لا أحد كان يتصور أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي دشن مساره السياسي بالحركة لكل الديمقراطيين بشعاراتها المنتصرة لمسارات المصالحات الوطنية الشجاعة سيصبح موضوع شبهات خطيرة تلصق به اليوم إثر المتابعات التي تلاحق بعض أعضائه بعد تفجر قضية " اسكوبار الصحراء" المتعلقة بالاتجار الدولي بالمخدرات ، مع ما ترتب، ويترتب عن ذلك من انعكاسات على صورة بلادنا أمام العالم، ناهيك عما ألحقته، وتلحقه من أضرار بليغة بصورة السياسة وبالمؤسسات التمثيلية والانتدابية طالما أن المعنيين بالأمر يتحملون مسؤوليات تنظيمية وسياسية وترابية، وهي مسؤوليات لم تسقط من السماء باعتبار أنها ناتجة عن تزكيات، وترتيبات سياسية وتحالفات ودعم واحتضان ،وووو....وهي واقعة تعيد من جديد طرح السؤال المتعلق بالسياسة في علاقتها بالمشروعية الديمقراطية وبالقواعد الأخلاقية التي تؤطر العمل السياسي. ولا نحتاج للرد على الخطابات التي تقلل من حجم الخسائر المترتبة عن ذلك طالما أن التهم والأفعال الجنائية موضوع المتابعة تشكل لوحدها ، ولوحدها فقط، صكوك اتهام للخيوط السياسية التي حولت مشروعا سياسيا محترما إلى دائرة مشبوهة يكاد يتحول معها مجرد النطق بتسمية " الأصالة والمعاصرة" إلى حرج عمومي يضع صاحبه موضع مساءلة سياسية وأخلاقية أمام المجتمع، وأمام كل أطياف الطبقة السياسية والمدنية والإعلامية، وأمام مؤسسات الدولة أيضا. و طالما أن وقائع المتابعة حسب منطوق الوكيل العام للملك تتعلق بأفعال خطيرة تمس سمعة المؤسسات ومصداقيتها، فإن الأمر، والحالة هاته، لا يسمح البتة بالتخفيف من حجم الكارثة، أو بالتهرب من تبعاتها السياسية سيما وأن الأمر يتعلق بحزب سياسي يقوده فريق اختار ،قبل وخلال وبعد مؤتمره الوطني الرابع إلى التحول إلى " مجموعة" نسجت تحالفاتها الداخلية التي ستقودها للمشاركة في الحكومة( بغض النظر عن الطريقة التي تمت) ، مع ما ترتب عن ذلك طبعا ، من توزيع مسؤوليات عمومية وترابية ستسند لبعض المتابعين فيه. وهو ما يشكل بلغة السياسة، وبلغة الدستور، وبلغة الأخلاق ربط المسؤولية بالمحاسبة داخل البيت الحزبي قبل ترتيب جزاءاتها في المجال العمومي. لكن كيف تحول حزب " المصالحة والإنصاف" و" تقرير الخمسينية" الذي انخرطت فيه، واقتنعت به أجيال مختلفة من سياسيين، ومثقفين، وأكاديميين، و حقوقيين، ورجال أعمال محترمين، ومنتخبين نزهاء إلى حزب تلاحقه، بشكل مباشر أو غير مباشر شبهات خطيرة تسائل اليوم ذمته الأخلاقية والقيمية قبل السياسية ، تلك التي أسماها أحد الصحفيين " بالانزلاق السلوكي" أمام المنحى الجديد الذي برز في الساحة السياسية بتعبيد الطريق لتسلل نماذج مافيوزية إلى الأحزاب السياسية والى مراتب متقدمة في المسؤوليات العمومية؟ وإذا كان الزمن السياسي لا يسمح بالعودة للتذكير بمجمل الانزلاقات التي عاشها حزب الأصالة والمعاصرة قبل، وخلال، وبعد المؤتمر الوطني الرابع، والتي قد تفسر إلى حد بعيد جزءا مما يجري ، فإن الواجب الوطني يفرض تحميل المسؤولية في مجريات هذه الوقائع الخطيرة لكل الذين نسجوا تحالفات حزبية داخلية ،بوعي أو بدون وعي، مع ما صاحبها من نشوة الانتصار الصبياني على خيرة مناضلات ومناضلي الحزب، وتحويله إلى وكالة جهوية خاصة ستفضي عمليا إلى إفراغه من أطره البارزة،ومن مؤسسيه،و مناضليه ومثقفيه مقابل تغليب كفة التحالف المصلحي الانتخابوي الذي سيعمل جاهدا على المشاركة في الحكومة بأي شكل من الأشكال، والتخلص من شعاراته التأسيسية التي شكلت حاضنة لمختلف التيارات والحساسيات السياسية والثقافية والحقوقية المختلفة. واليوم، حيث كان من المفروض أن يقدم الحزب- المجموعة حصيلة مشاركته في التدبير الحكومي أمام المغاربة ، فإن السياق ، مع الأسف، يتطلب ( قبل ذلك) إحصاء وتقييم حجم الخسائر المترتبة عما يجري ، والشروع في إجراء عملية تطهيرية لترميم صورة الحزب أمام المغاربة قبل أي استحقاق تنظيمي طالما أن شروط إعادة إنتاج نفس البنية التنظيمية والسياسية تظل قائمة بكل جيناتها ومركباتها ومصالح المجموعة التي تتحكم في الحزب. عبد المطلب أعميار- رئيس المؤتمر الوطني الرابع.