أعلنت إيران الأحد حل "شرطة الأخلاق" التي وُجهت لها أصابع الاتهام في مقتل الشابة مهسا أميني (22 عاما) عقب اعتقالها على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي. ومنذ عدة سنوات تشعر النساء بالرعب من مواجهة هذه الوحدة الأمنية، والعديد منهن لديهن روايات تُروى بهذا الشأن. فما هي مهمة هذه الشرطة سيئة السمعة؟ قررت إيران حل "شرطة الأخلاق"، حسب ما أعلنته النيابة العامة الأحد. وعرفت هذه الشرطة بممارساتها القاسية ضد النساء خاصة، إذ تواجه اللواتي ينتهكن قواعد اللباس الصارمة في جمهورية إيران الإسلامية، خطر اقتيادهن في واحدة من السيارات البيضاء والخضراء التابعة لهذه الشرطة، لتلقي محاضرات حول كيفية ارتداء الحجاب أو التعرض للضرب المبرح. ولسنوات عدة تشعر النساء الإيرانيات اللواتي يغامرن بالخروج من منازلهن ولو في مهمة بسيطة، بالقلق خوفا من مواجهة هذه الوحدة سيئة السمعة، ويتعرضن للعقاب لمظهرهن الذي قد لا يوافق قواعد اللباس التي تراقبها الشرطة المذكورة. وقالت دنيا فرد (26 عاما) التي أفلتت بإنذار فقط "أمسكوا بي بالقرب من محطة المترو لأنني ثقبت أنفي.. لم أكن أرتدي ملابسي بشكل لائق"، وفقا لقواعد الآداب العامة الإيرانية في الأماكن العامة. وتؤكد هذه الناشطة التي تعيش الآن في قبرص "كان الأمر مخيفا، لأنني لم أكن معتادة على مثل هذا الموقف، كنت أبكي" في الشاحنة. لكن الحظ لا يحالف عددا كبيرا من الإيرانيات، من بينهن مهسا أميني التي اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران في 16 أيلول/سبتمبر الماضي ولقيت حتفها بعد ثلاثة أيام عن 22 عاما. وأثار موتها موجة من الاحتجاجات أحرقت فيها نساء الحجاب. ويؤكد ناشطون أن مهسا أميني قتلت بضربة على رأسها، في حين ربطت السلطات وفاتها بمشاكل صحية ينفيها والداها. وصار الحجاب إلزاميا في إيران بعد أربع سنوات من الثورة الإسلامية في 1979. فيما أنشئت شرطة الأخلاق المعروفة باسم "دوريات الإرشاد" (غشتي إرشاد) في عهد الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد من أجل "نشر ثقافة اللياقة والحجاب". وتتألف من رجال يرتدون زيا أخضرا ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم. وبدأت هذه الوحدة أولى دورياتها في العام 2006. وأصدر أفرادها بعد ذلك تحذيرات قبل أن يبدؤوا بجلد واعتقال النساء في العام التالي. مثيرة للانقسام السياسي وعلى مدى أعوام، تطور دور شرطة الأخلاق، لكنه كان دائما مثيرا للانقسام حتى بين المرشحين للرئاسة. ففي عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني، كانت تُمكِن رؤيةُ نساء يرتدين الجينز الضيق بحجابات ملونة. لكن في تموز/يوليو الماضي دعا الرئيس المحافظ الذي خلفه، إبراهيم رئيسي إلى حشد "جميع المؤسسات لتعزيز قانون الحجاب"، مؤكدا أن "أعداء إيران والإسلام يريدون تقويض القيم الثقافية والدينية للمجتمع عبر نشر الفساد". وعلى الرغم من ذلك، استمر عدد كبير من النساء في تحدي هذه القواعد فتركن نقابهن ينزلق على أكتافهن أو يرتدين سراويل ضيقة، لا سيما في المدن الكبيرة. وتم إنشاء تطبيق للهاتف المحمول يسمى "غيرشاد" في 2016 ، للإبلاغ عن مكان وجود وحدة الإرشاد حتى تتمكن النساء من تجنبها. وعادة ما تهاجم هذه الوحدة عددا قليلا من النساء من أجل "ترهيب وتخويف" الأخريات، كما يحلل أوميد ميمريان الصحافي والناشط المقيم في الولاياتالمتحدة. وتابع قائلا إن "وفاة مهسا أميني تأتي بعد شهور من إجبار النساء على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة". "مخيف" وللتعبير عن احتجاجهن في المظاهرات الأخيرة، خلعت العديد من الشابات الإيرانيات الحجاب في الشوارع وهتفن "إمرأة، حياة، حرية"، وأحيانا يواجهن قوات الأمن. وتخشى العديد من النساء الإيرانيات أن تقبض عليهن شرطة الأخلاق، وكلهن يتذكرن القصص المروعة التي رواها أفراد العائلة أو الأصدقاء. وتتذكر سيجل شهبازي (32 عاما) إيرانية تعيش في قبرص اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق عندما كانت في الثامنة من عمرها وتهديدها بالسجن إذا لم ترتد الحجاب. وقالت "كان الأمر مرعبا، لأنني سمعت عما يمكن أن يحدث للنساء اللواتي يُرسلن إلى السجن من تجربة والدتي". ويمكن إرسال النساء اللواتي يعاقبن من قبل "شرطة الأخلاق" إلى مراكز إعادة التأهيل، أو يتعرضن للضرب أو الجلد أو الاغتصاب أو حتى القتل. وعلى الرغم من التقارير التي تفيد بأن "شرطة الأخلاق" اختفت من الشوارع خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قادتها النساء، عززت قوات الأمن قبضتها عبر كاميرات مراقبة ومخبرين مجهولين. وتقول إيرانيات على وسائل التواصل الاجتماعي إنهن تلقين رسائل من الشرطة بعد قيادتهن لسياراتهن بدون حجاب، وهي جريمة يعاقب عليها بغرامة أو بمصادرة السيارة. ومع الإعلان عن حل هذه الشرطة التي بثت الرعب في نفوس عدد من النساء منذ سنوات، هل ستطوي إيران فعلا صفحتها؟