واصلت دار الشعر في مراكش انفتاحها على التجارب الشعرية الجديدة في المغرب، فضمن فقراتها الشعرية الخاصة بشهر رمضان الفضيل، خصصت الدار فقرة “مؤانسات شعرية” ليلة السبت 9 يونيو للإنصات الى حساسيات مختلفة تنتمي للمنجز الشعري الحديث في المغرب. وكان ضيوف الدار، هذه المرة، الشعراء: علية الادريسي البوزيدي وكمال أخلاقي وعبدالعزيز ساهير، شعراء اختاروا القصيدة كملاذ روحي للتعبير عن انجراحات الذات وتشظيها، وهم الى جانب ذلك، ينتصرون لهذا الأفق الخلاق للقصيدة المغربية الحديثة اليوم. وافتتحت الشاعرة علية البوزيدي الادريسي، ديوان ليلة “مؤانسات” بقصائدها التي تمتح من صدى الطفولة ورمزية المكان، في سعي حثيث الى ترسيخ صوتها الشعري الذي يفتتن الإقامة في القصيدة، تقول الشاعرة في غيابي سأضيع هذا الحزن الذي تمرن على لعق جراحي القديمة سأسير إلى نهر لعلني أحرك قاع بحر لتترنح دون ضجيج (…) لا ينقصني سوى غدٍ أهرب معه هل ستأتي؟ واختار الشاعر كمال أخلاقي، والذي يشكل صوتا متميزا لقصيدة النثر المغربية الطافحة برؤاها الخاصة للوجود والمراهنة على فعل الكتابة الخلاق، أن يستعيد تجربته المشبعة بالألم. لذلك يجرب الشاعر، دائما، أن يحلق في سماء جرب فيها كل أبجديات الإنصات العميق الى ذاته .. “اذهب الى الشعر عزيزي الشاعر اذهب خفيفا كصياد يحمل قصبة وانتظر موجا أو رذاذا أو لا شيء لا تكترث كثيرا لبريق القصائد على الرمل سيجرفها المدّ وقد تصير قواقع لتزيين مكتب شاعر آخر يصفّف الكلمات الشعر هواء سمّمه اليقين وأدمنتْه رئتاك لذلك اذهب عزيزي الشاعر اذهب و ابق متيقّظا الصمت عدوّ آخر لا يقلّ شراسة لكنه يقبل التفاوض كجسد يتألم..” وأتمم الشاعر عبدالعزيز ساهر، ديوان مؤانسات، بالعودة الى القصيد محملا بمرجعيات القصيدة العمودية وإمكاناتها البلاغية ليقرأ حجاجية بين “العولمة والشعر”. في سفر يفتح للقصيدة شرفات، لذات أصابها الوجع المضاعف، من واقع يسلب الإرادة.. جاءت لتسلبنا عواطف مثمرة هي بنت (عولمة) أتت مستعمره خلبت عقولا، والبهاء مزيف مثل العجوز تزينت منكسره صبغت حياة من صنيع ملغم صرنا له كالعبد يحرس مقبره فقالت زمان المدح والشعر انطوى والعشق مات ما أكفره! ردت عواطفنا: فلولا الحس ما أسندت عقول فيض بدع أخبره ما خاب قول ظل حكمه سائرا في الناس منتعشا يخلد مفخره أف لعولمة الغزاة ترحلي لم تترك الإحساس يرسل كوثره أثث كل من العازف الفنان مصطفى الريحاني والفنان جمال الريوي الفقرة الموسيقية ل”مؤانسات شعرية”، والتي شكلت المحطة الثالثة لبرنامج اللقاءات الشعرية الرمضانية، لتعلن دار الشعر في مراكش أنها ستواصل رحلة الشعر، مستقبلا، بمزيد من الانفتاح على فضاءات جديدة في عمق الجنوب المغربي، لترسيخ تداول أكبر للشعر بين جمهوره، ولمزيد من الانفتاح على “الهامش” والإنصات لشعراء من مختلف التجارب والرؤى.