المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة الماعز – أين أوجه الإختلاف ولإلتقاء بين الفيلم ورواية " الأمير " ؟
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 09 - 2024

لن نخوض في المهزلة المسماة " حياة الماعز " كما خاض الخائضون ، بتلك المشاهدة الاندماجية ، التي تربي العقل العربي على منقصة التسليم على حساب فطرة التحليل ... فالتحليل أسبق من التسليم ، ولهذا قبل أن نضع الفيلم في حجمه الطبيعي ، وجدت مخيلتي البحثية ، تستدعي بقوة رواية " الأمير " للكاتب الجزائري الألمعي، واسيني الأعرج، كمنصة قمنا بتنصيبها لاستفزاز دواخل هذا الفيلم الذي يؤكد للأسف أن الشعبوية أقصر طريق لقلوب العرب ، هذا دون أن ننسى وفائنا لآلية تداعي النظائر الفلسفية ، التي تحلل وتركب ، حتى نحضى بمخرجات علمية وموضوعية ، لأن غاية الباحث المستقل والنزيه ، هو الانتصار للحقيقة على حساب كل مالازمام ولاخطام فيه .
عندما يقول المتنبي :
بعيني رأيت الذئب يحلب نملة
ويشرب منها رائبا وحليبا
من الناحية الواقعية ، لاشك أن المتنبي اغتصب الواقع ، واعتدى على المنطق واللغة ، فكيف لذئب أن يحلب نملة !!! لكن يقال " يجوز للأديب مالا يجوز لغيره " ... فكل الانجازات الإبداعية خاصمت الواقع بالخيال ، وتبضعت من سوق السريالية لترسل رسائلها بمقياس الأدب، لا بموضوعية الحقيقية ، وهذا ديدن الأفلام الهندية الحبلى بالخيال الوحشي والمبالغة ، والابتعاد عن الواقع ، باستثناء فيلم " my n'aime is khan " وفيلم " mohapattaine " الذان كانا حمالان بالرسائل الواقعية، عكس الإساءة للآخرين تحت مسمى السنيما.
عندما انتهيت من قراءة رواية " الأمير " للكاتب الألمعي واسيني الأعرج، وجدت شخصية البطل ، بعيدة كل البعد عن المقاوم الثائر الأمير عبد القادر الجزائري كما قدمها لنا التاريخ ، لكنني اضررت للاستسلام أمام مقولة " الرواية فن الصدق الكاذب " لذلك اعدت قراءة الرواية من جديد ، بعدما تحللت من تلك الأسئلة المقلقة ، فوجدت أن النص ماتع جدا إبداعيا ، فقير تاريخانيا ، لكن لا بأس إن كان صاحب العمل يقر بهذا المعطى ، عكس مخرج فيلم " حياة الماعز " الذي يصر أن فيلمه يتماهى مع الواقع تماما ... فإن كان كذلك ، لماذا لم تنتج فيلما وثائقيا ؟ ولماذا تهربت من عنونت الفيلم " بالكفيل؟!!! الجواب أنك جبان رعديد ، ونائحة مستأجرة عند أسيادها لتشويه صورة الرجل العربي الكريم ؟؟؟ أما توقيت طرح الفيلم يؤكد هاته النية المبيتة ، الذي لم ينتبه لها المشاهد العربي ، في ذروة مايتعرض له المسلمون ، فمخرج هاته الفضيحة السينمائية تناسى أنه يشتغل في السنيما وليس مؤرخا وهاته هي الحقيقة التي يجب أن يقتنع بها الجميع .
ثم ألا تعرف العرب القاعدة الفقهية " التعميم يقتل التحليل " ؟ فلماذا صور مخرج الفيلم بشكل خافت ، الجانب الإيجابي في القصة ، بعدما تنازل ورثة الكفيل الذي قتله بطل الفيلم غير متعمدا عن الدية ، وقاموا بجمع مبلغ كبير حتى يعوضوا راعي الماعز مرارة الحياة التي عاشها في الصحراء ...
