مَن ثكِلَته أمُّه من بني "بوخروبه" فلينزل إلى الصحراء. ————————————— قالوا: طبّعتم مع الصهاينة واليهود واستَقوَيتم على إخوانكم المؤمنين. وبعتم فلسطين مقابل الصحراء. وقايضتم الاعتراف الأمريكي بالقدس. فأين أنتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثل المؤمنين في توادٍّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثلُ الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمّى) متفق عليه. قلتُ: هذا يُلخّص كلَّ ما في جعبة أعداء الوطن. وهذه هي مادّة حِجاجهم ومتنفّسهم بسبب هوْل الزلزال السياسي الذي أصابهم. وتفنيداً لهذه المزاعم سأخاطب عقلاءَهم، إن كان فيهم عقلاء. فأقول: هل كان حكام الجزائر رحماء ودودين متعاطفين عندما طردوا 75 ألفاً مغربياً من بيوتهم وأعمالهم وأموالهم ووظائفهم وفصلوا الزوج عن زوجه والأم عن ولدها…؟ في يوم عيد الأضحى 18 دجنبر 1975 حتى وصل عدد المهجّرين المغاربة إلى 350 ألف. ولم يتعامل المغرب بالمثل، إذ لا أسْوة في الجريمة. وهذا يُظهر الفرق بين الدولة والعصابة. وهل كان حكام الجزائر رحماء بإخوانهم المغاربة المؤمنين عندما صنعوا جمهورية صحراوية وهمية وجاؤوا بمرتزقة وسلحوهم ودربوهم وأنفقوا عليهم أموال الشعب ليسفكوا دمنا ويمزقوا أرضنا؟ وأين الرحمة والمودة في إغلاق الحدود البرية منذ صيف 94 فقطعوا صلة الأرحام وضربوا عُرض الحائط كل صفات الآدميين فضلاً عن حُسن الجوار… أكتفي بهذا، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. والخلاصة من غير إطالة، نحن المغاربةَ لم نجد من الصهاينة واليهود شيئاً مما حاكه ضدّاً علينا حكّام الجزائر. مع أننا حاربناهم في الجولان وسيناء وساندنا الفلسطينيين ولا نزال. ولئن كان هناك "تطبيع" فالدولة تعرف مصالح شعبها وتعرف كيف تحمي وحدة ترابها، وتعرف مع من تتحالف وضد من تتحالف… لست أنا ولا غيري من يزايد عليها في الولاء للمسجد الأقصى أو يملي عليها سياستها الداخلية والخارجية. ولقد شبعنا شعارات الممانعة والمقاومة دون جدوى. وإصرارنا على حق المسلمين في فلسطين ثابت أبدَ الآبدين. جنرالات الجزائر ليسوا استثناءً فهم مطبّعون مع الصهاينة أنفسهم فضلاً عن ملاحدة موسكو ومعسكرات الشيوعيين واليسار المتطرف. أي أنّ تباكي حكام الجزائر على فلسطين والأقصى أشبه ما يكون بالعاهرة التي تحاضر في الشرف. وماذا عن استقواء الجزائر بالشيوعيين الملاحدة من الروس وغيرهم على إخوانهم المغاربة المؤمنين المسلمين؟ هنا يختفي حديث النعمان بن بشير وتختفي كل قيم الإسلام وتعاليمه… المغرب انتزع اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه. وفي ذات الوقت أعلن ملكُه في مكالمة هاتفية مع محمود عباس رئيس السلطة أن مواقف المغرب من القضية الفلسطينية ثابتة. أنا شخصياً أرفض التطبيع، إن كان هناك تطبيع، للأسباب التي يعرفها القاصي والداني… ولكن عندما أضع أمامي جرائم جنرالات الجزائر ومخابراتها في حق بلدي، وأدرك مدى عدائهم لوطني وما هم مصممون على فعله ضدنا… فإني أدرك بالملموس كيف تتصرف الدولة المغربية وهي توازن بين المصلحة والمفسدة، فأقدمت على ما أقدمت عليه. قرار المغرب سيادي. وأجمل ما فيه أنه حصّن دفاعاته عن أرضه، بتحالفه مع أقوى دولة في العالم، وحافظ في نفس الوقت على موقفه الثابت من فلسطين والقدس الشريف. ومن ثكلته أمه من بني "بوخروبه" فلينزل إلى الصحراء. ————————————- * رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ (مقالات الرأي لا تعبر إلا عن أصحابها وليس بالضرورة عن الجريدة)