انتقل إلى عفو الله ورحمته الواسعة صبيحة يوم يوم الأحد 12 غشت 2012 الشاعر المغربي عبد الرزاق جبران ، بعد معاناة مع مرض لم ينفع معه علاج . وبهذه المناسبة الأليمة ، يتقدم أصدقاؤه من الأدباء والشعراء بأحر تعازيهم إلى عائلته الصغيرة والكبيرة راجين من العلي القدير ان يلهمهم الصبر والسلوان ويسكن الفقيد فسيح جناته . وإنا لله وإنا إليه راجعون . والشاعرالفقيد عبد الرزاق جبران من مواليد 28-12-1960 بالدارالبيضاء المغرب - شاعر وناقد عضو اتحاد كتاب المغرب رئيس نادي الوحدة للإبداع وتحليل الخطاب. صدر له "ديوان أسماء" وديوان "بياض الحروف " ،كما له كتابات نقدية منشورة على مستوى الجرائد والمجلات والكتب الجماعية والندواتفي الشعر والقصة والسرد القديم والحديث. وهو أيضا أحد الفاعلين الثقافين بمدينة الدارالبيضاء أو بمدينة العيون خلال العشر سنوات الأخير من خلال مساهماته الإعلامية وفي العمل الجمعوي. وقد تميزت أشعاره بموسيقاها ذات الجرس الشاعري الضارب في تاريخ الشعر العربي ، بلغة شعرية شفافة ذات مقدرة على تقديم المعاني في أكثر من مشهد وصورة . ومن أشعاره نقرأ : النساء اللواتي ولدن في حجرنا، ففضن علينا أنهارا من لبن وعسل.. النساء اللواتي خرجن من دمنا ودخلن بيت الأزل.. النساء اللواتي يقمن في الحب زادهن القبل.. النساء اللواتي يسقين زهرتهن، برحيق الأمل .. النساء اللواتي يحملن البحر بين نهودهن يدثرنه بحرير الخجل.. النساء اللواتي يتخذن من البياض جنة أو معتقل.. النساء اللواتي يشعلن الشهوة الحرى بين اليقين و المحتمل.. ومن قصصه القصيرة جدا ، نقرأ : نفض عشر سنوات من عمره في المعتقل..أمام البوابة الحديدية الضخمة، كانت شمس الظهيرة الباردة والفراغ اللاهب في انتظاره..مسح الفضاء بدمعة مرة..بصق خلفه ثم رمى بخطواته دفعة واحدة تجاه بيته القديم..تحسس الباب الخشبي بقلبه، أولج المفتاح في القفل،طاوعه الباب،دخل خفيفا كنسمة..كل شيء في مكانه..نسج للمفاجأة وردة حمراء..أطل برأسه رآها فوقه تتأوه من الشبق..تراجع إلى الخلف وجلس في البهو منتظرا..ساعة..ساعتين..سبقتها ضحكتها المتأرجحة على كتف فحلها..حاول الفحل الفرار، لما رآه ،لكنه عانقه بحرارة ثم شكره على اهتمامه بزوجته في غيابه. نماذج أخرى من شعر الفقيد عبد الرزاق جبران : تفاحة الكلام قُولِي كَلامًا تَذُوبُ مِنْهُ الْخَيْلُ، يَغْرَقُ فِي عِطْرِهِ النَّهَارُ، يَنْحَنِي لِشَطْحِهِ اللَّيْلُ.. قُولِي كَلامًا يَغْزِلُنِي لُؤْلُؤًا وَرَيْحَانًا يُهَيِّءُ لِي سَرِيرَ اسْتِعَارَةٍ يُدْخِلُنِي حَمَأَ أُسْطُورَةٍ بَابِلِيَّةٍ فِيهَا، يَغْسِلُنِي مَاءُ أَمِيرَةٍ هَمَسَتْ : مَاؤُكَ مَائِي وَأَنْتَ اخْضِرَارُ الإشَارَةْ.. قُولِي كَلامًا يُشْعِلُ فَاكِهَتِي يَلُمُّنِي تُفَّاحَةً، تُفَّاحَةً، يُقِيمُ لِي قُدَّاسًا فِي عَيْنَيْكِ، فَأَسْتَكِينُ لِعُشْبِكِ الْمَرْمَرِيِّ، كَالْمَلائِكَةِ.. قُولِي كَلامًا يَرْشَحُ بِالنَّشِيدِ، يَسُلُّ النَّفْسَ مِنَ النَّفْسِ. فَلَسْتُ الْخَاِلقَ ، لَكِنِّي أَنَا الاسْمُ الَّذِي لا يَنَامْ حذاء ديغول بَارِيسٌ أَحْوَاضٌ، مِنْ فِضّةٍ وَذَهَبْ.. شَوَارِعٌ مِنْ فَحْمٍ، وَدَمْ.. نُبَاحُ ثَوْرَةٍ عَجُوزٍ، وَصَخَبْ.. هَلْ يَقْدِرُ حِذَاءُ دِيغُولْ، أَنْ يَفْتَحَ فِي الْمُتَوَسِّطِ كُوَّةً، كَيْ تَمْرُقَ الْحُرِّيَةُ بَيْضَاءَ، كَنَسْمَةِ الْجُرْحِ، كَصَرْخَةِ طِفْلٍ، يَمُزُّ، حَلِيبَ الْحَرْبْ..؟ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يَمْسَحَ خَطْوَ الْجَنُوبِ، مِنْ سِجِلّاتِ الْعَسْكَرِ، وَيَنَامَ فِي الْخَرَابِ، مَعْصُوبَ الْقَلْبْ..؟ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يَقْرَأَ رَامْبُو، خَارِجَ الْبَلاغَةِ، وَيُسَمِّي الْبُرْجَ، كَلْبَ حِرَاسَةٍ..؟ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يَجُسَّ قَلْبَ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ حَمَّامِ اللَّحْظَةِ، مَكْسُورَةَ الرُّوحِ، وَالْقَصِيدَةْ..؟ يَقْدِرُ دِ ي غُ و لْ أَنْ يَمُوتَ فِي الْخَلاءِ، وَهُوَ يَنْبُشُ، بِرَازَ الثَّوْرَةِ، كَجُنْدِيٍّ مَسْلُوخْ.. تَارِكًا حِذَاءَهُ، فِي مَتْحَفِ بَارِيسَ، تُغَازِلُهُ أَصَابِعُ الرَّئِيسِ، وَبَسْمَةُ السَّيِّدَةِ، عَلَى طُوَارِ تَارِيخٍ مَمْسُوخْ