الفيلم غلب عليه الإسهال إلى حد الغثيان ، والمساحات الفنية الفارغة ، وغياب خيط ناظم بين الأحداث.... لذلك نطلب من المشاهدين أن يعرفوا أنهم بصدد فيلم عادي سيفضحه التاريخ ، وأن هذا التجاوب إنما هو طفاسة اللحظة ودهشة الزماكان ... والافراط في الخيال على حساب قصة إنسانية طويت ، بعدما سحب المشرع صفة الكفيل عن أي مواطن كيف ماكان في الخليج ، ليأتي الفيلم ليفتح الجرح ، محاولا تشويه العرب ، كما فعل مع باكستان، إلا أن هاته المرة كانت السعودية هي الدولة العربية الأولى التي تستهدفها الهند سينمائيا، ولهذا فإن السعودية لن تسكت وتقوم بانتاج فيلم هوليودي ، يفضح مايعانيه الشعب الهند العظيم من تجويع وامتهان لكرامته ، في ظل نظام فاسد .
واسيني الأعرج اعترف انه استعمل التاريخ حتى يبدع روائيا ، لكن المخرج الهندي يصر على أن الفيلم انعكاس للقصة الحقيقية ، وهنا أطلق المخرج الهندي النار على قدميه ...
— أوجه الإختلاف والتلاقي بين فيلم " حياة الماعز " ورواية " الأمير "
– فيلم "حياة الماعز".. والحاجة الى سينما عربية تاريخانية ...

"حياة الماعز"، فيلم هندي أثار- وما زال يثير – جدلًا منذ أيام، تم إنتاجه بناءً على رواية عمرها ستة عشر عامًا لم ينتبه لها كثيرون، إلا بعد أن تحولت إلى فيلم درامي سينمائي تم عرض نسخة مترجمة منه على منصة "نتفليكس"، وهو ما جذب اهتمامًا إعلاميًا عربيًا مبالغًا فيه بعض الشيء، الأمر الذي زاد من شعبيته!
الفيلم، وإن حكى قصة حقيقية وقعت بالسعودية قبل سنوات، ولا تخلو أرقى المجتمعات منها، لم أجد أنه يحتاج لكل هذا التفاعل من الجانب العربي المسلم، سوى ما كان بالشكل الذي يتم عبره توضيح حقائق وخفايا أمور، دون رفض محتوى الفيلم جملة وتفصيلًا في الوقت نفسه.
فهو، إلى جانب أنه مبني على الأجزاء الإنسانية من القصة الحقيقية، والتي تحتاج كل المجتمعات الإنسانية إلى حملات توعوية مستمرة لبيان بشاعة الظلم، إلا أن منتجي هذا الفيلم تعمدوا لسببٍ أو آخر إخفاء مشاهد إنسانية أخرى مهمة من القصة، وبسبب ذلك الإخفاء يحدث هذا التفاعل معه، وبالتالي استحقّ النظر إليه بشك وريبة.
إعلان
الزمن الأكبر من الفيلم كان يدور حول مشاهد من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، لكن تجاهل الفيلم الحقيقة الحياتية المعروفة أنه رغم جبروت الظلم، ينتصر الخير عليه نهاية المطاف.
وهذا هو الجزء المفقود من الفيلم، حيث تم تجاهل تعاطف أبناء الظالم مع العامل المظلوم، وتجاهل تعاطف أهالي حفر الباطن، حيث جرت أحداث القصة في صحرائها، وكيف أن هذا التعاطف أدى بالعامل غير المسلم إلى إعلان إسلامه، بعد أن عاين بنفسه رحمة البشر هناك، التي تجسدت في مشهد حقيقي غير سينمائي، وهو تنازل أبناء الرجل الظالم عن دية والدهم، الذي قتله العامل غير متعمد، بل وتم تسليم مبلغ الدية وزيادة، كان قد جمعها الأهالي كنوع من التعويض عن عشر سنوات عجاف عاشها العامل.
لو أن الفيلم أظهر الأجزاء الإنسانية الأخيرة من القصة، لما أثار ضجة وكان مقبولًا من الناحية الموضوعية والفنية، لكن يبدو أن رسالة الفيلم المبطنة وإن كانت مكشوفة، هي الإساءة إلى المسلمين بشكل عام وليس إلى الشعب السعودي وحده، الذي أظهره الفيلم كشعب ظالم لا يعرف رأفة ورحمة، وهذا افتراء غير مقبول ورأي غير مسؤول.
