أثار الفيلم الهندي "حياة الماعز"، لمخرجه بلايسي، ردود فعل واسعة بسبب تناوله تيمة العمالة الأجنبية بالسعودية، والإشكالات المرتبطة بنظام الكفيل، وإحيائه لقصة رجل حقيقية استعبد في السعودية. ورغم إشارة المخرج إلى أن الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق، إلا أنه أثار غضب نشطاء خاصة داخل السعودية، في وقت عبر آخرون على أنه عمل فني إبداعي يندرج ضمن حرية الإبداع ولا يعبر بالضرورة على الواقع الحالي، خاصة أن نظام الكفيل لحقته عدة تعديلات خلال السنوات الأخيرة. مصطفى الطالب، ناقد سينمائي، قال في تصريح لجريدة "العمق"، إن ما أثاره الفيلم من سخط وضجة كبيرة في المجتمعات الخليجية وخاصة المجتمع السعودي، أمر طبيعي، لكونه يتطرق لموضوع حساس وهو نظام الكفيل في السعودية الذي عانى منه العديد من المهاجرين خاصة الآسيويين الذين يعتبرون السعودية "إلدورادو الخليج". وأورد المتحدث أن قصة الفيلم، التي تحكي تجربة الشاب الهندي نجيب الذي سافر إلى السعودية بحثا عن عمل وعن الثراء ليجد نفسه أمام شخص سعودي ادّعى أنه كفيله وأخذه إلى الصحراء ليرعى الغنم، ليعامل معاملة البهائم والعبيد، تمتح من الواقع المعاش ومن تجارب العديد من المهاجرين. من هذا المنطلق يضيف الطالب، تظهر قيمة الإبداع السينمائي عندما يتطرق للمعاناة الإنسانية في أبشع صورها خاصة عندما يكون العمل السينمائي يجمع بين العمق الفني والعمق الفكري والفلسفي كما هو الشأن في فيلم "حياة الماعز" الذي جاء متميزا على مستوى التصوير واختيار أماكن التصوير والموسيقى المصاحبة وخاصة الأداء المتميز الذي تمحور حول إبراز الحالة النفسية للشخصيات وخاصة شخصية البطل وكفيله. كما يتجلى تميز الفيلم بحسب الطالب، من خلال إبراز عالمين مختلفين: بيئة نجيب الهندية المتسمة بالخضرة والماء والطبيعة الجميلة رغم الفقر، والبيئة الصحراوية حيث الجفاف والحرارة والعطش وقساوة الطبيعة التي تعكس قساوة البدو أو الكفيل، إضافة إلى انعدام التواصل بين البيئتين المختلفتين. مشيرا أن هذا التميز الفني ليس بجديد على السينما الهندية التي تعتبر من السينما الرائدة في العالم. من جهة أخرى أبرز المتحدث أن للفيلم انعكاسات دبلوماسية وسياسية خاصة وأنه يأتي في وقت تسعى فيه السلطات السعودية إلى التغيير والتجديد والخروج من مجتمع تقليدي فج ومنغلق إلى مجتمع عصري ومنفتح يريد أن يستقطب الآخر سياحا ومستثمرين، إلا أنه استبعد أن يأزم الفيلم العلاقات الدبلوماسية بين الهند والسعودية لعدة اعتبارات اقتصادية وتجارية وسياسية بين البلدين. وخلافا للانتقادات التي تم توجيهها للفيلم من قبل البعض، قال المتحدث ينبغي أن تشكل هذه الآراء حافزا للسلطات السعودية كي تلغي نظام الكفيل الذي يعد ضربا من ضروب العبودية بالشكل الذي نراه اليوم، ومخالفا لحقوق الإنسان والمهاجر. مؤكدا أنه في المقابل هناك من يريد أن يثير مسألة اضطهاد المسلمين من طرف الهندوس والسيخ، وهو واقع أليم لكن لا أحد عمل على تغييره ولم يشر أي عمل فني سعودي أو خليجي لهذا الموضوع. واعتبر المتحدث أن هذا النقاش الدائر حول الفيلم صحي ويؤكد على أهمية السينما في إثارة المواضيع الاجتماعية والسياسية والإنسانية بصفة عامة وطرح تساؤلات مستفزة حولها.