لا يخفى على متتبعي المشهد السياسي الوطني، أن عددا من قيادي العدالة والتنمية عبروا عن قلقهم بخصوص ما سموه « إقصاء » وزراء العدالة والتنمية من مرافقة الملك في عدد من الزيارات التي قام بها جلالة الملك محمد السادس نصره الله خلال الأسابيع الماضية لدول إفريقية جنوب الصحراء. ومن المعلوم أن جلالة الملك محمد السادس منذ توليه عرش أسلافه المنعمين وهو يعمل على التأسيس لتوجه في الإنفتاح على القارة السمراء مبني من جهة على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية جنوب-جنوب، عبر اعتماد افريقيا على مقوماتها وقدراتها الذاتية، والسعي من جهة اخرى إلى ترسيخ علاقاته التاريخية مع بلدان القارة عبر مبادرات تشمل الحقل الديني والإنساني والتنموي. وقد أخذ المغرب يهتم بالاتجاه الاقتصادي بإفريقيا منذ عدة سنوات لتطوير العلاقات الثنائية مع الدول الإفريقية، اقتصاديا ومصلحيا للطرفين لتكون رافعة لتدعيم السلوك الدبلوماسي. وقد نجح المغرب في نسج شبكة واسعة من الاتفاقات الدولية لحماية وتعزيز الاستثمارات ذات الطابع الثنائي والإقليمي بلغت أزيد من 72 اتفاقية للاستثمار تشمل 66 اتفاقية ثنائية و6 اتفاقيات إقليمية، وبذلك يحتل بلدنا المركز الثاني في إفريقيا، بعد مصر من حيث عدد الاتفاقيات الموقعة. ومن بين أهم الميادين والقطاعات التي يستثمر فيها المغرب بشكل مباشر في إفريقيا نجد قطاعات : العقار و المصارف و التجارة و الصناعة و التأمينات و الاشغال الكبرى و الاتصالات السلكية واللاسلكية و السياحة و الشركات القابضة و النقل و الدراسات و الطاقة والمعادن. وبالتالي فإن إنجاح هذا الورش الملكي الإستراتيجي الكبير والمهم يشكل تحديا بالنسبة للمغرب شعبا وحكومة، وقد أشار جلالة الملك في آخر خطاب له بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الى أن الحكومة المقبلة ينبغي أن تجعل من أولوياتها الإنفتاح على القارة الإفريقية ومواكبة الجهود الجبارة للملك في بناء علاقات قوية وبراغماتية مع بلدان جنوب الصحراء. والسؤال الذي يطرح هاهنا تعقيبا على قلق وزراء حزب العدالة والتنمية وإدعاء إقصائهم من المشاركة في الورش الملكي، هو هل يتوفر هذا الحزب على الكفاءات والأطر والطاقات والشخصيات الكاريزماتيكية التي يمكن أن تساهم لجانب الملك في ربح الرهان الإفريقي؟ هل يستطيع إخوان بنكيران انتزاع مكتسبات اقتصادية وديبلوماسية من عمق الأدغال الإفريقية؟ هل لهم من التجربة والخبرة والقدرات التواصلية والعلاقات الاستراتيجية ما يجلهم مفيدين في هذا الورش؟ هل يكفي الإعتماد على إخوان بنكيران لاختراق دول لها مواقف معادية للوحدة الوطنية وإقناعها بتغيير مواقفها وسحب اعترافاتها بالكيان الوهمي؟ إنها أسئلة مشروعة ما دام حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول في المغرب، وما دام برنامجه الإنتخابي ومرشحوه هم من نالوا ثقة الشعب المغربي خلال آخر استحقاقات؟