إعلان
لكن إن توسعنا في الموضوع وانطلقنا من هذه القصة نحو موضوعات أخرى ذات صلة، لوجدنا أولًا أن مسألة الظلم التي يريد الفيلم أن يظهر أنها طبيعية في مجتمعات "الله أكبر" "حي على الصلاة"، هي منتشرة في الهند نفسها بصورة أشد وأوسع وأعمق.
ولو دققنا النظر ثانيًا في واقع المجتمع الهندي ورأينا كمية اعتداءات الهندوس الممنهجة والمستمرة على المسلمين في الهند نفسها مثلًا، لربما احتجنا إلى مئات الأفلام وآلاف الروايات للحديث عنها. هذا بفرض رغبتنا الدخول في سباق مع الآخر، وبيان ما عنده من مساوئ ومظالم وشرور، لكن ما هكذا تورد الإبل – كما تقول العرب – لأن المسألة تحتاج منهجية وعملًا واضحًا منظمًا لا يعتمد على ردود أفعال.
نقطة أخيرة مهمة في هذه المقدمة الطويلة، هي أنه لا يوجد مجتمع ملائكي الصفات بين البشر، والظلم بأنواعه موجود في أرقى المجتمعات والأمم، وليس عند العرب فقط، كما يريد الفيلم أن يقول، في واحدة من رسائله غير المباشرة. كما أن الفيلم لن يكون آخر الأفلام في سلسلة الإنتاجات الفنية الموجهة، سواء الهندية أو غيرها من تلك التي تسير على درب هوليود، والتي فعلت أكثر من بوليوود ونظيراتها آلاف المرات.
صناعة السينما
لكن السؤال الذي يفرض نفسه دومًا في مثل هذه المناسبات والأحوال: أين هي السينما العربية؟ وأين هو الإنتاج الفني الإعلامي العربي المسلم الذي يكشف الحقائق دون مبالغات أو إساءات؟
لا تجد أثرًا أو إجابة مقنعة، وإن وجدت بعض أعمال فنية هنا وهناك، فهي غالبًا لا تجد ذلك الدعم الذي يوصلها للعالمية أو إلى الساحات التي يمكن عبرها توصيل رسالتنا للعالم.
وهذا ما يدعونا للتساؤل المستمر: لماذا لا تنشط المؤسسات الفنية والإعلامية في إنتاج دراما فنية هادفة تخدم قضايا الأمة، أو تنشط في الوثائقيات وتكشف المستور في تلك المجتمعات التي تتفنن منذ عقود طويلة في الإساءة لنا كعرب ومسلمين، كالمجتمع الأميركي أو الغربي بشكل عام، ومعهم الآن المجتمع الهندوسي والصهيوني، وغيرهما من مجتمعات معادية؟
الفن السينمائي، أو إن صح التعبير، صناعة السينما، تحتاج إلى كثير من الرعاية والاهتمام في عالمنا الإسلامي. لا أقصد بالسينما الترفيهية العبثية، إنما تلك التي تحمل رسالة واضحة، وتسير وفق رؤى ومنهجية محددة ضمن عمل إعلامي واسع. هذا الفن الإعلامي لا يزال مدار بحث ونقاش طويل يتجدد بين الحين والحين في أوساط علماء الشرع، منذ أن عرف العالم الإسلامي فن التمثيل.
وما خرجنا من نقاش تلك المسألة بإجماع أو على أقل تقدير، برأي يتفق عليه عدد لا بأس به من العلماء، يكون موجهًا أو معيارًا لهذا العمل المهم في زمن الإعلام والمعلومات.
التخلف السينمائي غير مقبول
نعود للموضوع مدار البحث ونحن نعيش عصرًا متسارعًا في أفكاره وعلومه وتقنياته، والفن السينمائي واحد من المجالات التي اختلفنا عليها فتأخرنا، لنؤكد أن التخلف في هذا المجال أمر غير مقبول البتة، ونحن – كما أسلفنا – نعيش زمن الإعلام والمعلومات ومنها السينما، فيما غيرنا مستمر في إبداعاته وإتقانه في هذا المجال، حتى ساروا بعيدًا. بل صار هذا الفن سلاحًا فاعلًا بأيديهم لا يقل فاعلية وكفاءة وأثرًا عن الأسلحة العسكرية والاقتصادية وغيرها.
