انتقدت فرق ومجموعة المعارضة "عجز" الحكومة على حل أزمة طلبة كليات الطب والصيدلة، رافضة التذرع ب"إقحام تيارات سياسية من قبيل العدل والإحسان" في الاحتجاجات التي يعرفها الشارع المغربي، في المقابل اقترحت مكونات المعارضة وساطة البرلمان بين الحكومة وطلبة الطب لإخماد لهيب الأزمة التي امتدت لأكثر من 7 اشهر. وخلال اجتماع مشترك للجنتي التعليم والثقافة والاتصال والقطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، بحضور وزيري التعليم العالي والبحث العلمي و الابتكار عبد اللطيف ميرواي والصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، شددت قوى المعارضة النيابية، على ضرورة التعجيل بالتوصل لحل لإنهاء أزمة طلبة الطب والصيدلة في أقرب الآجال. عجز الحكومة اعتبر رئيس فريق التتقدم والاشتراكية، رشيد حموني، أن "الحكومة عاجزة على التفاوض مع طلبة الطب والصيدلة، فمن غير المعقول، على حد قوله، عدم التوصل لحل بعد مرور 7 أشهر منذ بداية هذه الأزمة"، مشيرا إلى أن "المغرب مر بعدد من التجارب المماثلة غير أنه تمكن من الوصول لحل في وقت أقصر بما فيها حراك 20 فبراير 2011". وانتقد حموني "اتخاذ الحكومة لقرارات أحادية من خلال توقيف الطلبة وحل مكاتبهم وبرمجة الامتحانات بشكل أحادي ورفض ترجمة الاتفاق الأخير مع الطلبة، فضلا عن رفض وزير التعليم العالي المثول أمام البرلمان في الجلسة الأخيرة بمجلس النواب، للإفصاح عن تفاصيل الإصلاح خاصة فيما يتعلق بالسلك الثالث". وأشار المتحدث ذاته، إلى أن "هذه الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة إما تمثل ضعفا سياسيا تواصليا أو إرادة مبيتة لتشويه سمعة الطب العمومي ودفع الطلبة للتوجه نحو كليات الطب الخاص"، معبرا عن "استغرابه من عدم التوصل لحل الأزمة خاصة أن 3 نقط خلافية فقط هي التي تعطل، وفق تعبيره، الوصول للحل بين الطلبة والحكومة". وأبرز حموني أن الملف المطلبي لطلبة كلية الطب والصيدلة، كان يضم في البداية 190 مطلبا قبل أن يتقلص بعد عقد عدة جلسات والوصول لحلول توافقية، مذكرا بالاجتماع الذي عقده الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان بناء على عريضة حملت أزيد من 4000 توقيع، وتم التوصل لبعض الحلول قبل أن يتم التراجع عنها، في الاجتماع الثلاثي بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية ووزير التعليم العالي وممثلي الأساتذة، حيث تم التراجع، حسب حموني، عما تم التوافق بشأنها خلال الاجتماع الأول ورفضت الحكومة التوقيع على محضر مكتوب مع الطلبة". وانتقد النائب البرلماني عدم تمكين البرلمان من التوفر على معلومات دقيقة بشأن تفاصيل هذه الأزمة حيث يتم استيقاء المعلومات، على حد قوله، من الصحافة ومن الطلبة أنفسهم، في وقت تنهج الحكومة سياسة الصمت والتجاهل خاصة باللجن البرلمانية. ورفض حموني التذرع، في كل أزمة يمر منها المغرب، بقوى أخرى تسيطر على الشارع من قبيل جماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، مضيفا: "إذا كانوا يمتلكون هذه القدرة فمن الأفضل أن يعوضوا الحكومة في التسيير ونحن قادرون على مواجهتهم في حال كانوا يريدون