تغيرت الأزمنة، وتعاقبت الأجيال، وتوالت الأجيال، لكن يظل الهدف الأسمى هو رقي الشعوب وتطور الوطن. في نزال التعاقب، يطفو دائمًا صراع التيارات بين مؤيد ومعارض من أجل كسب مقعد في سباق الوجود في هياكل الحزب، ويتبادر لنا الجانب الوحشي البشري في استغلال هفوات الآخر وزلاته. تدافع يشوبه تغليب مصلحة الرغبة الشخصية دون أي اعتبار للمكتسبات الفكرية ولتراكم التجارب السياسية النضالية للمتصارعين. لا زلنا نتتبع معالم حرب خفية تجرف من ورائها سقوط ضحايا واحدة تلو الأخرى، من قضية الصفعة إلى قضية العشق الممنوع، وتجر معها الجيوش الإلكترونية إلى استعمال الفضاء الرقمي لنشر غسيل عدو اليوم صديق البارحة. أين هو المشكل؟ ما هذا العبث؟ وما هو المآل؟ قد يقول قائل: تعددت الأسباب والموت واحد، ويعتلي صوت آخر يعيد بصمة أمل عندما يعدد أزمات الحزب التاريخية، ويعتبر أن ما يحصل اليوم هو فقط اندفاع طبيعي في تجمع إنساني. حزب يعد ضمير هذه الأمة ونبراسها. لكن لنكن بنائين وفاعلين في تحمل مسؤولية ما يحصل اليوم، ولنأخذ الأمر من عدة جوانب: * الحزب مطالب بتجديد النخب وضخ دماء جديدة لتصور حزبي ديمقراطي وطني قادر على تعبئة المواطنين في المشاريع الوطنية الراهنة والمستقبلية. * لكن هناك تيارات مستميتة، متمسكة بالكراسي، وبلذة الظهور الإعلامي لتجد لنفسها قطعة في كعكة التعديل الحكومي المقبل، ولتضيف لنفسها سطرًا جديدًا في سيرتها الذاتية المهنية. مشروع إدماج مغاربة العالم من كوادر وكفاءات عالية يعرف مدًا وجزرًا في بحر أهواء من يهمهم الأمر، رغم الإرادة المولوية السامية لإدماج هذه الفئة في المشاركة السياسية والاستفادة من رؤيتهم الشاملة والمتجددة لقضايا المجتمع، وتشربهم لخبرات وتجارب مجتمعات المهجر من أجل تطوير قارتنا الأفريقية، وربط جسور التعاون والتلاقح بين المغرب والعالم أجمع. وقد طال هذا الورش من طرف أشخاص ليس لهم أيّة تجربة في مسار الهجرة وقضاياها. أصبحت لجن مغاربة العالم باب النجاة الأخير لمن لم يجد مقعدًا في هياكل الحزب ليحصل على صفة أو بطاقة انتماء تثبت أنه قيادي حزبي. المثير في الأمر أن هناك من يتكلم باسم مغاربة العالم وقضاياهم وهو لم يتجاوز رقعة 40 كيلومترًا لدواره، كما يحلو للمغاربة التشبيه المجازي لمن لم يغادر رقعة نشأ فيها وترعرع. لهذا نرفع سؤالًا مباشرًا: هل يمكن للجن جلّها من المغرب أن تترافع وتحدث على قضايا 6 مليون مغربي متواجد في أكثر من 15 بلدًا في العالم؟ أترك لكم الإجابة لأن الجواب ضمني داخل السؤال. ثم لنعرج على ورش المناصفة وتواجد المرأة في مناصب القرار، ولنكن واقعيين. فتواجد المرأة في جميع الأحزاب يتقدم، لكن يظل فقط الوردة التي نؤثث بها الفضاءات السياسية والصالونات الفكرية، ماعدا بعض القيادات البارزة اللاتي بدأن تنورن المشهد السياسي على قلتهن. يجب إعطاء الفرصة للشابات والنساء المناضلات للتفكير والتقرير في مستقبل بلدهن، لاسيما أن المعطيات العلمية والتقارير الدولية القيمة توضح مدى تفوقهن في الجانب الأكاديمي والتسييري. ما أحوجنا إلى امرأة من طينة الاستقلالية لالة خنانة بنونة التي جمعت بين الكلمة والفعل في توازن متوازن، ولنشجع المناضلات الشابات لأخذ المسؤولية والريادة في مناصب القرار لتفريخ قيادات مسؤولات فاعلات في مجتمعهن. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فموضوع تقييم أداء الوزراء الاستقلاليين أصبح حديث الساعة في المجلس الوطني والمؤتمر المقبل. فهناك تضارب في الآراء في هذا الباب، إذ يرى البعض ضرورة مراجعة بناءة ونقد ذاتي وفقًا لمبادئ الزعيم علال الفاسي للتغيير في بعض الحقائب الوزارية التي لم تعط أكلها في أوراش المغرب 2030، لتنزيل رؤية مناضلي الحزب وتعزيز الثقة مع المغاربة الذين ينتظرون وزراء جددًا شبابًا، ويطمحون لحزب استقلال قوي بكفاءاته، وضمير حي، ونزاهة فكرية متجذرة من القناعة الوطنية لكل مغربي غيور على وطنه في جميع أرجاء المعمور. * عضو حزب الاستقلال / مغاربة العالم الجهة 13