دعوة الملك محمد السادس، لسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، لاقتراح كفاءات وطنية جديدة، في أفق الدخول السياسي المقبل، يضع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أمام امتحانٍ عسير لتقديم أسماء بغية الإستوزار من داخل حزبه بسجل أخلاقي نظيف، لاسيما بعد توالي فضائح 'الاخوان' في الآونة الأخيرة. تجربة 'الاخوان' في تدبير الشأن العام، مذ حكومة عبد الاله بنكيران الأولى، قدمت للمغاربة قدرات وزراء 'المصباح' التي لم تستجب للكثير من انتظارات المواطن المغربي، وعاب عليهم الكثيرون أن التطور الذي وعدوا به لم يلمس له أثر على أرض الواقع باستثناء، الحالة المادية لوزراء وقيادات وبرلمانيي 'البيجيدي' من خلال السيارات الفارهة وتعدد الزوجات أو تغيرهن بأخريات. تقاعد مريح أولى الإشارات التي زكت طرح منتقدي التجربة الإسلامية في التدبير العام، هو قبول عبد الاله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، بتقاعد سمين لم يساهم فيه بسنتيم واحد في الخزينة العامة، في حين اتخذ خلال ولايته الحكومية قرارات أثرت بشكل كبير على المواطن البسيط وعلى الطبقة المتوسطة التي تعتبر صمام أمان أي دولة من خلال زياداته المعروفة لدرجة وصفه المغاربة آنذاك بشكل ساخر ب'ابن زيدان' بدل بنكيران. فضائح بالجملة تجربة العدالة والتنمية، أظهرت الجانب الخفي في حياة قياداته لاسيما الجانب الأخلاقي، الذي أماط اللثام عن زيف الخطاب الديني الأخلاقي الذي يتم ترويجه بشكل دائم، ومنها اعتراف عبد الاله بنكيران بأن الحزب أصبح يعرف تزايد حالات التحرش ب'الأخوات'، ودون اغفال انفجار قضايا أخلاقية من بينها قضايا الخيانة الزوجية في صفوف قياداته أو قيادات في دراعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح. الكوبل الحكومي لا يمكن للمواطن المغربي أن ينسى ما سمي في سنة 2015 ب'الكوبل الحكومي'، والذي بطلاه سمية بنخلدون والحبيب الشوباني، بعد أن كلفتهما علاقتهما في السر لأشهر عديدة قبل أن تنفجر، الطرد من حكومة بنكيران آنذاك، وأرغما من النزول كرها من كرسيهما من الوزارة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، والوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان. 'الكوبل الحكومي'، آنذاك كانت بداية القصة في تعرف المغاربة على وجه آخر لقيادات الحزب الإسلامي بعد سنوات من المعارضة، وكانت بداية اجتياز ذلك الامتحان العسير في الوضوح الفكري والهوياتي. غراميات يتيم في باريس ولأن 'الحب أعمى' كان قدر محمد يتيم عضو الأمانة لحزب العدالة والتنمية، أن يسافر إلى العاصمة الفرنسية باريس، ليستمتع بلحظات مميزة مع شابة قال إنها خطيبته، إلا أن كاميرات الهواتف أفسدت عنه فرحته واللحظة الإنسانية التي كان يعيشها. 'غراميات الوزير يتيم' نزلت كالماء البارد على قيادات العدالة والتنمية، لتسقط من جديد في امتحان الوضوح الهوياتي والفكري والديني وموقفها من تعدد الزوجات والعلاقات الرضائية والحريات الفردية بشكلها العام، رغم وقوفهم الدائم داخل قبة البرلمان في الجلسات العمومية ضد عدد القضايا الحقوقية التي لا تتلاءم مع مرجعية الحزب الإسلامي الحاكم في صيغته المغربية. صورة ماء العينين الباريسية ولأن المصائب لا تأتي فرادى، استمر مسلسل 'الفضائح الأخلاقية' لإخوان وأخوات العثماني، بعد أن تسربت صورتين للقيادية آمنة ماء العينين، في العاصمة الفرنسية باريس، بلباس عصري وبدون 'غطاء الرأس' الذي ترتديه دائما في المغرب، وأحد مميزات شخصيتها السياسية والإعلامية. فضيحة باريس، أحدثت رجة داخل بيت 'البيجيدي'، على اعتبار أن القيادية المذكورة كانت دائما تقف داخل قبة البرلمان ضد الحريات الفردية. أمام كل هذه المعطيات وغيرها، هل يمتلك سعد الدين العثماني ومع اخوانه في حزب العدالة والتنمية لتقديم أسماء تستجيب للنداء الملكي خلال خطابه الأخير بتقديم كفاءات وطنية تستجيب لتحديات المرحلة المقبلة؟.