العرش العظيم. وإذا تأملنا في هذه المعجزة الإلهية لوجدناها معجزة تنطوي ايضا علي كشف جزء من الغيب عن العالم الآخر لرسوله الكريم حيث كشف الله سبحانه وتعالي له السموات حيث تجاوزها سماء سماء ، ورأي الأنبياء جميعا، وشاهد صورة الروح الأمين عليه السلام ثم وصل الي سدرة المنتهي ورأي جنة المأوي. وأحيانا يكشف الله طرفا من الغيب لعباده علنا كما ذكر في القرآن الكريم في سورة الروم:( الم. غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)(الروم:1-4) وأحيانا يطلع الله عباده علي الحكمة الغيبية كما حدثنا في قصة موسي والعبد الصالح وعلم الأسرار الذي يحوي بواطن الأمور والتي لا يعلمها إلا الله وحده. ولو صبرموسي علي العبد الصالح لعرفنا أسرارا كثيرة ، ولكن لم يشأ الله تبارك وتعالي أن نعرف أكثر مما عرفنا ، ولم يشأ سبحانه أن يعرف موسي اكثر مما عرف. ومعني هذا أننا أمام علم لا ينكشف إلا بقدر محدود، ولا يمنح إلا بحساب بالغ الدقة. ومما سبق نستبين أن كل شيء لا بحدث ولا يصبح حقيقة واقعة إلا بسلطان من الله ومشيئته وحده ، ولنتأمل في كل صور التقدم والرقي والتكنولوجيا التي وصل اليها العلماء في جميع المجالات انما توصلوا الي ذلك بفضل الله وسلطان منه وحده. قال تعالي ” ( يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن: 33) إن معجزة الإسراء والمعراج آية ربانية ودعوة الهية تدعو القلب والعقل والفؤاذ والجسد والروح الي التأمل والتدبر والتبصر والتفكر ليخرج الإنسان منها أكثر ايمانا بالله، وأشد خشوعا ويقينا وحبا لله ولرسوله الكريم شاهدا علي عظمته سبحانه وقدرته ولمسات حنانه الكبري.