ما حدث بين المملكة المغرببة والولايات المتحدة، وبين المملكة و "إسرائيل" يدعو إلى وقفة تأمّل ودراسة وإنصاف في التحليل والتأويل. أعداء الوطن أعلنوا منذ اللحظة الأولى "خيانة" المغرب للقضية الفلسطينية. وللقدس الشريف والمسجد الأقصى… في حين أكد الملك وهو أعلى سلطة في البلاد في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني أنه مع حلّ الدولتين، ومع إبقاء القدس على وضعيتها الدينية وأن الموقف المغربي حيال القضية الفلسطينية ثابت لا يتغير… وأكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني رفض المغرب لصفقة القرن وتهويد القدس والاستيطان وما إلى ذلك… وبناءً عليه، فليس ثمة جديد… في المقابل هناك حكام الجزائر الذين يستقوون بالسلاح الروسي والاستعانة بدعم أحفاد فيديل كاسترو والشيوعيين عموماً لقتل إخوانهم المسلمين المغاربة. حرام هذا ام حلال؟ التطبيع مع فرنسا التي قتلت خلال احتلالها للجزائر وحرب التحرير حوالي سبعة ملايين شخص. حلال أم حرام؟ وإنّ أحدهم ليتخاطب مع زوجته حتى في شؤون المطبخ والفراش بلغة المستعمر فضلاً عمّا هو أهمّ… ثم يمضغ بين شفتيه المشبعة خمراً وتِبغاً كلمات الخيانة والتطبيع وما إلى ذاك. هزُلت. وماذا عن التطبيع مع إسبانيا الصليبية التي فعلت في المسلمين من التقتيل والتشريد والنفي خلال محاكم التفتيش وما تبعها… واحتلالها حتى الآن للأندلس ومدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية … حلال أم حرام؟ والتطبيع مع أمريكا نفسها التي قتلت الملايين في العراق وأفغانستان وسورية وغيرها حلال أم حرام. لهذا أقول ما أسهل إطلاق التهم كيفما اتفق على بلادنا دون النظر إلى شمولية مسألة التطبيع والتعامل معه بنوع من الواقعية والموضوعية والشرعية… ثم نأتي إلى دولة فلسطين، أليست هي من أوائل المطبعين مع الكيان الصهيوني…؟ إنّ قياداتهم "المناضلة" تعالَج في مستشفيات "إسرائيل" وتموت على أسرّة مستشفياتها… فضلاً عن مئات الآلاف من الفلسطينية في الضفة الذين هم يد عاملة في مصانع الصهاينة ومزارعها. صحيح إنه لا أسوة في الشر، وأن الأرض المباركة قضية المسلمين كافة باعتبارها قضية دينية خالصة… ليست حكراً على الفلسطينيين… ولئن خانوا هم قضيتهم فليس ذلك مسوغاً لأحد في حذْو حذْوِهم… ثم هناك روابط الوطنية و"البيعة" لحوالي مليون يهودي مغربي في فلسطينالمحتلة. وهؤلاء من حقهم التنقل من المغرب وإليه… حتى لو قدِموا من مطار (بنغريون) فلهم حقوق في المغرب، ممتلكات وعوائل ومزارات… وحتى أكون أكثر صراحة ووضوحاً أقول إن اللوبي اليهودي في أمريكا وأوروبا يخدم قضية وحدة ترابنا هناك بما لم يخدمها ملايين المسلمين في تلك الديار. من حق المغرب الدفاع عن أرضه في مواجهة حكام الجزائر وربيبتها البوليساريو الذين يتربصون بنا الدوائر ويخططون لتقسيم وطننا ويحاولون ويحاربون وينفقون كل ما يملكون في سبيل ذلك… من حق المغرب تعزيز التحالف مع أمريكا ومع غيرها لردع الظلمة وقطاع الطرق… ولمن يصرّ على معرفة رأيي الشخصي في التطبيع مع الصهاينة فأنا أرفض التطبيع وأرفض الاعتراف بالصهيونية والصهاينة..وهو رفض قديم وجديد ومتجدّد… ولا يقل رفضاً عن رفض المغاربة قاطبة وعلى رأسهم ملك البلاد الذي قال بكل وضوح وشجاعة (إن موقف المغرب من القضية الفلسطينية ومن القدس الشريف ثابت لا يتغيّر)