تمكنت التعاونية الحرفية « بوطروش » إقليمسيدي إفني، وبالأنامل السحرية لنساء المنطقة، من إحياء تراث الزربية البوطروشية التقليدية، التي كانت معروفة في منطقة إمجاض وما جاورها منذ القدم . واقتحمت هذه التعاونية هذا المجال منذ سنة 2012 من خلال مشروع صغير ضم أكثر من ثلاثين امرأة من النساء الصانعات يمتلكن خبرة وسر صناعة السجاد المحلي بطرق يدوية بسيطة، وباستخدام وسائل تقليدية ومواد أولية طبيعية، تتكون أساسا من الصوف الطبيعي والأصباغ الطبيعية المستخرجة من الأعشاب والنباتات المحلية، دون إدخال أي مواد عصرية مصنعة عليها. وأضحت زربية بوطروش، اليوم، تحفة تقليدية وطنية وصل صداها إلى البلدان الأوربية بفضل أنامل الحرفيات اللائي ورثن أسرارها عن الأباء والأجداد، حيث استعطاعت التعاونية نيل شهادة الشارة الوطنية للصناعة التقليدية « المغرب صنع يدوي »سنة 2017، التي تقدمها كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، كما تم اختيارها كتعاونية وحيدة بجهة كلميم واد نون، للمشاركة في المؤتمر العالمي حول المناخ (كوب22 )، الذي استضافته مدينة مراكش سنة 2016. ونتيجة صيت الزربية البوطروشية محليا وجهويا ووطنيا ودوليا، حصلت التعاونية على عدة جوائز في معارض وملتقيات وطنية ودولية اعترافا بجودة منتوجها. وتعتمد العاملات في التعاونية، اللائي يشتغلن حاليا بمقر مؤقت بمركز الجماعة القروية بوطروش مشيد وفق معايير صديقة للبيئة، على الأدوات الخشبية التقليدية والأصباغ التي تستخرج من أنواع مختلفة من الأشجار والنباتات المحلية كالحناء والرمان و(إزري) و(تايروبي)، الأمر الذي يضفي على زربية بوطروش طابعا فنيا أصيلا وجذابا. ونتيجة لهذه الجودة، حظيت الزربية البوطروشية بإقبال كبير من قبل الأوروربيين، حيث أكد عبد الله الراخي، المدير الإداري للتعاونية، أن « أكثر من تسعين بالمئة من إنتاج التعاونية يتجه نحو التسويق إلى الدول الأوروبية ،خصوصا بعض الدول الإسكندنافية مثل النرويج والدانمارك »، ويكمن سر هذا الإقبال عليها من قبل الأجانب في « جودتها المعترف بها وطنيا ثم في احترامها لكل المعايير المطلوبة، فضلا عن كون النساء العاملات بالتعاونية لا يستخدمن في صناعة الزربية إلا المواد الطبيعية ». وقال في تصريح ل »وكالة المغرب العربي للأنباء » إن الزربية البوطروشية تنفرد بكونها تجمع بين ما هو ثقافي وتراثي وتسعى إلى تثمين التراث المحلي بالمنطقة، إذ تستلهم النساء الحرفيات أغلب الرموز والنقوش المنسوجة على الزرابي من فنون النقوش الصخرية والرموز الأمازيغية المنتشرة بمنطقة بوطروش منذ آلاف السنين. وأضاف الراخي أن هناك « مشروعا مهما » تعمل عليه حاليا منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، موضحا أن هذا المشروع يهم تصنيف المعارف التقليدية المرتبطة بزربية بوطروش كتراث وطني. وأبرز أن هذا سيعزز مكانة هذا المنتوج، كما من شأنه تشجيع السياحة الجبلية « التي كانت منطلقا لنا في البداية لتأسيس هذه التعاونية » ، بعد تكاثر زيارات السياح للنقوش الصخرية بالمنطقة. ومن جهته اعتبر جامع حربوش، منسق التعاونية، أن هذا التنظيم المهني أعاد الاعتبار لزربية بوطروش التقليدية التي تصنع بالصوف والمواد الطبيعية التي كانت تصنع منها أشكال وأصناف تحمل أسماء أمازيغية مثل (أفاكو) و(بيسلمان) و(ابراش)، مضيفا أن منتجات التعاونية الحرفية بوطروش « أصبحت مصدر رزق للعشرات من الشابات والنساء الحرفيات اللواتي يشتغلن بعد استفادتهن من دورات تكوينية متخصصة في إطار عدة برامج تنظمها الوزارة المعنية، منها برنامج التكوين بالتدرج المهني الذي تستفيد منه سنويا أكثر من خمسين شابة بالمنطقة. وفي انتظار خروج مشروع دار الصانعة بجماعة بورطروش إلى حيز الوجود كفضاء لعرض المنتجات واحتضان النساء الحرفيات في مقر واسع يليق بهذا المنتوج التقليدي العريق، تسوق التعاونية منتجاتها من خلال المشاركة في عدد من المعارض والملتقيات الوطنية والدولية، مستثمرة شبكة الإنترنت للتسويق حسب الطلب من داخل المغرب وخارجه.