ما يحدث إلى الآن مع الفنّ السينمائي هو تكرار لسيناريوهات ماضية وقعت ولم نستفد منها الدروس والعبر. فقد ظهر الراديو حتى هابه الناس في مجتمعاتنا وأدخلوه في عالم البدع والضلالة، وكل ضلالة في النار، إلى أن استأنس الناس به وعرفوا أنه ليس أكثر من صندوق يسمعون فيه القرآن والأخبار وغيرهما، فما المشكلة ولماذا تم تحريمه وتفسيق وتبديع من يمتلكه ويستخدمه؟
تكرر الأمر تارة أخرى مع ظهور التلفاز، ثم مع التطورات المصاحبة له، من فضائيات وأطباق لاقطة، واستمر الجدال سنوات ما بين الحِلّ والتحريم، حتى تبين أن هذا التلفاز الذي تم تحريمه -لأنه يعرض الهابط من الأعمال وما شابه – هو نفسه الذي يعرض برامج لدعاة يدعون للدين والأخلاق، وينقل خطب الجمعة وما شابه من أعمال نافعة، حتى صار من كان يحرم هذه البدعة يستخدمها لاحقًا، مما يعني أن الإشكالية ليست في العصر واختراعاته، بقدر ما هي في العقليات التي لا تستطيع التعامل مع كل جديد بشكل مرن وسريع، فتلجأ للتحريم والمنع زمنًا حتى يطمئن قلبها، ولكن بعد أن يكون الركب قد فات وسار زمنًا، فيما نظل كعادتنا في ذيل ذاك الركب!
الآن يتكرّر الأمر مع العمل السينمائي الذي لم نتوحد على رأي بشأنه – كما أسلفنا – رغم مرور أكثر من قرن من الزمان على ظهوره. هذا الفن أو هذه الصناعة، إيجابياتها تفوق سلبياتها. واستخدام البعض لها في الشر لا يجعلها شرًا كلها، وبالتالي نترك جلها. لا، الأمر أوسع من هذا بكثير. إن الكاميرات السينمائية التي تصور الأفلام الهابطة هي نفسها التي تصور أفلام الاستقامة. هي آلات صماء تأتمر بأمرك، وأنت من يحركها ويديرها وليس العكس.
إنها هي نفسها الكاميرات التي قام مصطفى العقاد – رحمه الله – باستخدامها لتصوير فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار"، واستخدمها تلفزيون قطر لإنتاج أروع المسلسلات التاريخية مثل مسلسل "عمر الفاروق" و"الإمام أحمد بن حنبل" وغيرها الكثير من الأعمال النافعة.
السينما سلاح مؤثر
الأمم اليوم تتصارع ليس بالأسلحة العسكرية فحسب، بل بسلاح المعلومة، والتقنية، والسينما، والإعلام، وغيرها من أسلحة. نحن أمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...) نحتاج فهمًا أوسع لهذه الآية الكريمة، وأن نعد من القوة الشيء الكثير لتحقيق هدف الترهيب كما بالآية، والذي يعني فرض احترامك على الآخر بعلمك وقوتك أو أسلحتك المتنوعة، وسلاح السينما إحداها. وهكذا النفس البشرية تحترم القوي المبدع.
لا شيء يمنع أبدًا استخدام فن السينما في تحقيق مقاصدك الطيبة وأهدافك الإنسانية النبيلة، وتقديم نفسك للعالمين بالصورة التي أرادها الله وأرادها رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. هذا فن وصناعة وأنت من يسيطر ويحدد الأطر والضوابط لها.
