قالت الخبيرة الاقتصادية الجزائرية فتيحة تلاحيت المكلفة بالبحث بمركز الأبحاث الاجتماعية و السياسية بباريس إن عبد المجيد تبون المرشح لرئاسة الجارة الشرقية ليس لديه برنامج اقتصادي، فهو ليس مرشح حزب بل مرشح النظام الذي يحكم البلاد، بينما تحدث مرشح جبهة القوى الاشتراكية للانتخابات، يوسف أوشيش، على "تعزيز صلاحيات البرلمان وآليات المراقبة، وتكريس اللامركزية والديمقراطية التشاركية"، وهو برنامج يتناقض مع النظام الرئاسي الحالي شديد المركزية تحت وصاية الجيش. وقالت الخبيرة في حوار مطول أجرته معها المجلة الفرنسية "جون أفريك" إن تبون ظل يقدم وعودا تستند جميعها إلى عائدات المحروقات، خاصة منذ الحرب في أوكرانيا. ووعد بجعل الجزائر "ثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا" وخلق 450 ألف فرصة عمل، إلا أنه لم يفي بالعديد من الوعود، لا سيما فيما يتعلق بتنويع الصادرات، وخلق فرص العمل، والإصلاح المؤسسي، وما إلى ذلك. وقد أبرزت الحكومة الطبيعة المركزية والقمعية لإدارتها، من خلال قمع أو إفراغ العديد من الهيئات الوسيطة من مضمونها والاعتماد أكثر فأكثر على الجيش للحكم، بما في ذلك في الإدارة والاقتصاد، وفق تعبير تلاحيت. وأشارت المختصة في الاقتصاد إلى أن الجزائر بلد لديه العديد من المقومات الاقتصادية، التي لم تتطور كما ينبغي. ولا يقتصر الأمر على ثروتها من الموارد الطبيعية، بل أيضا على شباب شعبها وديناميته التي كثيرا ما تركز براعتها للأسف على إيجاد سبل لمغادرة البلد بدلا من الاستثمار والازدهار، مؤكدة على أن العقبات التي يواجهها المواطنون عند أدنى خطوة أو نشاط يقومون به، هي التي تثبط عزيمتهم وتدفعهم إلى التمرد أو الاستقالة أو الرحيل. وفي جوابها على سؤال لمجلة "جون أفريك" حول ما إذا كان بإمكان مقترحات المرشح تبون قادرة على تحسين وضع الاقتصاد الجزائري، قالت: " ما الذي يمكن أن نتوقعه من نظام حظر أو حل جمعيات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة وأحزاب المعارضة، وسجن الصحفيين المستقلين والمعارضين السياسيين، بمن فيهم رجال الأعمال غير الفاسدين، وأجبر الباحثين والأكاديميين على الخضوع؟". وأشارت إلى أن أحد أفضل الصحافيين الاقتصاديين، القاضي إحسان، يقبع في السجن منذ ما يقرب من عامين، وتم حظر وسيلته الإعلامية، التي تنشر معلومات وتحليلات ومناقشات قيمة حول الاقتصاد الجزائري. مضيفة أنه ليس عن طريق كسر مقياس الحرارة يمكن أن تخفض الحمى، وفق تعبيرها. ودُعي أكثر من 24 مليون ناخب في الجزائر للتوجّه إلى صناديق الاقتراع السبت في انتخابات رئاسية يعتبر الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون الأوفر حظا للفوز فيها بولاية ثانية. وفي وقت سابق، أكد عبد القادر بن قرينة، الوزير الجزائري السابق والرئيس الحالي لحزب "حركة البناء الوطني" المحسوب على النظام، أن التحدي في هذه الانتخابات الرئاسية هو معرفة من سيأتي في المرتبة الثانية، أما بالنسبة للمركز الأول، فأمره محسوم وسيفوز به "تبون" الذي لم يذكره بالاسم بنسبة 80% إلى 90% من الأصوات المدلى بها. ويتمثّل الرهان الرئيسي الذي يواجهه النظام الجزائري في نسبة المشاركة مقارنة بانتخابات 2019 التي أوصلته إلى الرئاسة ب58% من الأصوات، وهي الانتخابات التي جرت في خضم الحراك الشعبي المطالب بتغيير مكوّنات النظام الحاكم منذ استقلال البلد عن الاستعمار الفرنسي في 1962، بعد أن أسقط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. ويقول مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيفالجزائري حسني عبيدي لوكالة "فرانس برس": "الرئيس حريص على أن تكون نسبة المشاركة كبيرة. إنه الرهان الرئيسي بالنسبة له"، وفق ما أوردته الوكالة.