عرض مساء أمس السبت 22 شتنبر 2018 ضمن مسابقة الفيلم الروائي الطويل بمهرجان الجونة السينمائي فيلم “يوم أضعت ظلي” للمخرجة السورية سؤدد كعدان. وإذا كان الفيلم مقبول بصفة عامة فنيا فإن خطابه الإديولوجي والسياسي يجعلنا نطرح عدة تساؤلات قد لا تصب في صالحه ولن تتفق حتما مع طرح مخرجته المقيمة داخلة التراب السوري الموجود تحت سيطرة النظام السوري الذي سمح لها مع ذلك بإنجاز فيلم ضده ويناصر الجماعات الإسلامية ويلمع صورتها ويظهرها عكس ما هي عليه في الواقع متقبلة للاختلاف وفاتحة ذراعيها لمن يختلف معها إيديولوجيا وعقائديا إلى درجة تبنيها لامرأة شابة علمانية حداثية وصولا لاعتبارها قتيلا علمانيا شهيدا لتُشيِّعه بطقوسها “السمحة”. طبعا لن يبتلع أي مطلع على مايجري في سوريا ماجاء في الفيلم، لكن رغم كل شيء يشفع لمخرجته الشابة سؤدد كعدان الفائزة بجائزة “لويجي دي لاورينتيس” للعمل الأول بمهرجان البندقية، كونها اشتغلت في فيلمها بأسلوب فني ضاع للأسف مع خطاب إيديولوجي متهافت وشعبوي ولامنطقي بالمرة. ينبني الفيلم على فكرة فنية تنبني على كون من يهبون نفسهم للنضال ولايعودون يخافون من “القوة الغاشمة” للنظام ومن “قمعه” يفقدون ظلهم في انتظار أن “يستشهدوا”. وهكذا نرى جلال منذ بداية الفيلم غير مكترث بالعسكر ولا برشاشاتهم ويخاطبهم بدون رهبة ولا خوف هو الفاقد لظله، ليتم اغتياله بعد ذلك ، لتفقد حبيبته بدوره ظلها وهي تحمل جثته بين يديها، أما سناء الشخصية المحورية في الفيلم والتي تورطت في معمعة هذا الصراع بدون رغبة منها وهي تأمل فقط في الحصول على قنينة غاز من أجل طبخ الطعام لطفلها فتكون آخر من يفقد ظله في الفيلم لتتخلص من الخوف الذي طاردها طيلة لحظاته ومنذ البداية، ونجد بالفيلم حوارا يلخص هذه الفكرة حينما يقول جلال لسناء أن “مايحدث لنا عكس ما حدث في هيروشيما، حيث لم يعد بالمدينة سوى ظلال للناس الذين اختفوا فيما نحن تختفي ظلالنا”. طبعا يمكن استشفاف الطابع الشبه فنطازي للفيلم ونوع من الواقعية السحرية التي تتخلله مع مشاهد شاعرية تدع فيها المخرجة الشابة لكاميراتها العنان لتمسح بحنان على جذع الأشجار والطبيعة عموما، وكأننا بها متأثرة بأسلوب طاركوفسكي في هذا السياق، فيما تلجأ في لحظات أخرى تطغى فيها الأعصاب التشنجة لاستعمال كاميرا محمولة على الكتف ذات حركات عصبية وغير ثابتة.