إن إنتاجًا فنيًا على غرار مسلسل "عمر"، أو "الرسالة" كأبرز نموذجين، يمكنهما فعل الكثير من التأثير في الآخرين. وعلى غرارهما يستمر الإنتاج السينمائي أو صناعة السينما بهذا المستوى وأفضل، وفق رؤى واضحة وأهداف محددة. وبها نواجه المخالف الراغب في التشويه والإساءة بنفس السلاح الذي يستخدمه، لكن ليس للتشويه بالطبع، وإنما عبر إنتاج أعمال راقية بديعة تكون قادرة على كشف رداءة بضاعة المهاجم حين يأتي وقت المقارنة.
وبمثل هذا التفكير وهذه المنهجية نخدم ديننا، دون أن نشتت الجهود والأوقات في ردود أفعال قد تصيب، أو تخيب غالب الأحيان.
ما المطلوب؟
عقد مؤتمر يضم علماء دين، أصحاب فكر متجدد يعيشون العصر، مع خبراء في صناعة السينما ورجال أعمال ومسؤولي الإعلام في الدول الإسلامية، يكون المقصد منه الخروج بنتائج تدعو إلى إنشاء صناعة سينما تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، بعد أن يكون قد تم حل المعضلات والإشكاليات التي منعت من السير في هذا المجال عقودًا طويلة، كالنظرة إلى الفن السينمائي أو التمثيل أو تجسيد الشخصيات التاريخية وغيرها من مسائل الخلاف.
الدعوة إلى إنشاء مدينة إنتاج سينمائي على غرار المسماة بهوليود الأميركية، تتوفر فيها كافة مستلزمات هذه الصناعة، وتكون ممولة من قبل أعضاء منظمة التعاون الإسلامي مبدئيًا، ثم تتحول تدريجيًا نحو الاكتفاء أو الاعتماد على التمويل الذاتي.
اعتماد ثقافة التمثيل ضمن المناهج الدراسية، بقصد تنشئة جيل محاور لا يهاب التعبير عن أفكاره أمام الجمهور.
دعم المبدعين الأدباء وكتّاب السيناريو والروايات، وإنشاء معاهد متخصصة في كافة مجالات صناعة السينما.
اعتماد منظمة التعاون الإسلامي منهجية واضحة لنهضة سينمائية، من ضمنها إرسال بعثات إلى مراكز الإنتاج السينمائي العالمية للاستفادة من خبراتها الفنية والتقنية، واستقدام الخبرات التعليمية والتخصصية لمعاهد التمثيل والفن السينمائي لإفادة أكبر شريحة من الطلاب الدارسين.
تعزيز قيم الأخلاق في صناعة السينما، وربط مناهج تعليم الفنون بالقيم الإسلامية حتى يتحول الفن إلى رسالة حضارية، وليس مجرد مهنة من لا مهنة له أو مصدر كسب مادي ليس أكثر.
تلكم كانت بعض مقترحات وتوصيات يمكن البناء عليها مبدئيًا من أجل صناعة سينمائية تخدم الأمة وقضاياها، الدعوية والسياسية وغيرها من قضايا.
ومن المؤكد أن هناك آراء ومقترحات أكثر احترافية من أهل الخبرة والصنعة في عالمنا الإسلامي الكبير، يمكن أن تُناقش خلال ندوة أو مؤتمر إسلامي بين أهل الخبرة والرأي والمال تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي أو أي جهة أخرى عندها الإمكانات الضرورية واللازمة لتولي أمر المتابعة من بعد ذلك، كي لا تكون التوصيات كغيرها من مقترحات وتوصيات المؤتمرات العربية والإسلامية حبيسة الأدراج والملفات.. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
– اعتراف واسيني الأعرج بضرورة استثمار التاريخ لخدمة النص الروائي...
في إجابة له عن السّؤال، لماذا هذا الإقبال من طرف القرّاء على الرّواية التّاريخيّة؟ يقول الكاتب الجزائري واسيني الأعرج "يُقبلون عليها لأنهم لا يثقون في التاريخ". المقصود بالرّواية التاريخية هنا تلك التي توظف التاريخ وتستلهمه وتعيد تركيبه، لا تلك التي تبقى أسيرة للمرجعية التاريخية دون أن تحيد عنها قيد أنملة.
