أدى استمرار مشكلة الإجهاد المائي بالمغرب إلى جانب السياق الدولي المتسم بتوالي الأزمات واستمرار التوترات الجيوسياسية، إلى ارتفاع تكلفة الماء وإطلاق برامج جد مكلفة لتوفير الموارد المائية. وكشف ملخص تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2024، الصادر حديثاً عن وزارة الاقتصاد والمالية، أن هذه التطورات كان لها تداعيات متباينة على المؤسسات والمقاولات العمومية، خاصة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وأوضح الملخص أن الONEE، تأثرت وضعيته المالية بشكل أكثر حدة، حيث سجل عجزاً مالياً مرتفعاً بفعل تفاقم أسعار المحروقات واللجوء المكثف إلى مصادر المياه ذات تكلفة عالية (تحلية مياه البحر). من أجل ضمان استمرار خدمات الماء الصالح للشرب والكهرباء يؤكد المصدر نفسه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لدعم هذين القطاعين وذلك في إطار مذكرة تفاهم تم إبرامها بين الدولة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب خلال شهر نونبر 2022. في سياق متصل، ترأس الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء 16 يناير 2024، بالقصر الملكي بالعاصمة الرباط، جلسة عمل خصصت لمناقشة إشكالية الماء في البلاد. وأفاد بلاغ للديوان الملكي، صدر في حينه، بأن هذا الاجتماع يندرج في إطار التتبع المستمر والعناية السامية التي يوليها الملك لهذه المسألة الاستراتيجية، ولاسيما في السياق الحالي الذي يعرف تسجيل عجز ملحوظ على مستوى التساقطات وضغط قوي جدا على الموارد المائية في مختلف جهات المملكة. وفي مستهل جلسة العمل هاته، قدم وزير التجهيز والماء نزار بركة، عرضا حول الوضعية المائية، والتي عرفت خلال الفترة من شتنبر إلى منتصف يناير 2024، تسجيل عجز في التساقطات بلغت نسبته 70 بالمائة مقارنة مع المعدل، فيما بلغت نسبة ملء السدود 23.2 بالمائة مقابل 31.5 بالمائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية. وقد مكنت الإجراءات المتخذة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، لا سيما في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 ، من تزويد العديد من الأقاليم والجهات بمياه الشرب بشكل كاف في السنوات الأخيرة. ويتعلق الأمر، على وجه الخصوص، بإنجاز الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق وتشغيل محطتي تحلية المياه بأكادير وآسفي/الجرف الأصفر. بعد ذلك قدم الوزير، بين يدي صاحب الجلالة، مخطط العمل الاستعجالي، الذي تم إعداده من طرف القطاعات المختصة لمواجهة الوضعية الحالية، وضمان توفير المياه الصالحة للشرب، لا سيما في المدن والمراكز والقرى التي تعرف عجزا أو من المحتمل أن تعرفه. وسيتم تنزيل مخطط العمل الاستعجالي، الذي تم تقديمه أمام جلالة الملك، على مستوى مختلف الأنظمة المائية بالمملكة، ويشمل مجموعة من الإجراءات على المدى القصير، منها التعبئة المثلى للموارد على مستوى السدود والآبار ومحطات التحلية الموجودة وإقامة تجهيزات استعجالية لنقل الماء والتزويد به، وكذا اتخاذ إجراءات لتقييد استعمال مياه الري وتقليص صبيب التوزيع كلما اقتضت الوضعية ذلك. وبالموازاة، وطبقا للتوجيهات الملكية السامية، سيتم تسريع وتيرة إنجاز الأوراش المبرمجة التي لها وقع على المدى المتوسط، وخصوصا السدود في طور التشييد ومشاريع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع، والبرنامج الوطني لمحطات تحلية مياه البحر، وبرنامج إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، وبرنامج اقتصاد الماء على مستوى شبكة نقل وتوزيع الماء الصالح للشرب ومياه الري. وحث الملك القطاعات والهيئات المعنية على مضاعفة اليقظة والجهود لرفع تحدي الأمن المائي وضمان التزويد بالماء الشروب على مستوى جميع مناطق المملكة. وبهذا الخصوص، دعا جلالة الملك الحكومة إلى اعتماد تواصل شفاف ومنتظم تجاه المواطنين حول تطورات الوضعية المائية والتدابير الاستعجالية التي سيتم تفعيلها، مع تعزيز توعية العموم بأهمية الاقتصاد في استهلاك الماء ومحاربة جميع أشكال تبذير هذه المادة الحيوية واستخداماتها غير المسؤولة.