يعيش حزب الاستقلال على وقع سجال قانوني جديد بين أعضائه وعدد من قيادات الحزب وتياراته، حول احتمالية أن يكون أمينه العام نزار بركة المنتخب، ضمن أول دورة للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، قد "خرق" النظام الأساسي للحزب، وذلك بتأجيله انتخاب "اللجنة التنفيذية" إلى موعد لاحق، بدلًا من انتخابها فور تجديد الثقة فيه لولاية ثانية رأس "الميزان" ضمن أشغال المؤتمر العام الوطني ال18. وفيما يدافع اتجاه من داخل الحزب الاستقلالي عن سلامة هذه الخطوة من الناحية القانونية، حيث يملك بركة حق التأجيل لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر، ترى ثلة من المؤتمرين في هذا التأجيل خرقًا للقانون الأساسي للحزب، الذي ينصّ على وجوب انتخاب "اللجنة التنفيذية" خلال أشغال المؤتمر، لا بعده، مما يثير تساؤلات حول مدى شرعية قرارات المؤتمر، وتأثيرها على نتائجه القانونية، خاصة إذا ما تمسك بعض المؤتمرين بنص القانون الأساسي المصادق عليه من طرف اللجنة التحضيرية التي ترأسها عبد الجباري الراشدي. وفي وقت تؤكد فيه المادة 60 من النظام الأساسي المعدل، على وجوب أن يقدم الأمين العام للحزب، بعد انتخاب بشكل مباشر، لائحة تضم المرشحات والمرشحين للجنة التنفيذية من أجل التصويت عليها من المجلس الوطني، قرر الأمين العام المنتخب بإجماع أعضاء برلمان الاستقلال نزار بركة الإبقاء على دورة المجلس الوطني مفتوحة ومعه تأجيل البت في اللائحة التي سيقدمها لاكتساب عضوية اللجنة التنفيذية الجديدة. وأعلن بركة في أعقاب انتخابه، الإبقاء على دورة المجلس الوطني مفتوحة حتى يتمكن من القيام بالمشاورات الحزبية الضرورية وتوسيع الاستماع للفعاليات المعنية من أجل إعداد اللائحة التي سيقترحها لعضوية اللجنة التنفيذية، تعكس مصلحة الحزب ورهانات تقويته وحدته وتماسك بيته الداخلي. أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، عبد الحافظ أدمينو، أوضح أن الإجراء الذي قام به الامين العام لحزب الاستقلال بتأجيله البت في لائحة الترشيحات مع الابقاء على دورة المجلس الوطني مفتوحة، "هو إجراء قانوني، ولا يمثل خرق للنظام الأساسي للحزب". وأضاف أدمينو في تصريح لجريدة "العمق المغربي"، ما دام أن المجلس الوطني، هو الذي سيقوم بالبت في اللائحة في آخر المطاف، وبما أن الانتخاب يتعلق بنظام اللائحة وليس بالنظام الفردي، فمن المسموح من الناحية القانونية أن يكون هناك تأجيل، اعتبارا لما يقتضيه نظام اللائحة من اتفاق وتشاور، وتدبير لعملية الترشيح مراعاة لتمثيلية الجهات والقطاعات الموزارية". وينتظر أن يقترح الأمين العام المنتخب نزار بركة ضمن أول دورة لبرلمان "الميزان" لائحة وحيدة تضم 30 اسما لاكتساب عضوية اللجنة التنفيذية للحزب، من التصديق عليها من طرف أعضاء المجلس الوطني، بالإضافة إلى أربعة أسماء يختارهم الأمين بموافقة اللجنة التنفيذية المنتخبة. فشلت قيادة حزب الاستقلال في التوافق على لائحة المرشحين لأعضاء اللجنة التنفيذية، مما أدى إلى تأجيل دورة المجلس الوطني لحين حسم هذا الأمر في وقت لاحق، وتم إشعار أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال بتأجيل موعد انتخاب اللجنة التنفيذية للحزب، بعد الفشل في التوافق على لائحة المرشحين للعضوية في اللجنة. وأوضحت مصادر قيادية بحزب الاستقلال، لجريدة "العمق المغربي"، أن خطوة التأجيل الهدف منها تقديم لائحة تتوافق مع تطلعات إنتظارات، مسجلة أن الأمين العام نزار بركة يرغب أيضا في كسب المزيد من الوقت لاختيار اللائحة بعيدا عن أي ضغط. وسيكون حزب الاستقلال مضطرا لانتظار 15 يوما لدعوة المجلس الوطني للانعقاد من جديد للحسم في لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية، هذا في الوقت الذي يسمح فيه القانون للأمين العام نزار بركة بتأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لمدة ثلاثة أشهر. في هذا الصدد، أكد النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية العياشي الفرفار، أن دورة المجلس الوطني لحزب الاستقلال عرفت نقاشين؛ الأول دعا إلى تقديم لائحة المترشحين بشكل مباشر وفي نفس الجلسة، في حين أن هناك من قال بأن الأمر لا يتطلب التسرع، وإنما يقتضي التريث. واعتبر الفرفار، ضمن تصريح ل"العمق" أن وجود 107 مرشحا لعضوية اللجنة التنفيذية يستدعي "تحديد معايير دقيقية لبروفايلات تلائم طبيعة ورهانات المرحلة، وأن اللائحة يجب أن تكون لكل الاستقلاليين والاستقلاليات". ودافع عن تأجيل الحسم في لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية، بالقول: "لابد من التريث ودراسة الملفات والتحاور والتفاوض والنقاش والإنصات لكل المرشحين، من أجل اختيار أعضاء لجنة تنفيذية لعهد جديد وفعل سياسي قادر على تقديم إجابات" مضيفا "ليس المهم السرعة وإنتاج لجنة تنفيذية للحزب، بل نحتاج الوقت الكافي من أجل اختيار لجنة تكون في مستوى وطبيعة المرحلة والرهانات".