في خطوة جديدة من شأنها تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية ونظيرتها البريطانية، أكدت الأخيرة استمرار الاتفاقيات التجارية التي تشمل أقاليم الصحراء المغربية، ما يشكل "صفعة" جديدة لجبهة البوليساريو، التي كانت لها آمال جديدة في جني موقف مساند لطرحها الانفصالي خاصة بعد صعود العماليين اليساريين إلى الحكم في بريطانيا. وجاء في رد خارجية المملكة المتحدة: "نحن لا نعتبر النشاط التجاري في الصحراء الغربية غير قانوني طالما يحترم مصالح الشعب الصحراوي"، مشيرة إلى أن "المملكة المتحدة تواصل دعم جهود الأممالمتحدة والمبعوث الأممي للصحراء ستافان دي ميستور، و"نستمر في تشجيع المشاركة البناءة في العملية السياسية". هذا، وقد أعرب بعض المؤيدين لجبهة البوليساريو عن تفاؤلهم بشأن صعود اليساريين إلى الحكم في بريطانيا، نظرًا لأن الحزب العمالي البريطاني، الذي يتولى السلطة حاليًا، كان يضم في صفوفه أعضاء أعلنوا دعمهم لجبهة البوليساريو الانفصالية. محمد شقير، خبير العلاقات الدولية، أشار إلى أن الموقف الأخير الصادر عن وزارة الخارجية البريطاني يعكس بوضوح رغبة المملكة المتحدة في حماية مصالحها الاستراتيجية في المغرب، خاصة في ظل المشاريع الكبرى التي تعمل عليها. وأبرز شقير أن بريطانيا تولي اهتمامًا خاصًا بمشروعين رئيسيين: الربط الكهربائي البحري، واستيراد وإنتاج الطاقة الخضراء، حيث يشكل المغرب شريكًا رئيسيًا في هذا الإطار. وفي ظل المنافسة الشديدة مع الشركاء الأوروبيين المستثمرين في المغرب، تسعى بريطانيا، حسب شقير، إلى تعزيز وجودها داخل المملكة بشكل أكبر. ويرى الخبير في تصريحه ل "العمق" أن أحد أهم وسائل تعزيز هذا التموقع يتمثل في دعم الموقف المغربي بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، مؤكدا أن هذا التوجه بات واضحًا بعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، وهو ما تبعته سلسلة من الاعترافات الأوروبية، ولعل أخرها فرنسا وفنلندا. وأضاف خبير العلاقات الدولية، أن بريطانيا تسعى إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة التي ستوفرها الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي من المتوقع أن تصبح نقاط جذب رئيسية للمستثمرين. وتابع: "المملكة المتحدة تسابق الزمن للاستفادة من هذه الفرص، خاصة في ظل المشاريع الكبرى التي يخطط لها المغرب، مثل تنظيم كأس العالم 2030". وتوقع شقير أن تتخذ بريطانيا خطوة مشابهة لتلك التي اتخذتها فرنسا والولايات المتحدة فيما يخص قضية الصحراء، معربًا عن احتمال صدور موقف بريطاني أكثر وضوحًا خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الدبلوماسية المغربية تولي أهمية كبرى لمواقف الدول تجاه هذه القضية. وخلص المتحدث بالتأكيد على أن الارتباط الوثيق بين بريطانيا والولايات المتحدة، باعتبارهما جزءًا من المنظومة الأنجلوساكسونية، يزيد من احتمال تبني بريطانيا لموقف أكثر دعماً لمغربية الصحراء، وهو ما قد يتجلى بوضوح في التقرير المنتظر صدوره في شهر سبتمبر. جدير بالذكر أن النائب البرلماني، بين لايك، كان قد وجه سؤالا لوزير الخارجية البريطاني، حول ما إذا كان قد أجرى محادثات مع نظيره في المغرب بخصوص تجارة الموارد الطبيعية التي يعود مصدرها إلى الصحراء.