واسيني الأعرج رائد الرّواية التاريخية العربية بهذا المفهوم، من أبرز الروائيين العرب الذين عملوا على استدعاء التاريخ وتوظيف التراث. وذلك من خلال استخدام معطياته استخداما فنّيا لا يخلو من أبعاد ودلالات، وتوظيفها رمزيا لتحمل رُؤى المعاصرة للتجربة الأدبية. حيث يعمل الروائيّ على مزج معطيات التّاريخ بمتغيرات العصر، فتغدو هذه المعطيات تراثية معاصرة في الآن ذاته. وتصير العناصر التاريخية التراثية خيوطا أصيلة، لا دخيلة، يُعتمد عليها في نسج العمل الروائي.

لماذا العودة إلى التاريخ؟ كيف استغلّ واسيني الأعرج التاريخ في صنع مادّته الرّوائية؟ ما دلالات استدعاء التاريخ في روايات واسيني الأعرج؟ وما الحدود الفاصلة بين السرد التاريخي والسرد الرّوائي؟ أسئلة حاولت مقاربتها استنادا إلى ثلاثة نماذج، تنتمي إلى مراحل مختلفة من تجربة واسيني الأعرج الرّوائيّة، وهي "رمل الماية فاجعة الليلة السابعة بعد الألف"، "كتاب الأمير مسالك أبواب الحديد"، "البيت الأندلسي".

رمل الماية فاجعة الليلة السابعة بعد الألف
هي مرثية حزينة جاءت في سبعة عشر فصلا. يتولّى سردها مجموعةٌ من السّاردين بضمير المتكلّم في الغالب، بالاعتماد على تقنية المونولوج، وذلك استنادا إلى رؤية سردية مصاحبة (الرؤية مع). هؤلاء السُّرّاد/ الشخصيات يرصدون، كلٌّ من منظوره الخاصّ، شخصيّةَ البشير الموريسكي الذي يعد البؤرة المركزية للنص الروائي. والذي يهيمن صوته في مختلف مفاصل الرواية عبر التّداعي والأحلام والذكريات والتماهي في شخصيات تاريخية كشخصية ابن رشد والحلّاج والبسطامي وأهل الكهف وأبي ذرّ الغفاري، وغيرها.
في رواية "رمل الماية" فقد استلهم عيونَ التراث السردي العربي العتيق اعتمادا على نصوص "كليلة ودمنة" و"ألف ليلة وليلة".
"رمل الماية" محاكمةٌ للتاريخ، تاريخ الحكّام والسّلاطين المزيّف، الذي كتبه الورّاقون. إنها استنطاق للتاريخ المغيَّب والمسكوت عنه، فضح لمحاكم التّفتيش بلسان البشير الموريسكي، الذي يشتغل فوّالا ويتقاسم معاناته مع المسحوقين من عمال وفوّالين في الأزقّة والحواري. إنّ الروائيّ هنا يهاجم، بلسان أبطاله، تاريخ الحُكّام المزيف. فهذا البطل البشير في معرض سرده لما حدث لأبي ذرّ الغفاري، يلقي باللائمة على الطبري معتبرا إياه بأنه مؤرّخ السّلاطين. وهذه شخصية الحكيم شهريار بن المقتدر يصرخ في وجه إحدى الشخصيات: "خلّيك من الكلام الفارغ الذي تقرئينه في كتب التاريخ. التاريخ مزوّر وبدون استثناء".
ولا بدّ من التلميح هنا إلى انفتاح "رمل الماية" على التراث الشعبي، فبالإضافة إلى توظيف الشخصيات التاريخية التراثية مرجعيّا ورمزيا (الحكيم شهريار مثلا)، فقد استلهم عيونَ التراث السردي العربي العتيق اعتمادا على نصوص "كليلة ودمنة" و"ألف ليلة وليلة". نجد المؤلّف يعطي الكلمة لِدُنيازاد أخت شهرزاد لإكمال الحكايات، وتفجير ما سكتت عنه أختها وخبّأته عن الملك شهريار، وما أجلته في الليلة الثانية بعد الألف. هذه النصوص التراثية تختزن عبقرية سردية شعبية استغلّها الكاتب بنباهة وفتَحَ آفاقها على المتخيّل الرمزيّ والأسطوري والتاريخيّ.
