يبدو أن المغرب عاقد العزم على مقاضاة وسائل إعلام فرنسية ومنظمة العفو الدولية ومنظمة «فوربيدن ستوريز» (قصص محرمة) بدعوى التشهير. فرغم أن محكمة باريس قررت رفض الطلب المغربي استناداً إلى قانون الصحافة الذي يعتبر أن مسألة التشهير التي تنطبق على الأفراد لا يمكن أن تسري على الدول، فإن محامي الدولة المغربية أعلن عن استئناف الحكم ومواصلة الإجراءات في قضية أسالت مداداً كثيراً. بدأت القضية حين زعمت منظمة العفو الدولية و"فوربيدن ستوريز" ووسائل إعلام فرنسية في يوليوز 2021، أن الرباط استعملت برنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس» PEGASUS لتعقب هواتف حقوقيين وسياسيين وإعلاميين، لكن السلطات المغربية سرعان ما نددت بما وصفتها «مزاعم كاذبة لا أساس لها من الصحة». وكان ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أدان ما سماه «العداء» و»التهجم» الذي مارسته على نطاق واسع المنظمتان المذكورتان و»لوموند» و»لومانيتي» و»فرانس ميديا موند» و»راديو فرنسا» ضد المملكة المغربية. وطالبها بتقديم أدلة ملموسة على ادعاءاتها، قائلاً: «أي شخصية أو منظمة توجه اتهامات ضد المغرب يجب أن تقدم دليلاً أمام المحكمة». ويوم الجمعة الماضي، أكدت محكمة جنايات باريس وجود نقص في الأدلة، على الرغم من تصريحها برفض دعوى المغرب، وهو ما يعزز استنتاجا بأن فكرة «بيغاسوس» مجرد خداع إعلامي، مثلما تذهب إلى ذلك مصادر مغربية، مشيرة إلى أن مبعث تلك المزاعم التي تشكك في أوضاع حرية الصحافة واحترام حقوق الإنسان، هو النجاحات الاقتصادية المتوالية للمغرب. المحامي الفرنسي أوليفييه باراتيللي الذي يرافع باسم الرباط شكك بدوره في الأسس الموضوعية لقضية «بيغاسوس»، مطالباً الجهات التي رددت المزاعم بتقديم حججها وأدلتها الملموسة. وصرح لوسائل إعلام أن «مصالح الدولة المغربية لم تكتسب قط أو تستخدم برمجيات بيغاسوس». وقال: «لم يتم تقديم أي دليل ضد الدولة المغربية في هذه القضية». وأردف: «يجب ألا تمر حملة التضليل هذه دون عقاب». في ما يخص رفض المحكمة لشكاية المغرب استناداً إلى قانون الصحافة الذي يركز على الأفراد في مسألة التشهير، يرى الدفاع أن الدولة المغربية يمكنها التصرف نيابة عن أجهزتها الأمنية والمخابراتية. يذكر أنه خلال صيف العام الماضي، نشرت مجموعة مكونة من 17 وسيلة إعلامية دولية تحقيقاً بناءً على بيانات حصلت عليها منظمتا «فوربيدن ستوريز» و»العفو الدولية». وفقاً لهذا التحقيق، كان المغرب قد اشترى واستخدم برنامج التجسس بيغاسوس الذي صممته شركة NSO الإسرائيلية. واستنكرت المملكة «الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها»، وبدأت عدة إجراءات قانونية في فرنسا وإسبانيا وألمانيا. وتجدر الإشارة إلى أن البرنامج المعني بمجرد تثبيته في الهاتف المحمول، يجعل من الممكن التجسس على مستخدم الجهاز أو الوصول إلى رسائله أو بياناته أو تنشيط الجهاز عن بُعد بغرض جمع الأصوات أو الصور.