تعتبر المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وفق المرسوم المحدث لها، مؤسسات لتكوين الأطر العليا غير تابعة للجامعات، وتخضع لوصاية السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية. وتتولى هذه المراكز إنجاز العديد من المهام، منها: * التكوين الأساس التأهيلي لأساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي وأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، وكذا التكوين الأساس لإطار المتصرف التربوي وإطار الممون وإطار المختص التربوي والاجتماعي ومختص الاقتصاد والإدارة؛ * تهييئ المترشحين لاجتياز مباريات التبريز؛ * التكوين المستمر واستكمال الخبرة لفائدة الأطر المذكورة وباقي الأطر التربوية والإدارية والتقنية المنتمية لمختلف الفئات المهنية العاملة بالوزارة المكلفة بالتربية الوطنية...؛ * أنشطة البحث العلمي النظري والتطبيقي...؛ ويستند البحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين على العديد من الوثائق المرجعية، وتتمثل أساسا في النموذج التنموي الجديد 2021 والقانون الإطار 17-51 والقانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والمرسوم رقم 2.11.672 الصادر في 27 من محرم 1433 (23 ديسمبر 2011) في شأن إحداث وتنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين كما وقع تغييره وتتميمه ومقرر وزير التربية الوطنية رقم 19-001 الصادر بتاريخ 09 يناير 2019 في شأن تحديد هياكل البحث العلمي التربوي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وتنظيمها، إضافة إلى المذكرات الوزارية المتعلقة باقتراح مشاريع بحوث علمية في المجال التربوي. وعليه، تسمح الوثائق المرجعية السالفة الذكر بالكشف عن معالم هوية البحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين؛ فقد نصت المادة 35 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، على أن مجلس المؤسسة يتولى اقترح مشاريع إحداث مسالك للتكوين والبحث. كما يحدث في حظيرته لجانا دائمة؛ بما في ذلك لجنة علمية ولجنة تتبع الميزانية وإن اقتضى الحال لجانا خاصة لدراسة مسألة معينة، ويحدد في النظام الداخلي للمؤسسة عدد اللجان الدائمة وتأليفها وكيفية سيرها. إضافة إلى أنه تحدث داخل كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات لجنة علمية يحدد بنص تنظيمي تأليفها وتسييرها وكيفية تعيين أعضائها، وتكلف هذه اللجنة باقتراح جميع التدابير المتعلقة بترسيم وترقية الأساتذة الباحثين. وقد أسهب المرسوم رقم 2.11.672 الصادر في 27 من محرم 1433 (23 ديسمبر 2011) في شأن إحداث وتنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين كما وقع تغييره وتتميمه، في بيان تفاصيل البحث العلمي بالمراكز. فقد نصت المادة 3 منه على أن هذه المؤسسات تتولى القيام بأنشطة البحث العلمي النظري والتطبيقي والدراسات وأعمال الخبرة والتوثيق ونشر المعرفة في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصاته، أو التي يتطلبها التكوين، وكذا المساهمة في أنشطة البحث العلمي التي تنظمها المؤسسات والهيئات الأخرى. إلى جانب ذلك، تتعزز المعطيات المشار إليها آنفا بما ورد في المادة 34؛ فبالإضافة إلى المهام السالفة الذكر، ينجز المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين أنشطة البحث العلمي إما بمبادرة منه، أو بطلب من المصالح المركزية للوزارة المكلفة بالتربية الوطنية أو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أو في إطار الشراكة والتعاون مع هيئات ومؤسسات وطنية أو دولية عمومية أو خصوصية. وقد حدد مقرر وزير التربية الوطنية رقم 19-001 الصادر بتاريخ 09 يناير 2019 طبيعة هياكل البحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وتنظيمها. فقد نصت المادة الأولى منه على تحديد شروط وضوابط القيام بأنشطة البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي والتدخلي، وإنجاز الدراسات والأبحاث بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. كما بينت المادة الثانية الهياكل الموكل إليها إنجاز أنشطة البحث العلمي بالمراكز، وهي: فرق البحث ومختبرات البحث ومراكز الدراسات والأبحاث. كما يمكن الكشف عن هوية البحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، انطلاقا من المذكرات المتعلقة باقتراح مشاريع بحوث علمية في المجال التربوي؛ من خلال