وهكذا فقد كان الغموض الذي يكتنف التاريخ /التراث، المكتوب منه وغير المكتوب، هو الذي أعطى الروائيّ حافز البحث فيه وسبر أغواره، وإعادة استنطاقه وتدوينه من جديد، ما دام المؤرخون أو الورّاقون كانوا خاضعين ل لمزاج السلطة وإملاءاتها.

كتاب الأمير مسالك أبواب الحديد
أول رواية تكتب عن الأمير عبد القادر الجزائري، يحيلنا عنوانها الفرعيّ على ما عرفته حياة شخصية الأمير من تشعّبات وتقلّبات بين النّصر والهزيمة، وتنازع بين التشبث بالأرض والاستسلام. قسّم الأعرج متنَ الروايةِ الحكائيَّ إلى ثلاثة أقسام أو أبواب: باب المحن، باب أقواس الحكمة، باب المسالك والمهالك. الأبواب الثلاثة تتوزّعها اثنتا عشرة وقفة، كلّ وقفة تنفرد بعنوان خاصّ. هذه الوقفات الاثنتا عشرة رسمَت الخطوط التاريخية لتجربة المعاناة التي واجهها الأمير الذي أجبر في النهاية على توقيف الحرب ضد المستعمر وإلقاء السّلاح.
في رواية "كتاب الأمير" الرّوائيّ أعاد كتابة التاريخ وقام بتركيبه بطريقة نقدية وجمالية، ليكشف عن الحوار الحضاري بين الإسلام والمسيحية، بين شخصية الأمير و"مونسينيور دي بوش".
في هذه الرّواية، واسيني الأعرج لم يكن التاريخ هاجسه ولا تَقَصّي الأحداث بغرض اختبارها. بل حاول قول ما لم يقله التاريخ بإعادة كتابة التاريخ العامّ للجزائر لا التاريخ الشّخصي للبطل عبد القادر فقط. كما حاول فنّيا تقريب المسافة بين السّرد الرّوائي والسّرد التاريخي. وبذَلَ جهدا كبيرا في جمع الوثائق التاريخية التي أثّث بها السرد الروائي. فكان هدفه دفع الأحداث والوثائق التاريخية لتكشف أكثر عن المناطق المجهولة في الوقائع التاريخية إبان فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر.
ومن دلالة هذا الاستدعاء التاريخي التعبير ُعن الوعي بما قدّمه الأجداد من تضحيات وكفاح، وإجلاء صورةِ بطولةِ الأمير وإنسانيّته. فالرّوائيّ أعاد كتابة التاريخ وقام بتركيبه بطريقة نقدية وجمالية، ليكشف عن الحوار الحضاري بين الإسلام والمسيحية، بين شخصية الأمير و"مونسينيور دي بوش". كما لخّص تاريخ الجزائرِ النّضاليَّ الحافلَ بالانتصارات والهزائم. وكشف النقاب عن فظاعة الحرب وهولها، ووضاعة الاستعمار البغيض، الذي تفنّن في التنكيل بالشعب الجزائريّ. شعب كان يتخبّط في الجهل والفقر والتخلّف والعنف، كلّها ظروف تظافرت في تسريع سيطرة المستعمر على البلاد، وهكذا كان انكسار مشروع الأمير.
هذا ولم يكن الاهتمام بهذه الشخصية التاريخيّة التي اختارت المواجهة والتّحدّي، والنّضال ضدّ المستعمر، إلا بدافع رغبة الرّوائي في إسقاط تاريخ هذا البطل على الحاضر الجزائريّ، الذي هو أحوج ما يكون إلى شخصيات ثورية تواجه الظلم، وتقف في وجه "الاستعمار الجديد".

