رحبت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، خلال جلسة عمومية تشريعية، بمبادرة إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، مؤكدة على ضرورة تجاوز المصالح الحزبية الضيقة، إلا أنها أعربت عن قلقها إزاء احتمال تعقد الإجراءات الإدارية والقانونية، داعية إلى إصلاح شامل للنظام الضريبي وتفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، كما شددت على أهمية تذليل العقبات أمام الاستثمار، سواء كانت قانونية أو إدارية، وتعزيز الاستثمارات العمومية. وأشاد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، بالخطوة الهادفة إلى إنشاء لجان جهوية موحدة للاستثمار وتمكينها من كل الصلاحيات التي تهم الاستثمار، "لكن مع وجوب استحضار مخاطب وحيد وتعزيز مراقبة الدولة عن طريق الولاة والمجالس الجهوية". وشدد السنتيسي على ضرورة إعادة النظر في مختلف المتدخلين داخل العملية الاستثمارية، وهو ما يستدعي تغيير مجموعة من المواد القانونية بالنظر للدور المحوري للمراكز الجهوية للاستثمار، ما يؤكد وجوب تعزيز دور المراكز الجهوية وتعزيز دورها وتوسيع صلاحيتها، بحسب تعبيره. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الدينامية الاقتصادية الحالية تحتاج إلى مراجعة السياسة المالية المبنية على منطق محاسباتي دون عمق اقتصادي واجتماعي، كون أن العملية الاستثمارية تحتاج إلى معالجة إشكالية المديونية، التي من شأنها التأثير على الأجيال المستقبلية. وسجل السنتيسي ضرورة إقرار إصلاح عميق لمنظومة الضرائب وفق معايير تفضيلية للمجالات الترابية المهشة والمقاولات الصغرى، مع التأكيد على ضرورة التنزيل الفعلي لخيار الجهوية المتقدمة وتفعيل ميثاق اللاتركيز الإداري. واعتبر رئيس الفريق الحركي، أن مجال الاستثمار يجب أن يكون بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، وفهم العلاقة بين الادارة والمستثمرين والتنمية في بعدها الشامل التي تفرض ضرورة تطوير أدوات العمل الإداري لمواكبة التوجه الاستثماري للبلاد. وقال إن طبيعة المرحلة تؤكد ضرورة فهم وتفعيل كل الإمكانات المتاحة للدفع بالاستثمار، ودور المراكز الجهوية للاستثمار يستدعي إعادة النظر فيها، سواء من خلال الاختصاصات وتتبع الاستثمارية بغيت تسهل والعملية الاستثمارية. ويرى رئيس الفريق الحركي، أن تحقيق التواصل بين الإدارة والمحيط الاقتصادي، أهم غاية في الأهمية من أجل الاستجابة للقوى الإنتاجية عبر لا مركزة مساطر الحصول على التراخيص الضرورية وإزالة العراقيل التي كانت تعيق مشاريع الاستثمار. من جهته، أوضح النائب البرلماني، عن حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أحمد العبادي، أنه من السهل إخراج قانون جديد بالنظر للأغلبية المتوفرة لدى الحكومة، مؤكدا موافقة حزبه على إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار ومنحها الإشراف الشامل على عملية الاستثمار في كل مراحله ورفع فعالية وجودة خدماتها. وأكد العبادي ضمن نفس الجلسة التشريعية، أن حزب التقدم والاشتنراكية، يدعم لامركزية القرار العمومي المتعلق بالاستثمار، مع ترسيخ المقاربة التنموية في التعاطي مع الاستثمار، معبرا في المقابل عن تخوفه من تكريس المشروع لتداخل أدوار الفاعلين في القرار الاستثماري، ووجود تضاربات قانونية مع تشريعات أخرى، لا سيما القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، بما يتضمنه من اختصاصات المجالس ورؤسائها وتجسيدا لمبدأ التدبير الحر وأيضا مع قانون التعمير و اختصاصات الوكالة الحضرية. وشدد النائب البرلماني على وجوب إزالة كل العراقيل القانونية والإدارية التي تواجهها المستثمرين وعلى رأسها ما يتعلق بالولوج للعقار والتمويل وتعقد المساطر الإدارية والتضريب. وأشار المتحدث، إلى أن تعزيز دور الاستثمار العمومي أمر مهم، لكون الاستثمارات الخصوصية تستهدف المناطق التي تشهد نوعا من الرواج الاقتصادي، وتتوفر على البنيات التحتية المهمة، منبها في السياق ذاته إلى تمركزها في مجالات ليست ذات قيمة مضافة كبيرة. وأكد أحمد العبادي، على وجوب وإصدار النصوص التنظيمية وتعبئة الفاعلين لضمان تملكهم للنص التشريعي، إذ أن صغار المقاولين والمستثمرين لا يزالون ينتظرون أن تفرج الحكومة عن مشروع مرسوم الدعم الخاص الموجه للمقاولات الصغرى جداً والصغرى والمتوسطة، متسائلا في السياق ذاته، عن مصير جعل الحكومة الاستثمار الخاص يساهم بالثلثين في الاستثمارات الوطنية، وكذلك حول مآل التزامها ببلورة تعاقد وطني لتعبئة 550 مليار درهم لخلق 500 ألف منصب شغل. من جانبه، اعتبر عبد الصمد حيكر، عضو مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن مشروع قانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة، لم يرق إلى مستوى ترجمة التوجيهات الملكية إلى آليات وقواعد تشريعية. وأوضح المتحدث ذاته، أن هذا المشروع يأتي في سياق تدهور مؤشرات الثقة وتراجع مستوى مناخ الأعمال والمؤشرات التنموية والاقتصادية في عهد الحكومة الحالية، مع تسجيل إفلاس أعداد كبيرة من الشركات، وتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى وجود إشكالات متعلقة بالفساد. وأكد حيكر أن الجانب المتعلق باللا تمركز يشكل عطباً حقيقياً على مستوى تفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، وباستثناء وزارة الداخلية، فإن باقي القطاعات لا تزال متعنتة في نقل الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة جهوياً، وهو ما لا يتماشى والتوجيهات الموضوعة، بحسب تعبيره. وأشار عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، إلى أنه بعد سنة من تنزيل ميثاق الاستثمار "من الملاحظ أن الحكومة تعتمد على منطق الانتقائية في إصدار المراسيم الضرورية، حيث تم تهميش المقاولات الصغرى والمتوسطة".