تسعى الحكومة إلى تحويل الإدارة المغربية من إدارة تقليدية كلاسيكية إلى إدارة رقمية تستجيب لمتطلبات العصر، دون أن يكون لها تصور واضح وواقعي، وهو ما جعلها تواجه العديد من الاشكالات والمشاكل، أهمها العنصر البشري الغير مؤهل لمواكبة هذا التحول. فبالنسبة للجماعات الترابية تسعى وزارة الداخلية إلى تنزيل هذه الرقمنة وتطبيقها على أرض الواقع مستغلة بشكل جبري ومجاني الموظفين حاملي الشهادات العليا والديبلومات التقنية القابعين في السلالم الدنيا والغير مدمجين في السلالم المناسبة لشهاداتهم، مثل المساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين الذين يشكلون الغالبية العظمى من موظفي الجماعات الترابية، إضافة إلى المحررين والعديد من التقنيين الذين لا تدخل الرقمنة والمعلوميات ضمن اختصاصاتهم، لأنهم لم يدرسوها ضمن مسارهم التعليمي الذي لا يتعدى مستوى التأهيل المهني بالنسبة للمساعدين التقنيين و شهادة البكالوريا بالنسبة للمساعدين الإداريين و شهادة الدوك بالنسبة للمحررين، وشهادة التقني بحسب نوع التخصص. بناء على المستوى التعليمي للموظفين السالف ذكرهم عمل المشروع على تحديد اختصاصات كل فئة بدقة ضمن الأنظمة الأساسية الصادرة سنة 2010، والتي لا تتضمن أية إشارة إلى قيام هؤلاء الموظفين بمهام ترتبط بالمعلوميات، ببساطة لأنهم لم يدرسوها في مسارهم الدراسي. مهام الرقمنة والمعلوميات لا يختلف فيها اثنان على أنها من مهام المهندسين وبعض التقنيين مثل تقني المعلوميات والمحاسبة والمكتبيات والمتصرفين مع التكوين. وكيف يعقل أن تصر وزارة الداخلية ومعها رؤساء الجماعات الترابية على منح موظفي السلالم الدنيا مهاما كبيرة مثل الاشراف على المنصات الرقمية، وتحملهم عبرها تحصيل المداخيل ومنح رخص التعمير والرخص التجارية وتسيير نفقات ومصاريف الجماعات وتقديم خدمات الحالة المدنية وغيرها و الرقمنة ليست من صلاحياتهم. نتمنى من وزارة الداخلية تسوية وضعية موظفي الجماعات الترابية حاملي الشهادات العليا عبر ادماجهم في السلالم المناسبة في الاجتماع المرتقب مع النقابات يوم 28 ماي 2024 ضمن جولات الحوار القطاعي مع إيجاد حلول لباقي الملفات العالقة مثل ضحايا حذف السلالم الدنيا سنتي 2010 و 2014 وإلا فإننا لا نضمن مدى استمرار هؤلاء الموظفين في تأدية مهام الرقمنة التي ينجزونها طواعية وبشكل مجاني. وفي حالة امتناع المساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين والمحررين ومعظم التقنيين عن مزاولة مهام الرقمنة، ستواجه الوزارة الوصية على قطاع الجماعات الترابية مشاكل كبيرة في تحصيل المداخيل ومنح رخص الرخص الإدارية، وسيؤثر سلبا على التزامات الجماعات وعلى نفقاتها ومختلف الخدمات التي تقدمها للمواطن المغربي.