البيت الأندلسي
رواية البيت الأندلسي سيمفونية أندلسية، عزفها واسيني الأعرج، من خلال استدعاء التاريخ العربي الأندلسي بإسبانيا، وتتبّعِه مسارَ الجدّ الأول "غاليليو الروخو" أو "سيدي أحمد بن خليل"، الذي طُرد مع المورسكيين عقب سقوط غرناطة فاستقر بالمحروسة (قرب وهران) وبنى بها البيت الأندلسي. وتم هذا الاستدعاء التاريخي عبر توظيف المخطوطة التاريخية، التي كانت مدار الأحداث حيث ستصل إلى "مراد باسطا" آخر سلالة البيت الأندلسي. "مراد باسطا" هو السارد في الرّواية. سيروي أحداث خمسة قرون لِ"ماسيكا" التي تولّت مهمة البحثِ في تاريخ البيت الأندلسي وأهله ومخطوطاتهم، وجمعِ قصته كاملة. فكانت بمثابة الوسيط الذي نصَّبه المؤلّف بينه وبين السّارد الرئيسي لِلَملمة خيوط الحكاية وترتيبها.
أعمل المؤلِّف مِسبَرَه التاريخي في هذه الوقائع وقدّم لها قراءات جديدة، وسلّط الضوء على ما أهملته الكتابات الرّسمية أو بالأحرى ما طمسته.
قام الكاتب بفتح النّص الرّوائي على أحداث تاريخية كثيرة وقعت على امتداد خمسة قرون، أبرزها: مقاومة آخر المورسكيين في جبال البشارات، جرائم محاكم التفتيش الإسبانية، طرد المورسكيين، حروب القراصنة الأتراك في سواحل الجزائر، الحرب الأهلية الإسبانية، الاستعمار الفرنسي للجزائر، جرائم ما بعد الاستقلال... فقد أعمل المؤلِّف مِسبَرَه التاريخي في هذه الوقائع وقدّم لها قراءات جديدة، وسلّط الضوء على ما أهملته الكتابات الرّسمية أو بالأحرى ما طمسته.

ومن أمثلة ذلك أنّ الكاتب التفت إلى جوانب إيجابية سجّلها المستعمر الفرنسي، خاصة ما قام به الحاكم "ميشيل جونار" من إنجازات ذات الطابع المحلّي الجزائري الأصيل ما بين 1900 و1911. يقول السارد "لقد انقلبت السياسة الفرنسية في عهده (جونار) من سياسة التقتيل ومحاربة الثقافة العربية الإسلامية إلى دعوة صريحة للجزائريين بالتميز ثقافة ودينا ولغة، ويعود له الفضل الكبير في الحفاض على بعض معالم المدينة من الاندثار". كما أشار الكاتب، بمرارةٍ، إلى ما عانته الجزائر بُعَيد الاستقلال وهي تدشّن عصرا جديدا من القلق والاغتيالات، وتحدّث بإسهاب عن أسرار تدبير الانقلاب ضدّ ابن بيلّا.

فالكاتب هنا يرجع إلى الماضي، لَا لاِكتشافه وتمجيده أو البكاء عليه، بل لفهمه وكشف ثغراته ومساءلته، وجعله سندا لتجاوز تحدّيات الحاضر وبالتالي مواجهة الآتي. كما أنّ المزج بين هذه المراحل التاريخية المتباعدة ما هو إلّا محاولة من الكاتب لتقريب الماضي/ التاريخ، من الواقع الجديد، ومحاولة لتقليص الهوّة بين القيم الجديدة والقيم القديمة.
وهكذا فقد حرص واسيني الأعرج، في هذه النماذج الروائية الثلاثة، إن لم نقل في أغلب رواياته، على الإفادة من التاريخ في إغناء تجربته الرّوائية. وعرف كيف يمزج بين السّرد التاريخي والسّرد الرّوائي، دون وضع حدود بينهما، وكأنّه يريد التّأكيد على أنّ الكتابة الروائيّة تتماهى مع الكتابة التاريخية، وأنّ الماضي حيّ في الحاضر يمشيان في جسد موحّد ويتنفّسان برئة واحدة.
إنّه كتب التاريخ العربي بفلسفة معاصرة، بطريقة خاصّة، كتابةً تضيء التاريخ عبر انفتاحها الواعي عليه.. كتابة تجعلنا نقترب من وقائع أزمنة غابرة ونرى أحداثها ومشاهدها من منظورات متباينة وزوايا متعددة.
– المحصلة " لولا الإبداع لتشابه كل الناس " لكن يبدو الأمر سخيما عندما نستعمل الإبداع، استعمالا غير أخلاقيا .... يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.