السوء بأبناء الأسر المغربية"، داعيا في المقابل إلى تحديد هويتهم بدقة وعدم التستر وراء جهات مجهولة. وأكد النائب البرلماني أن "أغلب الطلبة المحتجين لا علاقة لهم بالعدل والإحسان"، مبرزا أن "اعتبار طلبة الطب والصيدلة مسيرين من طرف جهات أخرى هو احتقار لهم"، مشددا على أن "الحكومة لم تقم بأي مجهود لحل الأزمة فالعبرة بالنتائج وليس بالوقت أو عدد الاجتماعات لأن الطلبة وأولياء أمورهم لم يعودوا يثقون في الحكومة للوصول للحلول"، على حد تعبير المتحدث ذاته. واقترح حموني "تعيين لجنة تضم رئيس مجلس النواب ورؤساء الفرق وممثلين عن الحكومة وعن الأساتذة، من أجل الوصول لحل للخروج من هذه الأزمة، وإن اقتضى الحال إكمال الدراسة شهري يوليوز وغشت". القطاع الخاص وأزمة الطب من جهته، اتهم عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، القطاع الخاص المستثمر في الصحة، بتأزيم الوضع في كليات الطب والصيدلة، لأنه هو المستفيد، وفق رأيه، مشيرا إلى أن القطاع الخاص في الصحة بات يملك أزيد من ثلث الأسرّة المخصصة للمرضى في البلاد. ورفض رئيس المجموعة في الاجتماع ذاته، المنعقد ادعاءات الحكومة، بكون جهات وتنظيمات بعينها هي من تقف وراء احتجاجات طلبة كليات الطب والصيدلة، معتبرا أن الطلبة ينسقون فيما بينهم ويتخذون قراراتهم بشكل ديمقراطي. ودعا بووانو المستفيدين من أزمة كليات الطب من داخل الحكومة إلى الوضوح، مبرزا أن الاحتجاجات في كليات الطب ليست جديدة، وسبق أن عرفت الكليات نفسها مبادرات احتجاجية في سنوات ماضية. وأضاف أن "طريقة الحكومة في الحوار المتعلق بهذه الأزمة، يكتنفها اللبس والغموض، ويظهر أن هناك من سعى لدفع احتجاجات الطلبة إلى الباب المسدود، لكي يتدخل ويستعرض قوة مزعومة"، معتبرا أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أصبح جزء من المشكل، وأن هناك من داخل الحكومة، وربما رئيسها، حسب تعبير بووانو، يريد هذا الأمر"، منتقدا "طريقة تدبير الاجتماعات التي عُقدت مع ممثلي الطلبة، وما دار فيها من كلام ماس بالكرامة حسب الطلبة". وأكد بووانو بأن "الحكومة تهدر الزمن السياسي والاجتماعي، وتهدر الإصلاحات أيضا، بطريقتها في الحوار، ليس فقط في كلف طلبة كليات الطلب، وغنما في قطاعات أخرى"، مطالبا بوضع حد لهذا المشكل فورا، وذلك بإرجاع الطلبة المطرودين، وإعادة جدولة الامتحانات، ومعالجة المطالب المعقولة للمحتجين ذات الصلة بالجانب البيداغوجي، معبرا عن استعداد البرلمان الدائم للوساطة، رغم أن هناك من لا يريد هذه الوساطة، على حد قوله. كما انتقد ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، غياب الاستباقية لدى الحكومة الحالية في جميع الأزمات والملفات في ولايتها، خاصة أننا نصل، وفق تعبيره، ل7 أشهر من الإضرابات حيث بلغت نسبة الطلبة المقاطعين للامتحانات ل94 في المائة. وتساءل السنتيني، عن مصير طلبة الطب والصيدلية برسم الموسم الدراسي المقبل خاصة أن مباراة الولوج ستجرى في 3 غشت المقبل، مستغربا مقترح منح دورة استثنائية للطلبة الحاليين لأن ذلك سيضعنا، على حد قوله، أمام إشكال قانوني على اعتبار أن القانون لا ينص على هذا الأمر.