أكد وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج أن اختيار مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية لسنة 2018 يعد تثمينا للمنجز المغربي في المجال الثقافي. وقال الوزير، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بعيد الإعلان عن الانطلاقة الرسمية لهذا الحدث الثقافي الكبير، إن المملكة راكمت مكتسبات هامة على صعيد الحقوق الثقافية، بما يتماشى مع روح ومنطوق الدستور المغربي. وأعطيت، الجمعة الماضية بمسرح محمد السادس، الانطلاقة الرسمية لفعاليات “وجدة عاصمة الثقافة العربية للعام 2018″، وسط حضور لافت لعدد من الوزراء والسفراء العرب ومسؤولي هيئات ثقافية عربية ومبدعين بارزين. وبرأي الوزير، فإن اختيار وجدة ك “حاضرة للبلدان العربية” يكتسي دلالات عديدة، بالنظر إلى العمق التاريخي والإرث الثقافي للمدينة التي أنجبت روادا أسهموا في تطوير الفعل الثقافي على الصعيدين العربي والعالمي. وقال، في هذا الصدد، إن وجدة، التي يمتد تاريخها عبر عشرة قرون، ستكون قبلة للعمل الثقافي العربي على مدى عام كامل. وتوقف الوزير عند الإرث الحضاري للمدينة الألفية، التي تزخر بالعديد من المواقع الأثرية والتاريخية، مسجلا أن إحدى سمات التميز في هذه الربوع تتمثل في خصيصتي التنوع والتعدد الثقافي. وأكد أن المعطى الجغرافي بالغ الأهمية في هذا السياق، إذ تنفتح وجدة على المغرب العربي والعمق الإفريقي وساحل البحر الأبيض المتوسط، ما يمنح هذه المدينة زخما حضاريا تمتزج فيه حكمة الشرق والغرب معا. ويعتقد السيد الأعرج أن أبناء الجهة الشرقية قادرون على وصل الحاضر بالماضي، بالنظر إلى الدينامية التنموية والحركية الثقافية التي تشهدها الجهة، والتأشير على نجاح لافت في تحقيق مزيد من الإشعاع لهذه الربوع. وأضاف “سننجح.. من خلال مقاربة تشاركية تنخرط فيها هيئات المجتمع المدني والمنتخبون والسلطات المحلية، في جعل وجدة حاضرة للبلدان العربية”. ولا تنحصر فعاليات هذا الحدث الثقافي الكبير في تنظيم الملتقيات والأسابيع الثقافية، بل تتعدى ذلك إلى الاشتغال على إحداث فضاءات ثقافية تندرج في إطار مخطط عمل الوزارة، من أجل تغطية مدن الجهة الشرقية بالبنيات التحتية الثقافية. وألح الوزير، في هذا الشأن، على ضرورة إرساء مزيد من البنيات بغية استيعاب الفعل الثقافي والفني ودعم المواهب الشابة وتوفير الشروط الملائمة لبروز أسماء مبدعة في مختلف أجناس الفن وحقول المعرفة. وقال السيد الأعرج، الذي يحتفظ بذكريات جميلة عن حاضرة الجهة الشرقية التي خاض فيها أولى تجاربه المهنية أستاذا للتعليم العالي في تسعينيات القرن الماضي، “نحن نشتغل على إعداد بنيات الاستقطاب في المجال الثقافي بوجدة وبجهة الشرق”. وأفاد الوزير بأن بنيات ثقافية يتم إنجازها بربوع هذه الجهة. كما يجري تقييد العديد من المواقع الأثرية بالجهة ضمن اللائحة الوطنية للآثار، وذلك في أفق تسجيل بعضها ضمن اللائحة العالمية لدى اليونسكو. فبالنسبة لمدينة وجدة، مثلا، صدر قرار يقضي بتقييد بناية بنك المغرب وبناية قصر العدالة (محكمة السداد)، إلى جانب بناية خزانة الشريف الإدريسي وبناية الكنيسة الكاثوليكية، وبناية سينما فوكس. كما ستحظى الجهة بتقييد عدد من البنايات الأخرى. وتوكد الوزارة التزامها بمواصلة العمل على حماية وصيانة مؤهلات التراث الثقافي، بغية بث نفس جديد في المشهد الثقافي الوطني وتوفير شروط تعزيز دور الثقافة باعتبارها عنصرا أساسيا من عناصر التنمية المستدامة. إلى ذلك، ينتظر أن تستقطب المدينة الألفية، على مدى عام، حوالي 1200 مبدع وفنان للمشاركة ضمن فعاليات البرنامج العام لحدث “وجدة عاصمة الثقافة العربية”. ويشمل هذا البرنامج أزيد من 900 نشاط ثقافي وفني، فضلا عن الأنشطة التي تنظمها فعاليات المجتمع المدني. وأكد الوزير، بهذا الخصوص، أن هذا الحدث يعد فرصة لزوار المدينة، من داخل المغرب وخارجه، لاكتشاف حضارة وتاريخ وتراث هذه المدينة، في شقيه المادي واللامادي. وتتوفر وجدة على مركبات ثقافية ومكتبات ومتاحف وأروقة للفنون ومعاهد للرسم والموسيقى وفضاءات للعروض الثقافية والفنية المختلفة، فضلا عن مسرح محمد السادس الذي سيحتضن جزء هاما من الأنشطة المندرجة ضمن البرنامج العام للاحتفالية. وتم إنجاز هذا المسرح، الذي يتسع ل 1200 مقعد، على مساحة إجمالية قدرها 6500 متر مربع، من بينها 4900 متر مربع مغطاة. ويضم قاعة للعروض وقاعات للكواليس وقاعات للفنانين وثمان ورشات وفضاء لضيوف الشرف، وجميع المرافق المطلوبة في هذا النوع من المنشآت. ويشمل برنامج فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية للعام 2018، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تظاهرات ثقافية وفنية كبرى ذات بعد وطني وعربي ودولي، علاوة على تكريم العديد من الشخصيات الثقافية والفنية.