فتح باب الترشيح لإنجاز بحوث علمية في المجال التربوي، تندرج ضمن المواضيع ذات الأولوية بالنسبة لمنظومة التربية والتكوين، ويتم تحديد هذه المواضيع في كراسة مواضيع البحث في المجال التربوي. كما تحدد هذه المذكرات المقتضيات المتعلقة بكيفية المشاركة في إنجاز هذه البحوث وكذا تثمينها ونشر نتائجها، وتكتسي هذه البحوث طابعا تدخليا إجرائيا. وعلى الرغم من المجهودات المبذولة لإرساء ثقافة البحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، إلا أننا نسجل وجود العديد من الإكراهات والصعوبات، تعيق التنزيل السليم للبحث العلمي داخل هذه المؤسسات؛ ومن ذلك مثلا: – الصعوبات المالية: وتتعلق أساسا بإشكالية تمويل فرق البحث داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وغموض التمويل من خارج المراكز، علاوة على غياب التحفيزات المالية لفائدة الباحثين. – الصعوبات المادية: وتتمثل في ضعف البنيات والوسائل ذات الصلة بالبحث العلمي عموما. – الصعوبات البشرية: إذ نسجل قلة الموارد البشرية بالمراكز، إضافة إلى قلة المتخصصين في بعض العلوم مثل: علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم الإدارة، وعلم الإحصاء...، فضلا عن اضطراب التوظيف والاستقرار بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. – الصعوبات التدبيرية والمؤسساتية: ومن ذلك إشكالية الهيكلة بعد الإرساء، وغياب التدبير الالكتروني لأنشطة البحث العلمي، وضعف الجهود بسبب غياب التأطير العلمي الأكاديمي: LMD مثلا، وأخيرا غياب رؤية مستقبلية واضحة وبالتالي ضعف المخرجات. – ضعف التثمين والاعتراف بالبحث العلمي في المجال التربوي. – ضعف التواصل بين الباحثين من مختلف المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، من خلال ضعف تبادل المعلومات البحثية. ومن أجل النهوض بالبحث العلمي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، نقترح ما يأتي: – تفعيل اختصاصات المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في مجال البحث التربوي، عن طريق اقتراح مشاريع بحوث علمية في المجال التربوي وإعداد كراسات مواضيع البحث التربوي ذات الأولوية على الصعيدين الجهوي والوطني. – تفعيل مقترح شبكات البحث التربوي. – تفعيل التعاون بين هياكل البحث في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والمؤسسات الجامعية والمؤسسات العمومية الأخرى. – تفعيل المادة 40 من القانون الإطار التي تنص على تشجيع الشراكات الجهوية والمحلية بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي الأخرى والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والجماعات الترابية والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة، من أجل إنجاز برامج ومشاريع مشتركة، لتعزيز البنيات المدرسية والجامعية، ودعم أنشطتها وتحقيق إشعاعها وانفتاحها على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. – تمكين المراكز من إنجاز الدراسات التقويمية والتقييمية للسياسات والمخططات الإصلاحية. – تقوية المرافعات الذاتية ذات الصلة بالبحث التربوي في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، من خلال الإسهام في النقاشات المطروحة جهويا ووطنيا ودوليا، إضافة إلى تنظيم الأنشطة الإشعاعية والعلمية. – استثمار نتائج وتوصيات البحوث العلمية التربوية في التكوين الأساس والمستمر للأطر التربوية. – إنشاء منصة رقمية على صعيد المراكز للتعريف بالبحوث المنجزة والتواصل مع الباحثين. – عقد شراكات مع فرق البحث ذات الاهتمام المشترك جهويا ووطنيا. – تمكين المراكز من الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال البحث العلمي التربوي إضافة إلى ولوج قواعد المعطيات الدولية. – دعم مشاركة الباحثين من المراكز في الملتقيات الوطنية والدولية. – دعم استقلالية هياكل البحث بالمراكز ماليا وماديا. – ضرورة تحقيق الانسجام والتكامل في التصورات والرؤى بين كل المتدخلين، عن طريق صياغة خريطة/خطة موحدة للبحث العلمي في المجال التربوي. – إعداد دليل توجيهي حول البحث العلمي في المجال التربوي. – إنشاء بنك/فضاء للبحوث العلمية في المجال التربوي. – العمل على تطوير المواقع الإلكترونية للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين خدمة للبحث العلمي التربوي. – تخصيص ميزانية كافية للنشر الورقي وتشجيع النشر الإلكتروني.